روسيا تواجه “نزيفاً حاداً” في هجرة الكفاءات.. 300 ألف شخص غادروا البلاد منذ بدء حرب أوكرانيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/11 الساعة 22:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/12 الساعة 07:37 بتوقيت غرينتش
جانب من الحياة في العاصمة الروسية موسكو/ رويترز

يغادر مئات الآلاف من المواطنين الروس بلادهم منذ أن شنّت موسكو حربها على أوكرانيا، حيث أدى ذلك إلى تسارع وتيرة هجرة المواهب الرائدة في مجال الأعمال، وأصحاب الخبرات، وكثير منهم شباب، وهو ما يتسبب في زيادة حجم التهديد المحيق بالاقتصاد الذي تستهدفه العقوبات الغربية، بحسب تقرير نشرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الأحد 10 أبريل/نيسان 2022.

فمن بين الذين يغادرون البلاد عاملون في مجال التكنولوجيا وعلماء ومصرفيون وأطباء، وفقاً لاستطلاعات رأي وخبراء اقتصاد ومقابلات مع مهاجرين. وهم يرحلون إلى دول، من بينها جورجيا وأرمينيا وتركيا. ومن المتوقع أن يتبعهم المزيد لاحقاً.

فيما قدَّر استطلاع أجرته منظمة OK Russians غير الربحية التي تساعد الناس على مغادرة البلاد، في منتصف شهر مارس/آذار الماضي، أن نحو 300 ألف عامل من ذوي الخبرة رحلوا عن روسيا منذ بدء الحرب في أواخر فبراير/شباط.

ورغم أن الإحصائيات الدقيقة لعدد الأشخاص الذين يغادرون روسيا ليست متوافرة، توصل بعض خبراء الاقتصاد إلى استنتاجات بأرقام مماثلة عن حجم الهجرة للخارج. وغادر نحوا 500 ألف شخصٍ روسيا عام 2020، وفقاً لهيئة الإحصاء الروسية Rosstat.

القطاع الأكثر إنتاجية

من جهتها، قالت إلينا ريباكوفا، نائبة كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي: "الأشخاص الذين يرحلون أو يخططون للرحيل، من المتعلمين تعليماً عالياً وصغار في السن بشكل عام. وهذا القطاع المتقلص هو الأكثر إنتاجية في القوة العاملة".

في حين عملت روسيا على وقف هجرة أصحاب الخبرات إلى الخارج، رغم أنها تشجع معارضي السلطة على الرحيل. إذ وقّع الرئيس فلاديمير بوتين، في مارس/آذار، مرسوماً بمنح إعفاء من التجنيد العسكري للعاملين في قطاع التكنولوجيا. وتقدم السلطات الروسية أيضاً إعفاءات ضريبية وقروضاً أرخص ورهوناً عقارية مميزة؛ لإغراء العاملين في قطاع التكنولوجيا بالبقاء.

أحد رموز الثورة الصناعية في روسيا ميخائيل لومونوسوف - Shutterstock
أحد رموز الثورة الصناعية في روسيا ميخائيل لومونوسوف – Shutterstock

بدوره، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف مؤخراً: "رحيل أصحاب الخبرات مستمر وقد يتسارع، لكن الحكومة اتخذت بالفعل بعض الإجراءات".

في هذا السياق، غادرت ساشا كازيلو، إحدى مؤسسي شركة Funlimited الناشئة، التي تصنع تطبيقات لمساعدة الأطفال في سن ما قبل المدرسة على تعلم الرياضيات، روسيا مؤخراً متوجهة إلى باريس، واصطحبت عائلتها وشركتها معها. وقالت إن نحو 15 مطوراً في الشركة غادروا بالفعل أو في طريقهم إلى ذلك.

نزيف الكفاءات

كازيلو أضافت: "قبل الحرب، ربما كنت أتوهم أن الأمور في روسيا قد تتغير وأنه يمكننا بناء شركتنا هناك. ولكن لا يمكنني التفكير بهذه الطريقة بعد الآن".

من ناحيته، قال أندري بانوف إنه استقال من منصب نائب الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الروسية "إيروفلوت" المملوكة للدولة، وغادر بعد 10 أيام من بدء الهجوم.

حيث أوضح من إسرائيل، التي يقيم بها حالياً، أنه قرر استحالة العمل في شركة مملوكة للدولة؛ فالبلد تغير في ظرف أسبوع.

كذلك، قالت إيلينا بونينا، الرئيسة التنفيذية لشركة Yandex التكنولوجية بروسيا، في رسالة بمنتدى داخلي للشركة، إنها غادرت البلاد إلى إسرائيل وستستقيل أواخر هذا الشهر. وأكد اثنان من موظفي Yandex المطلعين هذا القرار الذي نشرته وسائل الإعلام الروسية.

فيما كتبت إيلينا: "لا يمكنني العيش في بلد يخوض حرباً مع جيرانه".

الشباب في صدارة المغادرين

كما وجدت استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة OK Russians، أن متوسط أعمار من غادروا البلاد 32 عاماً، وأن 80% منهم تلقوا بعض التعليم العالي على الأقل. وقال 3% فقط إنهم يخططون للعودة إلى روسيا في الأشهر المقبلة، ونحو الثلث لم يقرروا بعد. وأشاروا إلى أن معارضتهم للحرب وخوفهم من القمع وانعدام الفرص الاقتصادية أسباب رئيسية لرحيلهم.

بينما لا يزال آخرون في روسيا ينتظرون تأشيرات الدخول أو الرد على طلبات التقدم لوظائف أو انتهاء العام الدراسي. ووفقاً لخدمة بيانات التوظيف HeadHunter، يفكر نحو 40% من المتقدمين الروس لوظائف تكنولوجيا المعلومات في الانتقال إلى الخارج.

أوكرانيا
أعمدة الدخان تتصاعد في سماء مدينة لفيف الأوكرانية بعد قصفها من القوات الروسية – رويترز

من بين هؤلاء الفارين بعض كبار الأطباء الروس. فألكسندر فانيوكوف، الذي كان يترأس قسم الجراحة في مستشفى موسكو السريري رقم 52، أحد مراكز العاصمة الرئيسية لمرضى كوفيد-19، غادر روسيا إلى لاتفيا مع عائلته بعد أسبوع من اندلاع الحرب.

وقال إنه وعديد من الأطباء الآخرين الذين رحلوا، كانوا مترددين، بسبب مسؤولياتهم تجاه المرضى وزملائهم. لكن السلطات الروسية اتخذت القرار عنهم.

تعقيباً على ذلك، ذكر الدكتور فانيوكوف عبر الهاتف من لاتفيا: "الأذكياء والصادقون والمحترمون لم تعد لهم حاجة هناك. وفي هذا الوضع الذي أصبحت روسيا عليه، لم تعد لهم حاجة فحسب، بل أصبح وجودهم يأتي بنتائج عكسية".

تحميل المزيد