كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن تعليمات وُجهت لقضاة التحقيق في الجزائر؛ من أجل تحويل القضايا الجنائية المتعلقة بالنشطاء السياسيين والحقوقيين المعتقلين إلى جُنَح؛ تمهيداً لإطلاق سراحهم.
وأضافت المصادر نفسها أن تحويل القضايا من جنائية لجنح في الجزائر سيُثمر إصدار أحكام مخففة في حقهم، وهي المدة التي سيكونون قد قضوها في السجن الاحتياطي؛ ما يعني خروجهم.
وكانت السلطات القضائية بالجزائر قد أطلقت سراح العشرات من الناشطين في الحراك الشعبي قبل عيد الفطر دون سابق إنذار، لتأتي فيما بعدُ برقية وكالة الأنباء الجزائرية، لتكتشف أن تبون يريد فتح صفحة جديدة.
تفاصيل لم الشمل في الجزائر
قالت مصادر "عربي بوست" إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يخطط لغلق ملف الحراك الشعبي نهائياً، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والتصالح مع معارضة الخارج، قبل الاحتفالات بالذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر يوم 5 يوليو/تموز القادم.
وبهذا المسعى يكون الرئيس الجزائري قد كرر تجربة "الوئام المدني"، التي قام بها سلفه الرئيس الأسبق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، لإنهاء الحرب الأهلية التي عاشتها الجزائر سنة 1992.
المصالحة التي ينوي تبون إرساءها في الجزائر، تقول مصادر "عربي بوست": إنها ستمتد إلى داخل النظام السابق؛ إذ من المتوقع أن يُرى بعض رموزه خارج السجن قبل شهر يوليو/تموز 2022.
كما يُتوقع أن يفرج في مصالحة "لم الشمل في الجزائر" عن كثير من المسؤولين الأمنيين السابقين؛ إذ يوجد حالياً عشرات الجنرالات والضباط في السجون العسكرية.
وكانت الجزائر قد أفرجت عن أهم الجنرالات في مدة بوتفليقة الرئاسية، وأبرزهم مدير جهاز المخابرات لربع قرن، محمد مدين.
"الماك" و"الفيس" يرحبون
أعلن نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) منذر بوذن، أن أعضاءً من حركة تقرير المصير في منطقة القبائل (انفصالية)، والجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة)؛ عبروا عن استعدادهم للانخراط في مسعى "اليد الممدودة" للرئيس عبد المجيد تبون.
وقال بودن، في تصريح خاص لقناة "النهار الجزائرية"، إن "كثيراً من "المغرر" بهم في الخارج سيعودون للجزائر لممارسة نشاطهم السياسي بطريقة عادية، والاستفادة من مبادرة الرئيس".
يذكر أن الجزائر كانت قد صنفت حركتي الماك الانفصالية ورشاد الإسلامية حركتين إرهابيتين، وطالبت الدولَ التي يقيم فيها زعماؤها بتسليمهم لها.
وبالمقابل كشفت الناشطة بالخارج صوفيا بن لمان، التي دخلت الجزائر لأول مرة منذ سنوات قبل شهر، أن كثيراً من النشطاء المعارضين الجزائريين في الخارج يودون العودة إلى بلادهم.
وأضافت الناشطة في حوار تلفزيوني مع إحدى القنوات الجزائرية الخاصة، أن كثيراً من أمثالها، الذين تمادوا في مهاجمة بلادهم من الخارج، يريدون أن يعارضوا من الداخل.
الجزائر تفتح أبوابه
ولمَّحت وكالة الأنباء الجزائرية، في مقال لها نُشر يوم عيد الفطر، إلى اتخاذ تبون إجراءات تصالحية وصفته فيها بـ"الرئيس الجامع للشمل".
وقالت الوكالة الرسمية: "الرئيس تبون، الذي انتُخب من قِبل كل الجزائريين الذين يتطلعون إلى جزائر جديدة، هو رئيس جامع للشمل؛ إذ نجح في توحيد الشباب والمجتمع المدني خلال حملته الانتخابية، ليشكل انتخابه أول تداول ديمقراطي في تاريخ البلاد".
وأضافت: "يد عبد المجيد تبون، وهو رئيس لطالما اهتم بالنقاش السائد في المجتمع، ممدودة للجميع، بشكل دائم، ما عدا الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء، وأولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم؛ فهو ليس من دعاة التفرقة، بل بالعكس تماماً".
وجاء في المقال أيضاً: "يجب أن يعرف أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، أن الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة، فكلمة إقصاء لا وجود لها في قاموس رئيس الجمهورية، الذي يسخّر كل حكمته للمّ شمل الأشخاص والأطراف التي لم تكن تتفق في الماضي".
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”