حركة النهضة خارج الحوار الوطني في تونس.. سعيّد يستبعد كل الأحزاب ويضع شروط المشاركة

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/07 الساعة 12:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/21 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش
الرئيس التونسي قيس سعيّد (الرئاسة التونسية)

يستعد الرئيس التونسي قيس سعيّد لإطلاق الحوار الوطني في تونس، الذي يقول إنه سينهي به المنظومة التي جاءت بعد سقوط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. 

وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر خاصة، فإن الرئيس التونسي وضع  حدوداً للحوار قبل انطلاقه وشروط المشاركة فيه، أبرزها استثناء حركة النهضة.

ولن تحيد مخرجات الحوار الوطني في تونس، حسب ما حصل عليه "عربي بوست"، عن نتائج الاستشارة الإلكترونية، التي تستثني الإجراءات الاستثنائية والوضع الاقتصادي في تونس.

النهضة خارج الحوار

الرئيس التونسي قيس سعيد، وكما كان متوقّعاً، قال إن "الحوار الوطني في تونس لن يكون مع من أرادوا الإطاحة بالدولة، ومع من نهبوا مقدّرات الدولة ومع من يمارسونّ العنف ويقسمون الشعب".

المحلل السياسي والمختصّ في الشأن السياسي التونسي حسان العيادي قال إن "حركة النهضة غير معنية بالحوار الوطني في تونس، وكل ما يعنيها هو الضغط قدر المستطاع داخليّاً وخارجيّاً للذهاب نحو انتخابات تشريعية قبل الاستفتاء الشعبي المُباشر".

وأضاف العيادي في تصريح لـ"عربي بوست" أن "المعركة اليوم بين سعيّد ومسانديه من جهة، ومن جهة أخرى بين النهضة ومن معها، هذه الأخيرة التي لا تسعى لإجراء انتخابات تشريعية قبل الاستفتاء الشعبي".

وأشار العيادي إلى أن "النهضة، وخلافاً لما هو مُعلن، غير عابئة بحلّ البرلمان، وحتى وإن قبلت بإزاحة منظومة ما بعد سنة 2011، فالمقابل يجب أن يكون ضمان مكان لها في المنظومة الجديدة".

مقابل ذلك، أعلنت حركة النهضة أنها ستنظم مسيرة احتجاجية بالعاصمة يوم السبت 9 أبريل/نيسان 2022 بمشاركة عدد من القوى المعارضة لسعيّد، للتعبير عن رفضها لقرار حلّ البرلمان والملاحقات القضائية للنواب المشاركين في الجلسة الإفتراضية.

المحلّل السياسي التونسي عُمر التيس قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "تنظيم حركة النهضة للمسيرة تسعى من خلالها إظهار أن جزءاً من الشارع في صفّها، وأنها في النهاية جزء من الشارع، مما يجعل إقصاءها من أي حوار قراراً غير صائب لكونه إقصاء للجزء الذي تُمثّله من الشارع".

الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، أرشيفية/ الأناضول
الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، أرشيفية/ الأناضول

مع مَن سيتحاور الرئيس؟

بعد قراره بحلّ البرلمان سويعات قليلة يوم 30 مارس/آذار، انطلق قيس سعيد في عقد لقاءات متتالية مع ممثلي المنظمات الوطنية الكبرى في تونس ونائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كتمهيد لتنظيم الحوار الوطني في تونس.

والتقى سعيد كلاً من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وأمينه العام نور الدين الطبوبي، والمكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ورئيسه سمير ماجول (نقابة رجال الأعمال).

أيضاً التقى الرئيس الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين إبراهيم بو دربالة (عمادة المحامين)، ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم، ورئيسة اتحاد المرأة راضية الجريبي، ونائب رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر.

أما بخصوص الأطراف التي ستقع دعوتها للمشاركة في الحوار الوطني فهي واضحة بالنسبة للرئيس، وهي المنظمات الوطنية (اتحاد الشغل ونقابة رجال الأعمال، واتحاد المرأة، وعمادة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

المحلّل السياسي حسان العيادي قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "سعيّد سيتحاور مع الشخصيات التي لم تتحمّل مسؤولية في الحكم بعد سنة 2011، تاريخ سقوط زين العابدين بن علي، ولم تُشارك في الجلسة البرلمانية يوم 30 مارس/آذار 2022".

وأضاف المتحدث أن "الرئيس لن يتحاور إلا مع المساندين لإجراءات 25 تموز/يوليو 2021، التي يعتبرها مشروعاً لإنهاء المنظومة التي أتت بعد سنة 2011، بداية من المنظومة السياسية والدستورية والقانونية والحزبية".

وأضاف المتحدث أن "الحوار الوطني في تونس الذي يُريده قيس سعيّد وضع حدوده حتى قبل إعلان تاريخه من خلال نتائج الاستشارة الشعبية التي أنهت ضمنيّا منظومة ما بعد سنة 2011 والتي ستكون مُنطلقا للحوار".

