بدأ الناخبون في فرنسا الإدلاء بأصواتهم، الأحد 24 أبريل/نيسان 2022، في الجولة الثانية والحاسمة من انتخابات الرئاسة، التي ستقرر ما إذا كان الرئيس إيمانويل ماكرون المنتمي لتيار الوسط والمؤيد للاتحاد الأوروبي سيحتفظ بمنصبه، أم ستطيح به مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، والذي قد يكون بمثابة زلزال سياسي.
صناديق الاقتراع فُتحت في الساعة الثامنة صباحاً (06:00 بتوقيت غرينتش) وتُغلق عند الثامنة مساء (18:00 بتوقيت غرينتش)، ومن المنتظر أن تظهر التوقعات الأولية فور إغلاق الصناديق.
قبل بدء الانتخابات، حذّر ماكرون، البالغ من العمر 44 عاماً، من "حرب أهلية" إذا فازت لوبان، التي تشمل سياستها حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، ودعا ماكرون الديمقراطيين من جميع الأطياف إلى دعمه في مواجهة اليمين المتطرف.
أما لوبان (53 عاماً) فقد ركزت حملتها على ارتفاع تكاليف المعيشة، في سابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ يقول الكثير من الفرنسيين إن تكاليف المعيشة زادت بصورة كبيرة مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
ركزت لوبان أيضاً على أسلوب ماكرون في قيادة البلاد، والذي تقول إنه يظهر ازدراء النخبة لعامة الناس، وأضافت في تجمع حاشد في بلدة أراس بشمال فرنسا، الخميس 21 أبريل/نيسان 2022: "السؤال يوم الأحد بسيط، ماكرون أم فرنسا؟"، ولاقت رسالة لوبان صدى لدى العديد من الناخبين.
ترقب لمفاجآت بالانتخابات
يأتي هذا بينما كانت استطلاعات الرأي قد أظهرت في الأيام القليلة الماضية تقدم ماكرون على منافسته بفارق لا بأس به، وقال محللون إن لوبان ما زالت غير مستساغة بالنسبة لكثير من الناخبين، رغم جهودها لتحسين صورتها، والتخفيف من حدة بعض سياسات حزب التجمع الوطني الذي تتزعمه.
لكن لا يمكن استبعاد أن تحقق لوبان فوزاً مفاجئاً، بالنظر إلى العدد الكبير من الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم، أو غير متأكدين مما إذا كانوا سيصوتون أصلاً في الجولة الثانية من الانتخابات.
كذلك لا يمكن لأي مرشح، وفقاً لاستطلاعات الرأي، أن يعول فحسب على المؤيدين الملتزمين، لذا سيتوقف الكثير على مجموعة الناخبين الذين يوازنون بين تداعيات اختيار رئيس من اليمين المتطرف، وبين الغضب من سجل ماكرون منذ انتخابه في عام 2017.
إذا فازت لوبان فمن المرجح أن يثير ذلك نفس الشعور بحالة الاضطراب السياسي التي أعقبت تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في عام 2016.
إريكا هيربين، وهي حارسة بأحد السجون، والتي يبلغ عمرها 43 عاماً، أبدت تأييدها للوبان، وقالت "إنها قريبة من الناس، ويمكنها حقاً منح القوة الشرائية للناس وجعلهم يبتسمون".
لكن لا يتفق آخرون، مثل جيسلين مادالي (36 عاماً)، مصففة الشعر، في أوزير بوسط فرنسا، مع لوبان، وقالت إنها ستصوت لصالح ماكرون خشية ما ستكون عليه رئاسة لوبان، لكنها قالت إن كثيرات من زبائنها سيصوتن لصالح لوبان لأن ماكرون لا يعجبهن.
مادالي، التي تعود جذور عائلتها إلى المغرب، قالت عن لوبان "أجد ذلك (التصويت لها) كارثياً لأنها عنصرية. أنا قلقة على نفسي وعلى أبنائي".
ترفض لوبان، التي انتقدها ماكرون أيضاً بسبب إعجابها في الماضي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتهامها بالعنصرية، وقالت إن خططها لإعطاء الأولوية للمواطنين الفرنسيين في الإسكان الاجتماعي والوظائف وإلغاء عدد من مزايا الرعاية الاجتماعية للأجانب، ستفيد جميع الفرنسيين بغض النظر عن دينهم أو أصولهم.
يتوقع أنه في حال فاز ماكرون بفترة رئاسية ثانية، فمن المرجح استمرار الاحتجاجات على خطته لمواصلة الإصلاحات التي تهدف لتشجيع بيئة الأعمال التجارية، بما في ذلك رفع سن التقاعد من 62 إلى 65 عاماً.
أما إذا تمكنت لوبان من الإطاحة به فسوف تسعى إلى إجراء تغييرات جذرية في سياسات البلاد المحلية والدولية، ويمكن أن تبدأ احتجاجات في الشوارع على الفور. وسيصل صدى الصدمة إلى جميع أنحاء أوروبا وخارجها.
بغض النظر عمن سيفوز، سيكون التحدي الرئيسي الأول لمن سيفوز بالرئاسة، الفوز أيضاً في الانتخابات البرلمانية، في يونيو/حزيران 2022، لتأمين أغلبية يمكنها مساندة تنفيذ برنامجه.