كشف مسؤولون في حزب مرشحة اليمين المتطرف لانتخابات الرئاسة بفرنسا، مارين لوبان، أن الأخيرة تراجعت عن فكرة "حظر الحجاب في الأماكن العامة"، وأن هذه القضية "لم تعد على رأس أولوياتها" في النضال ضد ما وصفوه بـ"التشدد الإسلامي".
جاء تغير موقف لوبان قبل أسبوع واحد فقط من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستُجرى يوم 24 أبريل/نيسان 2022، حيث تواجه الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون.
لوبان قالت السبت 16 أبريل 2022 إن الحجاب "مشكلة معقدة"، لكنها في المقابل أكدت على أنها "غير محدودة التفكير" وأن مشروع الحظر المثير للجدل هذا سيطرح للنقاش في الجمعية الوطنية.
في السياق ذاته، خفف المتحدث باسم لوبان، سيباستيان شون، من حدة المواقف المعارضة لأنصار حزبه ومرشحته للرئاسة من الحجاب الإسلامي، وقال في تصريحات لقناة "بي إف إم تي في" الفرنسية، الأحد 17 أبريل 2022، إنه في حال انتخاب لوبان "ستكلف البرلمان بتحديد تفاصيل هذه المسألة".
أضاف شون أن البرلمان الفرنسي "هو من سينظر في قضية حظر الحجاب، ويقدم الحلول العملية كي لا تتأثر مثلاً سيدة في السبعين من العمر تضع الحجاب منذ سنوات بهذا التدبير"، وأوضح أن هذه الفئة من المسلمات "ليست الجهة المستهدفة"، قائلاً: "نحن نستهدف المتشددين الإسلاميين".
من جانبه، لفت رئيس بلدية بربينيان (جنوب فرنسا) لوي أليو، الذي ينتمي بدوره إلى حزب لوبان "التجمع الوطني" في حلقة إذاعية، إلى أن جوهر القانون يقضي بحماية "هؤلاء اللواتي يخضعن لضغوط" عائلية أو اجتماعية أو طائفية.
من جهته، أوضح جوردان بارديلا، نائب رئيسة "التجمّع الوطني"، أن "الحجاب سيحظر في المباني والإدارات العامة كافة وسنتيح أيضاً بطبيعة الحال لمديري الشركات حظر المظاهر السياسية- الدينية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
بارديلا أكد أيضاً على أن حظر الحجاب هو "الهدف على المدى الطويل"، متحدثاً عن التمييز بين "حجاب الفرنسيات المتأتيات من موجات الهجرة في الستينات والسبعينيات. والحجاب الذي بات اليوم ورقة ضغط بين أيدي المتشدّدين الإسلاميين وانتقاصاً للمساواة بين الرجل والمرأة"، وفق تعبيره.
يأتي التغير في موقف لوبان بعدما احتدم الجدل بينها مع ماكرون، الذي سعى لاستغلال إصرارها على فكرة حظر الحجاب، وقال ماكرون إن سياسات لوبان "لا تختلف عن سياسات الجبهة الوطنية المتشددة التي أسسها والدها جان ماري لوبان".
ذهب ماكرون أبعد من ذلك، خلال زيارة لمدينة لوهافر الأسبوع الماضي، حين قال: "لا توجد دولة واحدة في العالم تحظر الحجاب في الأماكن العامة. هل تريدون أن تكونوا أول من يفعل ذلك؟".
ويدرك ماكرون أهمية أصوات الناخبين المسلمين في فرنسا البالغ عددهم نحو 5 ملايين، ويشكلون 9% من السكان.
وفقاً لاستطلاع أجراه مركز (إيفوب)، اختار 69% من الناخبين المسلمين في الجولة الأولى من الانتخابات المرشّح اليساري الراديكالي صاحب المركز الثالث جان لوك ميلونشون، ويسعى ماكرون إلى كسب تأييدهم لضمان فوزه في الجولة الثانية.
رغم إدراك ماكرون لأهمية أصوات المسلمين، لكن حكومته أقرت، العام الماضي، قانونا مثيرا للجدل لمحاربة "الانفصالية"، وهي الكلمة المستخدمة لوصف خلط السياسة بالإسلام، والذي يعتبر خطيراً على قيمة العلمانية في فرنسا.
فيما كانت تدعو لوبان إلى حظر الحجاب في الشوارع الفرنسية، وتصفه بأنه "زي موحد فرضه بمرور الوقت أشخاص لديهم رؤية متطرفة للإسلام".
ترى لوبان أن الحجاب الإسلامي بمثابة "علامة" على الأيديولوجية الإسلامية التي تعتبرها بوابة للتطرف، وفق تعبيرها.
كانت فرنسا قد حظرت عام 2004 الحجاب في الفصول الدراسية، كما حظرت عام 2010 النقاب الذي يغطي الوجه في الشوارع.