شارك أكثر من ألفي شخص، الأحد 15 مايو/أيار 2022، في أول مظاهرة وسط العاصمة التونسية تنظمها "جبهة الخلاص الوطني" التي شكلتها مؤخراً خمسة أحزاب معارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد، وأبرزها خصمه اللدود حزب النهضة.
تأتي هذه التظاهرة، بعد شهور من الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد، بعد أن أعلن قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو توليه كامل السلطتين التنفيذية والتشريعية معلقاً نشاط البرلمان، وبات يحكم مذاك بمراسيم وأوامر رئاسية. وفي خطوة جديدة اتخذت في نهاية آذار/مارس، حلّ البرلمان وغير تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
دعوات لإنهاء "الانقلاب"
بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فقد تجمع ما بين ألفين وثلاثة آلاف متظاهر أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة، رافعين لافتات بالعربية والإنجليزية كُتب على بعضها "يسقط الانقلاب" و"لا ديمقراطية دون سلطة تشريعية" و"لا لخطابات التحريض".
المحتجون هتفوا بشعارات مناهضة للرئيس، من بينها "الشعب يريد ما لا تريد"، وطالبوا بـ"احترام الدستور والعودة إلى الديمقراطية".
فضلاً عن المأزق السياسي الذي أصاب البلاد، تغرق تونس في أزمة اقتصادية خطيرة مع تباطؤ النمو وازدياد البطالة وتسارع التضخم الذي تفاقمه الحرب في أوكرانيا والمديونية المفرطة التي دفعتها إلى طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
وتحت ضغط من خصومه الذين اعتبروا تدابيره "انقلاباً على الدستور" ومن المجتمع الدولي القلق من ميوله الاستبدادية، أعلن سعيّد عن خريطة طريق تنصّ على إجراء استفتاء على تعديلات دستورية قيد الإنجاز في 25 تموز/يوليو وانتخابات تشريعية في 17 كانون الأول/ديسمبر.
تحالفات جديدة
لكن حشد الأحد أقل كثافة مما كان متوقعاً في وقت يُعتقد أن "جبهة الخلاص الوطني" التي تشكلت في 26 نيسان/أبريل بزعامة السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي ستجذب أنصاراً جدداً للمعسكر المناهض لرئيس الجمهورية.
وكانت التظاهرات التي نظمها في الأشهر الأخيرة حزب النهضة الإسلامي وحركة "مواطنون ضد انقلاب" حشدت ما يصل إلى سبعة آلاف متظاهر.
من جانبه، قال صلاح التيزاوي (57 عاماً)، وهو موظف في القطاع الخاص، لوكالة رويترز: "مقاومتنا السلمية مستمرة في الشوارع حتى نستعيد حريتنا وديمقراطيتنا"، مشيراً إلى أنه سُجن قبل الثورة لمشاركته في احتجاجات.
أشار التيزاوي إلى الحضور القوي لمن تجاوزا سن الأربعين، معتبراً أن "هؤلاء من عانوا من الديكتاتورية ولم يعودوا يريدونها".
وفي سياق قريب، قال خالد بن عبد الكريم (60 عاماً) وهو أيضا مدرس، إنه صوّت لأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد في انتخابات العام 2019. لكنه بات يعتبر أن الرئيس "خان الشعب، وسرق الديمقراطية. ليس له مشروع سياسي ولا مشروع اقتصادي، ناهيك عن خضوعه لقوى أجنبية".
يذكر أن قيس سعيد يرفض دعوات لإجراء حوار شامل مماثل قائلاً إن من عارضوا إجراءاته يجب ألا يشاركوا في أي مناقشات حول مستقبل تونس، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد.
وقال السياسي المخضرم نجيب الشابي، في كلمة أمام المحتجين: "التونسيون يرفضون تغيير هيئة الانتخابات… التونسيون موجودون هنا لرفض استفتاء سعيد".
في المظاهرة الأخرى، الأحد، بالعاصمة، احتشد أنصار الحزب الدستوري الحر، والذي يوجه انتقادات كثيرة للسياسات الديمقراطية في البلاد منذ الانتفاضة، ويقول إن العشر سنوات الماضية "كانت عشرية خراب"، للاحتجاج على مسعى سعيّد لتغيير النظام السياسي بشكل فردي.