إيطاليا تطرق باب الجزائر لإعادة إحياء مشروع أنبوب “غالسي”.. روما لا تريد الاكتفاء بكميات لتعويض الغاز الروسي

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/12 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/13 الساعة 07:43 بتوقيت غرينتش
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أثناء استقباله لرئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي لبحث زيادة الطاقة الاستيعابية لأنبوب غاز الجزائر الموصول بإيطايا، إبريل 2022 (الرئاسة الجزائرية على فيسبوك)

قال مصدر لـ"عربي بوست" إن إيطاليا تسعى لإقناع الجزائر بإعادة إحياء مشروع أنبوب الغاز "غالسي" (أنبوب غاز الجزائر وإيطاليا)، الذي يربط شرق الجزائر بإيطاليا، عبر جزيرة سردينيا في البحر الأبيض المتوسط.

ويمكن للأنبوب الذي تم الاتفاق على إنشائه سنة 2009 وتوقف إنجازه منذ سنوات، أن ينقل أكثر من 8 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز. 

ووفق المصدر ذاته، فإن الجزائر قررت الاستثمار مع إيطاليا في مجال الاستكشاف بصحرائها عن طريق شركة "إيني"، كما تريد أن تُسهم في تحويل روما إلى مركز طاقوي مهم في أوروبا.

وأضافت المصادر نفسها أن هذه الخطوة مع إيطاليا جاءت على حساب إسبانيا، التي تعيش علاقاتها توتراً غير مسبوق مع الجزائر، عقب تغيير مدريد موقفها من نزاع الصحراء وتبنيها الطرح المغربي.

وفي السياق ذاته، وقعت الجزائر وإيطاليا، الإثنين 11 أبريل/نيسان، اتفاقية لزيادة إمدادات الغاز على مراحل قد تصل إلى 9 مليارات متر مكعب قبل نهاية السنة الجارية، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، لتصبح أكبر مصدر للغاز إلى إيطاليا على حساب موسكو، التي تصدر لها 29 مليار متر مكعب سنوياً. 

يذكر أن الجزائر صدرت 21.2 مليار متر مكعب من الغاز إلى إيطاليا عام 2021، فيما ستصل الإمدادات هذه السنة إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب بعد الاتفاق الجديد. 

ما هو مشروع "غالسي"؟ 

وقعت الجزائر وإيطاليا اتفاقاً لإنشاء أنبوب غاز ثانٍ يربط البلدين سنة 2009، بسعة 8 مليارات متر مكعب، وأطلق عليه "غالسي"، ويربط الأنبوب "كوديت دراوش" في أقصى شرق الجزائر، بيومبينو في إيطاليا، مروراً بجزيرة سردينيا تحت البحر الأبيض المتوسط، ويقدر طول الخط بـ284 كيلومتراً، وبعمق أقصى يبلغ 2880 متراً. 

وحددت سنة 2012 موعداً للانتهاء من المشروع وبداية التشغيل، لكن المشروع لم يبدأ أصلاً بسبب دخول شركة غازبروم الروسية على الخط الاستثمار في إيطاليا، وأعلنت الجزائر تأجيل بداية الأشغال حتى 2014، خاصة أنها كانت تصر على مشاركة أوروبا في تمويل المشروع ومعرفة جدواه الاقتصادية. 

وطوي ملف "غالسي" ليعود ليفتح بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، واستفاقة أوروبا على كابوس التبعية الطاقوية لموسكو، التي يمكنها غلق صنبور الغاز في أي لحظة كإجراء عقابي على دعم الغرب لكييف. 

وقالت وكالة "نوفا" الإيطالية، نقلاً عن مدير سابق لشركة سوناطراك الجزائرية، لم تذكر اسمه، إن الوقت حان لإعادة بعث مشروع أنبوب "غالسي"، بينما أكد مدير المشاريع في سوناطراك، الأزهر محبوبي، لنفس الوكالة، أن فكرة ربط الجزائر بسردينيا لم تلغ أبداً في إشارة لمشروع "غالسي". 

هل تنزعج روسيا من أنبوب غاز الجزائر وإيطاليا؟ 

علق السفير الروسي لدى الجزائر إيغول بلياليف على الأخبار التي تتحدث عن اعتزام الجزائر زيادة إمدادات الغاز لأوروبا، في إطار خطة الأخيرة للتخلص من التبعية للغاز الروسي، بأن بلاده تراها صفقات تجارية بحتة لا يمكنها التأثير على العلاقات الثنائية القوية بين البلدين. 

وفي السياق نفسه، يستبعد خبراء روس أن تتسبّب زيادة إمدادات الغاز الجزائري إلى إيطاليا، في أي توتر بين موسكو والجزائر. 

وقال الكاتب الصحفي غينادي بيتروف في مقال على صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، إن الجزائر مورد تقليدي للغاز نحو أوروبا، ومن الطبيعي أن تلجأ الدول الأوروبية لها في ظل التوتر الحالي مع موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا. 

ونقل كاتب المقال عن نائب مدير معهد إفريقيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية ليونيد فيتوني قوله: "من غير المرجّح أن تلقي زيادة الإمدادات لإيطاليا بظلالها على العلاقات بين الجزائر وروسيا".

وتابع موضحاً أن "الاتحاد الأوروبي يتخلى في جميع الأحوال عن الغاز الروسي. وعليه، ليس من الضروري الحديث عن منافسة مباشرة بين الجزائر وروسيا"، مضيفاً أنه "من المرجّح أن تتقبّل موسكو ما يحدث بوصفه شيئاً طبيعياً". 

رئيس الوزراء الإيطالي خلال زيارته للجزائر (الرئاسة الجزائرية على فيسبوك)
رئيس الوزراء الإيطالي خلال زيارته للجزائر (الرئاسة الجزائرية على فيسبوك)

ارتياح أمريكي 

أصبحت الجزائر محجاً للمسؤولين الأمريكيين مؤخراً، حيث زارها وزير الخارجية أنتوني بلينكن وقبله نائبته ويندي شارمان، ولا شك أن ملف الطاقة كان أبرز الملفات التي تمت مناقشتها. 

وقالت صحيفة الخبر الجزائرية، في عددها الصادر يوم الإثنين 11 أبريل/نيسان، إن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة سيزور واشنطن هذا الشهر. 

ووفق الصحيفة فإن الولايات المتحدة باتت مقتنعة أن إمدادات الجزائر من الغاز باتجاه حلفائها في أوروبا لن تكون بالمستوى المأمول لعدة اعتبارات، أبرزها علاقتها الوطيدة بروسيا وقدراتها الإنتاجية. 

وأضافت الخبر الجزائرية أن الولايات المتحدة ما يهمها حالياً هو عدم إخلال الجزائر بالتزاماتها التعاقدية مع حلفائها الأوروبيين، في إشارة واضحة إلى إسبانيا، التي تعيش العلاقات الثنائية بينها وبين الجزائر أسوأ حالاتها. 

وكانت الجزائر قد أعلنت مؤخراً، على لسان المدير العام لشركة سوناطراك الجزائرية، توفيق حكار، أنها تراجع أسعار الغاز المتجه نحو مدريد خصيصاً.

تحميل المزيد