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماعه مع قادة الأجهزة الأمنية والجيش بعيد تعليق عمل البرلمان وإقالة الحكومة في تموز 2021 / الرئاسة التونسية (فيسبوك)
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماعه مع قادة الأجهزة الأمنية والجيش بعيد تعليق عمل البرلمان وإقالة الحكومة في تموز 2021 / الرئاسة التونسية (فيسبوك)

ماذا يقول الاتحاد؟

ووفق ما كشفته مصادر من داخل المركزية النقابية لاتحاد الشغل، والدائرة المقرّبة من أمين عام إتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، لـ"عربي بوست"، فإن الاتحاد يرفض إقصاء الأحزاب من المشاركة في الحوار الوطني في تونس.

واعتبر المصدر نفسه أن "الاتحاد يعتبر أنه لا يُمكن بناء ديمقراطية حقيقية دون أحزاب، باستثناء حزب النهضة التي يعتبرها المسؤولة عما آلت إليه الأوضاع في تونس".

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، أهمّ المساندين لقيس سعيّد قبل أن يُغير رأيه عندما رأى الرئيس يتجه إلى الانفراد بالحكم وتقرير مستقبل البلاد بصفة أحادية.

انتقاد أكبر نقابة للرئيس التونسي جاء بعدما أصدرت الحكومة منشوراً يمنع كل مؤسسات الدولة ومسؤوليها من التفاوض مع النقابات أو إمضاء أي اتفاق معها قبل العودة لرئاسة الحكومة، لتحصل القطيعة بين الطرفين طيلة أشهر.

 المحلّل السياسي حسان العيادي قال إن "اتحاد الشغل يُدافع عن حوار شامل يجمع كل الوطنيين إلا من أقصى نفسه"، مضيفاً أن "الاتحاد له خياران، وهما المشاركة في حوار على مقاس الرئيس أو الرفض".

وفي حال المشاركة في الحوار، يقول العيادي في تصريح لـ"عربي بوست"، إن "الاتحاد انخرط في مشروع الرئيس الذي سيقوم بتوظيفه، وفي حال رفض المشاركة سيدخل في صراع مع الرئيس والسلطة".

ضغط خارجي على الرئيس

أحد العوامل المحددة في اتجاهات العملية السياسية في تونس، هي الضغط الخارجي الذي يُمارس على الرئيس قيس سعيد من طرف الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.

وتُطالب القوى الخارجية سعيّد بالعودة للمؤسسات الدستورية وإنهاء الحالة الاستثنائية في أقرب وقت عبر تنظيم حوار تُشارك فيه القوى الرئيسية في البلاد، وهو ما تُحاول حركة النهضة وبعض الأحزاب والأطراف السياسية استغلاله لصالحها.

المحلّل السياسي التونسي عُمر التيس قال إن "أغلب تحركات حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بما فيها الجلسة العامة البرلمانية التي انعقدت في 30 مارس/آذار 2022، مُوجّهة أساساً".

وأضاف التيس في تصريح لـ"عربي بوست" أن "النهضة تُريد توجيه رسالة إلى الخارج تقول فيها إنه لا تزال قوة سياسية رئيسية يقمعها رئيس الدولة بأشكال مُتعددة بما فيها قطع وسائل التواصل، ومنع الاجتماعات، والمحاكمات العسكرية والملاحقات القضائية"

واعتبر المتحدث أن "الهدف واضح من عقد جلسة البرلمان التونسي وتبني قانون لإبطال التدابير الاستثنائية، مع العلم أن السلطة التنفيذية في يد الرئيس مما يجعل تطبيق ذلك القانون مُستحيلاً، وهو توجيه رسالة للخارج مفادها أن هناك مُعارضة سياسية كبيرة بقيادة النهضة، مما يجعل الخروج من الحالة الاستثنائية عبر تنظيم حوار وطني يمرّ بتشريكها ضرورة".

الاستشارة الشعبية والحوار

كشف رئيس الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين إبراهيم بو دربالة بـ"عربي بوست" أن "لقاءه مع قيس سعيد كان بطلب من الرئيس نفسه، وأنه أخبره أن هذا الحوار الوطني في تونس سينطلق من مُخرجات ونتائج الاستشارة الوطنية الالكترونية".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "لقاءه مع سعيّد كان إطاراً لتأكيد توجه لتنظيم حوار وطني في تونس في أقرب وقت دون تحديد تاريخ دقيق للانطلاق في الحوار".

المحلّل السياسي حسان العيادي قال إن "نتائج الاستشارة الإلكترونية ستكون مُنطلقاً للحوار الوطني في تونس، وستؤدي إلى مشروع الرئيس المعروف بمشروع البناء القاعدي، مما يجعل الحوار الوطني، في تقديره، مجرد غطاء لتنفيذ الرئيس لمشروعه السياسي أو جزء منه على الأقلّ".

وأضاف العيادي في تصريح لـ"عربي بوست" أن "قيس سعيّد حدّد مضمون الحوار، وهيكلته، وشروطه والأطراف التي ستُشارك فيه، وكذلك مُخرجاته، التي لم تحِد عن نتائج الاستشارة الإلكترونية".

وخلص المحلل السياسي التونسي إلى أن الرئيس قيس سعيّد سينظم حواراً "للتصفية السياسية، وليس حواراً وطنيّاً شاملاً كما يقول".

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد