قالت صحيفة Washington Post الأمريكية إن "شبكة سرية" من مخربي السكك الحديدية في بيلاروسيا أحدثوا دماراً في خطوط الإمداد الروسية التي كانت تعتمد على خطوط السكك الحديدية التي تربط بيلاروسيا بأوكرانيا.
في تقرير نشرته الأحد 24 أبريل/نيسان 2022، أوضحت الصحيفة البريطانية أنه عندما تدفقت القوات الروسية لأول مرة عبر الحدود البيلاروسية إلى أوكرانيا كانت تعتزم الاعتماد على شبكة السكك الحديدية الواسعة في المنطقة للحصول على الإمدادات والتعزيزات، لكن لم يأخذ الروس بعين الاعتبار "مخربي السكك الحديدية" في بيلاروسيا.
"شبكة سرية" في بيلاروسيا
فقد بدأت شبكة سرية ابتداءً من الأيام الأولى للعملية العسكرية في فبراير/شباط الماضي، تتكون من عمال السكك الحديدية والمتسللين وقوات الأمن المنشقة، في تعطيل خطوط السكك الحديدية التي تربط روسيا بأوكرانيا عبر بيلاروسيا، مما أحدث دماراً في خطوط الإمداد الروسية.
ورأى التقرير أن مخربي السكك الحديدية في بيلاروسيا لعبوا دوراً في تأجيج الفوضى اللوجستية التي اجتاحت الروس بسرعة، تاركين الجنود الذين تقطعت بهم السبل على الخطوط الأمامية بدون طعام ووقود وذخيرة في غضون أيام من الغزو.
إلى ذلك، وصف أعضاء في هذه الشبكة الهجمات بالبسيطة لكنها فعالة، حيث استهدفت غرف التحكم الخاصة بالسكك الحديدية. ولأيام متتالية، كانت حركة القطارات مشلولة، مما أجبر الروس على محاولة إعادة إمداد قواتهم براً.
بدوره، قال يوري رافافوي، الناشط والنقابي البيلاروسي الذي هرب إلى بولندا تحت التهديد بالاعتقال خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت بيلاروسيا في عام 2020، إن الهجمات أتاحت بعض الوقت للقوات الأوكرانية لإعادة صفوفها.
مهام مختلفة لثلاث مجموعات
في موازاة ذلك، رفض المشاركون في الشبكة السرية الكشف عن تفاصيل دقيقة عن كيفية تنفيذ الهجمات ومن قام بها، مشيرين إلى الحاجة للسرية.
إذ شاركت ثلاث مجموعات رئيسية، تمثل عمال السكك الحديدية والمنشقين عن قوات الأمن والمتخصصين في مجال الإنترنت، حسبما قال المقدم ألكسندر أزاروف، المسؤول الأمني السابق الذي يعيش في وارسو والذي يرأس مجموعة القوة الأمنية المسماة بيبول.
كما قام موظفو السكك الحديدية المتعاطفون مع الثوار بتسريب تفاصيل التحركات الروسية ومواقع البنية التحتية للسكك الحديدية الرئيسية. وقال أزاروف إن المؤيدين على الأرض يتواصلون لتنفيذ الهجمات، لكن لا يوجد تسلسل رسمي للقيادة.
أما المجموعة الثالثة، Cyber Partisans، فتتكون من متخصصي تكنولوجيا المعلومات المنفيين الذين نفذوا العديد من الهجمات الإلكترونية على الحكومة البيلاروسية منذ عام 2020.
فقد شن قراصنة التكنولوجيا الهجوم الأول، حيث اخترقوا شبكة الكمبيوتر للسكك الحديدية في الأيام التي سبقت العملية العسكرية، واضطربت حركة السكك الحديدية قبل أن تعبر القوات الروسية الحدود.
تسلل وقرصنة إلكترونية
من جهتها، أضافت يوليانا شيميتوفيتس، المتحدثة باسم المجموعة، ومقرها نيويورك، أن التسلل إلى أجهزة كمبيوتر شبكة السكك الحديدية كان سهلاً نسبياً، لأن شركة السكك الحديدية لا تزال تستخدم نظام التشغيل Windows XP، وهو إصدار قديم من البرنامج يحتوي على العديد من نقاط الضعف.
ابتداءً من 26 فبراير/شباط الماضي، وبعد يومين من بدء العملية العسكرية الروسية، أدت سلسلة من خمس هجمات تخريبية ضد غرف التحكم إلى توقف حركة القطارات بشكل شبه كامل، كما قال سيرغي فويتكوفيتش، موظف سكك حديد سابق يقيم الآن في بولندا.
بحلول 28 فبراير/شباط، بدأت صور الأقمار الصناعية تُظهر القافلة التي يبلغ طولها 40 ميلاً من الشاحنات والدبابات الروسية متجهة ظاهرياً من بيلاروسيا نحو كييف. وفي غضون أسبوع، توقفت القافلة تماماً، بسبب نفاد الوقود من المركبات أو تعطلها.
منذ ذلك الحين، بذلت السلطات البيلاروسية جهوداً مكثفة لمنع الهجمات وتعقب المخربين. كذلك، قررت وزارة الداخلية أن الإضرار بالبنية التحتية للسكك الحديدية عمل إرهابي وجريمةٌ عقوبتها السجن 20 عاماً.
بينما قال الناشطون إن العشرات من عمال السكك الحديدية اعتُقلوا عشوائياً وفُتشت هواتفهم بحثاً عن أدلة على اتصالهم بالشبكة.
يشار إلى أنه بحسب جماعات حقوق الإنسان، هناك ما لا يقل عن 11 بيلاروسيّاً رهن الاحتجاز، متهمين بالمشاركة في الهجمات.