شنت القوات الروسية، السبت 23 أبريل/نيسان 2022، هجوماً على مصنع "آزوف ستال" للصُّلب، الذي يُمثل آخر حصون القوات الأوكرانية في مدينة ماريوبول المحاصرة جنوب شرقي البلاد، والتي تعرضت لهجوم عنيف من قبل القوات الروسية.
جاء ذلك بحسب ما نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مستشار الرئيس الأوكراني أوليكسي أريستوفيتش، خلال موجز صحفي، اليوم السبت.
مستشار الرئاسة الأوكرانية قال إن "القوات الروسية استأنفت ضرباتها الجوية على المصنع الضخم وحاولت اقتحامه، ما يمثل تراجعاً عن أمر أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين".
كان الرئيس الروسي بوتين قد أمر وزير دفاعه يوم الخميس 21 أبريل 2022 بحصار مجمع أزوف ستال بدلاً من محاولة اقتحامه، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
ُيقدر المسؤولون الأوكرانيون وجود نحو 2000 جندي أوكراني داخل المصنع إلى جانب نحو 1000 مدني يحتمون في الأنفاق تحت الأرض، وفقاً لوكالة الأناضول.
تؤكد كييف أن مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية التي تقول موسكو إنها "حررتها"، ما زالت تقاوم القوات الروسية، مشيرة إلى وجود آلاف المقاتلين الأوكرانيين في مجمع "آزوف ستال" الهائل.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال إن "حوالي ألف مدني بينهم نساء وأطفال ومئات الجرحى" لجأوا إلى هذا المجمع الهائل، إلى جانب المقاتلين، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يتهم بوتين، كييف، بأنها ترفض استسلام آخر الجنود الأوكرانيين الموجودين في المنطقة الصناعية في "آزوف ستال"، بينما يقول الجيش الروسي إنه مستعد للالتزام "في أي وقت" بهدنة "على كل أو جزء" من هذا الموقع للسماح بإجلاء المدنيين وتسليم المقاتلين.
مصنع تاريخي في ماريوبول
تعود بدايات مجمع "آزوف ستال" إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حسب العرض التاريخي المنشور على المواقع الإلكتروني للمجمع، ففي الثاني من فبراير/شباط 1930، قرر المجلس الأعلى للاقتصاد الوطني الذي كان يتولى إدارة السياسة الاقتصادية للاتحاد السوفييتي السابق، بناء مصنع جديد للحديد والصلب في ماريوبول.
في 1933، بدأ إنتاج الحديد في الموقع. بعد ذلك بعامين بدأ إنتاج الفولاذ، وفي السابع من أكتوبر 1941، بعيد غزو الجيش الألماني لأراضي الاتحاد السوفييتي، توقف الإنتاج وغادر آخر الموظفين الموقع في اليوم التالي.
بعد ذلك بعامين في السابع من سبتمبر 1943، فجّر جيش ألمانيا النازية كل المنشآت وترك الموقع في حالة خراب، لكن أعيد بناء مصانع الصلب بسرعة بعد رحيل الألمان.
في 2006، اشترت الموقع مجموعة "ميتينفست" التي يسيطر عليها أغنى رجل في أوكرانيا رينات أحمدوف، وكان هذا الثري الأوكراني القريب من السلطة يعد موالياً لروسيا من قبل، لكنه دان في مارس "جرائم ضد الإنسانية"، وتعهد بعدم مغادرة أوكرانيا.
قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا يوم 24 فبراير 2022، كان مجمع "آزوف ستال" ينتج سنوياً 5.7 مليون طن من الحديد، و6.2 مليون طن من الصلب، و4.7 مليون طن من المنتجات المصقولة، كما ورد على موقعه الإلكتروني، ما جعله واحداً من أكبر مصانع الصلب في أوروبا.
كان إدوارد باسورين ممثل القوات الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك، قد قال مطلع أبريل 2022 "إنها مدينة داخل المدينة، وهناك عدة مستويات تحت الأرض منذ الحقبة السوفييتية، وليس من الممكن قصفه من الأعلى، بل يجب تنظيف تحت الأرض. هذا سيستغرق بعض الوقت".
يبدو الموقع مثالياً لحرب الشوارع، في منطقة تمتد على مساحة عدة كيلومترات مربعة تعبرها سكك حديد وفيها مستودعات وأفران لفحم الكوك ومداخن، يضاف إليها كلها كيلومترات من الأنفاق.