أثارت خطوة موسكو بقطع مبيعات الغاز فجأة على بولندا وبلغاريا مخاوف ألمانيا التي تخشى من أن روسيا قد تقطع عنها إمدادات الغاز إذا لم تمتثل لمرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين، إذ زادت خطوة الكرملين من الضغط على الدول التي تعتمد بقوة على الغاز الروسي، ومنها إيطاليا وألمانيا والنمسا، لكي تخضع لإصرار بوتين بأن "الدول غير الصديقة يجب أن تدفع فواتيرها بالروبل".
صحيفة The Times البريطانية قالت نقلاً عن أحد الخبراء أن الدول المُستورِدَة للغاز من الاتحاد الأوروبي ستستسلم لهذا القرار مع حلول موعد سداد فواتيرهم في الأسابيع المقبلة، رغم ما يعنيه ذلك من تمويل الكرملين بعملته.
أورسولا فان دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أدانت الأربعاء 27 أبريل/نيسان، هذا قرار روسيا، واعتبرته "ابتزازاً" وتوعدت بردٍّ فوري من الاتحاد الأوروبي، مع الإجماع المتزايد من الأعضاء حول فرض عقوبات على واردات النفط الروسي. وتعتمد بعض دول الاتحاد بقوة على الغاز الروسي، ومع ذلك، تقف أمام الاختيار ما بين تلبية مطالب بوتين ومنع الأموال عنه.
وبموجب التدابير التي وضعتها موسكو، يجب على شركات الطاقة في الاتحاد الأوروبي الدفع باليورو أو الدولار مقابل وارداتها من الغاز، على أن يحول الذراع المالي لشركة الغاز المملوكة للحكومة الروسية Gazprom هذه الأموال. وعُوقبت بولندا وبلغاريا لفشلها في استخدام هذه الآلية عندما حلّ موعد سداد فواتيرها لشركة Gazprom.
وفي هذا السياق، قالت كاتجا يافيمافا، الزميلة الباحثة الأولى في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة: "أرسل هذا إشارة شديدة الوضوح بأنَّ موسكو لن تقدم أية استثناءات للاستمرار في إجراءات الدفع القديمة، وإذا لم تُقدِّم المدفوعات وفق الإجراء الجديد، فستجد نفسك أمام سيناريو واقعي يشمل قطع الإمدادات عنك".
من جانبها، قالت بولندا إنها في وضع يسمح لها بالتغلب على منع إمدادات الطاقة الروسية، لكن شعرت دول أخرى بالتوتر، وتحديداً بعد ارتفاع أسعار الغاز الأوروبي لفترة وجيزة بمقدار الخُمس يوم الأربعاء 27 أبريل/نيسان.
وأعربت ألمانيا، التي تشتري نحو 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا ولا يمكنها إيجاد بديل لهذه الواردات بأكملها قبل 2024، عن "قلقها" من هذا التطور، وقالت إنها تراقب الأسواق عن كثب. ويقدر البنك المركزي الألماني بأن الاقتصاد الوطني سينكمش بنسبة 5% إذا قطعت موسكو إمدادات الغاز، وقد يرتفع التضخم بمقدار نقطتين عن المستوى الحالي الذي يزيد قليلاً على 6%.
قال لورينت روسيكاس، محلل الغاز في شركة S&P Global الأمريكية للتحليلات والمعلومات المالية، إنَّ هذه المخاطر ستجبر على الأرجح الكثير من دول الاتحاد الأوروبي على الامتثال لمطالب بوتين، على غرار المجر.
وقال العديد من القادة الغربيين إنهم لن يسمحوا بالدفع بالروبل مقابل الغاز الروسي. ومع ذلك يجادل الخبراء أنَّ الطبيعة المعقدة لهذا التدبير قد تُمكِّن الشركات من تبنيه، وفي الوقت نفسه الإصرار على أنها لا تزال تدفع باليورو والدولار، فيما يرى روسيكاس أنه "من المرجح بقوة أن أغلب النظراء الأوروبيين سيسايرون هذا التدبير، وأياً كان ما قالوه عن عدم الدفع بالروبل، فتجاهله".
وقال مسؤول غربي إن سياسة Gazprom ربما يترتب عليها نتائج عكسية على المدى الطويل من خلال تسريعها ابتعاد أوروبا عن الوقود الأحفوري الروسي. وأضاف: "قد تكون غير مثمرة في التوضيح للجميع لماذا الاعتماد على روسيا يجعلهم عُرضة للإكراه من هذا النوع".