في علامة على غضب الرئيس بوتين من إخفاقات الهجوم الروسي على أوكرانيا، فُصل حوالي 150 ضابطاً من ضباط جهاز الأمن الفيدرالي الروسي FSB، وبعضهم رهن الاعتقال، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن جميع المفصولين كانوا موظفين في القسم الخامس، الذي تأسس عام 1998، حين كان بوتين مديراً لجهاز الأمن الفيدرالي، لتنفيذ عمليات في دول الاتحاد السوفيتي السابق بهدف إبقائها في فلك روسيا.
معلومات خاطئة سبب الاعتقال
أُرسل رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي السابق سيرجي بيسيدا (68 عاماً) إلى سجن لفرتوفو في موسكو بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية خلال شهر مارس/آذار الماضي.
كان جهاز المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية NKVD، سلف جهاز المخابرات الروسية KGB، يستخدم هذا السجن للاستجواب والتعذيب خلال عملية التطهير الكبرى التي نفذها ستالين في الثلاثينيات.
أفاد بهذا التطهير كريستو غروزيف، المدير التنفيذي لمنظمة Bellingcat الاستقصائية، لكنه لم يكشف عن مصدر معلوماته. وقال إن سبب فصل بيسيدا "إبلاغه الكرملين بمعلومات خاطئة عن الوضع الحقيقي في أوكرانيا قبل الهجوم".
التهمة الرسمية الموجهة لبيسيدا الذي لا يزال خاضعاً للتحقيق هي الاختلاس. لكن السبب الحقيقي لاعتقاله هو الهجوم المتعثر، الذي يُنحى باللائمة فيه على ضعف المعلومات الأمنية المتعلقة بالوضع السياسي في أوكرانيا. ويُعتقد أن نائبه، غريغوري غريشايف (58 عاماً)، حل محله.
رسالة شديدة اللهجة من بوتين
يقول أندريه سولداتوف، الخبير في أجهزة الأمن الروسية، إن بوتين بإرساله بيسيدا إلى سجن لفرتوفو، يرسل "رسالة شديدة اللهجة" إلى النخب الأخرى في روسيا.
كما قال لصحيفة The Times: "لقد فوجئت بهذا. كان بإمكان بوتين الاكتفاء بفصله أو بإرساله إلى وظيفة في سيبيريا. فسجن لفرتوفو ليس مكاناً لطيفاً، وإرساله إلى هناك يشير إلى مدى جدية بوتين في التعامل مع هذه الأمور".
سجن لفرتوفو، الذي يديره جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، يضم ميدان رماية تحت الأرض به ثقوب طلقات نارية خلفتها عمليات التطهير التي نفذها ستالين، حين كان يُستخدم لتنفيذ عمليات الإعدام الجماعية.
كما أشار سولداتوف، في مقال لصحيفة The Moscow Times، إلى أن بيسيدا ربما يكون مشتبهاً به في نقل معلومات إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
شكوك جهاز الأمن الفيدرالي الروسي
فبيسيدا، قبل توليه مسؤولية القسم الخامس، عمل في مكافحة التجسس، وكانت مهام هذا المنصب تقتضي الاتصال الوثيق بمركز وكالة المخابرات المركزية في موسكو. ولو أنه عميل مزدوج، فهذا قد يفسر شكوك الكرملين في مدى دقة المعلومات الأمنية الأمريكية في التحضير للهجوم.
كما قال سولداتوف إنه لا يظن أن بيسيدا عميل مزدوج، لكنه قال إن إشارة بوتين إلى ذلك تخدم أغراضه.
في السنوات التي سبقت الهجوم، كان القسم الخامس في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، يعمل بنشاط على زعزعة استقرار أوكرانيا من خلال زرع شخصيات سياسية موالية لروسيا ومحاولات إثارة الاضطرابات بين الجماعات اليمينية المتطرفة في غرب أوكرانيا.
فيما قال غروزيف إنه يرى أن أجهزة الأمن الروسية أهدرت "مليارات الدولارات" في محاولات فاشلة لتأمين دعم "الطبقة السياسية المشبوهة" في أوكرانيا في الفترة التي سبقت الحرب.