أظهر استطلاع للرأي تذمراً واسعاً بين سكان مدينة جدة السعودية من عمليات الهدم والإخلاء القسري التي نفذتها الحكومة بحقهم، وذلك وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 20 أبريل/نيسان 2022.
حيث أظهر الاستطلاع الذي أجرته منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان التي يقع مقرها بالمملكة المتحدة، أن غالبية المشاركين في الاستبيان من المتأثرين بعمليات الهدم لم يحصلوا على إشعارٍ قبل الإخلاء بفترةٍ كافية، كما لم تُعرَض عليهم أي تعويضات مقابل خسائرهم.
وأجْلت السلطات السعودية مئات الآلاف من السكان عن منازلهم بين أواخر 2021 ومطلع 2022، ضمن خطةٍ أوسع لتطوير جدة وفقاً للحكومة.
تسبب برنامج الهدم واسع النطاق والنزوح الناجم عنه في أزمة إسكان، وارتفاع جنوني بأسعار الإيجارات في المدينة، لدرجة أن إيجارات بعض الوحدات السكانية تضاعفت في غضون أيام، بحسب السكان الذين عجز العديد منهم عن تحمُّل الأسعار الجديدة.
بعض السكان أفادوا لموقع Middle East Eye البريطاني في يناير/كانون الثاني 2021، بأنهم اضطروا إلى وضع أثاثهم في العراء، مُحتمين أسفل الجسور وفقاً لشهود عيان، فيما قال أحد السكان إن بعض الأسر اضطرت إلى النوم داخل السيارات.
ترحيل دون إنذار
من جانبها، استطلعت منظمة القسط آراء سكان جدة الذين تعرضوا للإجلاء أو خسروا منازلهم نتيجة الهدم، ورغم أن السلطات تزعم أنها أخطرت الجميع مسبقاً، فإن المشاركين في الاستطلاع رسموا صورةً مخالفة لمزاعم السلطات.
إذ تلقَّى 60% من المشاركين إنذاراً مسبقاً، لكن العديد منهم قالوا إن الوقت الفاصل بين الإخطار والهدم الفعلي كان قصيراً للغاية.
في حين لم يحصل 37% على أي إخطارٍ مطلقاً، بحسب استطلاع "القسط". بينما أُجبِرَ آخرون على الخروج من منازلهم بعد قطع الخدمات عنهم، مما جعل الأوضاع غير صالحةٍ للحياة.
كما زعم نحو 63% من المشاركين أنهم لم يحصلوا على معلومات واضحة حول عمليات المطالبة بالتعويضات مقابل الهدم. وأشار الاستطلاع كذلك إلى أن 71% على الأقل، من المشاركين لم يجرِ إخطارهم بوجود تعويضات من الأساس.
وقد دعت منظمة القسط السلطات السعودية إلى "احترام حقوق المواطنين في مسكنٍ لائق، وفتح تحقيقٍ عاجل وشفاف في عمليات الإخلاء الجماعية التي حدثت".
تُعَدُّ جدة ثاني أكبر مدن المملكة العربية السعودية، ويقطنها 4.5 مليون نسمة. وتُعتبر مركزاً اقتصادياً مهماً، وبوابةً لملايين المتجهين إلى مكة سنوياً من أجل أداء فريضة الحج.
وتقع المناطق التي جرى هدمها حتى الآن في جنوب جدة، وهو الجزء الذي يرى كثيرون أنه قلب وروح المدينة الواقعة على شاطئ البحر الأحمر.
حيث كان جنوب جدة مركزاً اجتماعياً نابضاً بالحياة، ويضم مجموعات عرقية مختلطة استقرت هناك منذ عقود. لكنه تخلَّف عن ركب مشاريع التطوير في خضم توسُّع المدينة شمالاً على مدار السنين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان، عن خططه لبناء "وسط جدة"، وهو مشروعٌ يهدف إلى إنشاء "وجهةٍ عالمية مُطلَّة على البحر الأحمر" في شمال المدينة.
من ناحيته قال أحد السكان للموقع البريطاني في يناير/كانون الثاني: "نحن لسنا ضد التطوير، فالناس هنا يريدون أن تصبح السعودية أفضل مكانٍ في العالم. نحن ندعم هذه المشروعات، لكن لا يمكنك أن تطرد الناس من أماكنهم بهذه الطريقة".