كشفت مصادر "عربي بوست" أن أسباب توقف جريدة ليبرتي الجزائرية الناطقة بالفرنسية عن الإصدار عائدة إلى الخلافات بين مالكها يسعد ربراب والسلطة في الجزائر.
وكان يسعد ربراب، أغنى رجل في الجزائر، قد أعلن توقيف صحيفته الفرنكوفونية "ليبرتي" عن الصدور بعد 30 عاماً من تواجدها في الساحة الإعلامية.
ووفق مصدر لـ"عربي بوست"، فإن ربراب يريد تجنب أي تصادم مع الحكومة، خاصة بعد أن قرر مجلس الوزراء منعه من تصدير الزيت والسكر إلى الخارج بسبب الأزمة الغذائية التي يعيشها العالم جراء حرب روسيا على أوكرانيا.
ولم تكشف شركة "سيفيتال" المالكة للصحيفة التي يملكها يسعد ربراب سبب غلق الجريدة واسعة الانتشار في الأوساط الفرنكوفونية المفاجئ.
ودعا تبون وزير العدل إلى سن قانون يجرم تصدير المواد الغذائية التي تستورد الجزائر موادها الأولية، فيما يشبه تهديد مبطن ليسعد ربراب.
وقبل سنوات قليلة كان ربراب يسعى لامتلاك مجمع إعلامي يتشكل من صحيفتين واحدة ناطقة باللغة العربية والأخرى بالفرنسية إضافة إلى قناة تلفزيونية.
ونجح ربراب فعلاً في شراء جريدة الخبر واسعة الانتشار وقناتها "كي بي سي" لكن القضاء أبطل الصفقة بعدها بأشهر قليلة، بحجة أن قانون الإعلام لا يسمح لأي شخص معنوي امتلاك مؤسستين إعلاميتين مختلفتين.
ما هي أسباب توقف جريدة ليبرتي الجزائرية؟
قالت مصدر مطلعة لـ"عربي بوست" إن العلاقة بين رجل الأعمال الثري يسعد ربراب الذي تتخطى ثروته 5 مليارات دولار والسلطات العليا في البلاد متوترة بسبب الانتقادات الحادة التي أصبح يوجهها للمسؤولين الكبار في مجالسه الخاصة، لا سيما بعد منع تصدير السكر والزيت وغيرها من المواد الغذائية.
وحسب المصدر ذاته، فإن انتقادات يسعد ربراب في المجالس الخاصة طالت الرئيس عبد المجيد تبون، والوزير الأول، أيمن عبد الرحمن ووزير التجارة كمال رزيق.
وترجمت صحيفته "ليبرتي" هذه الانتقادات من خلال افتتاحياتها النارية ضد الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تصفه بالكارثي.
من هو يسعد ربراب؟
يُعرف في الجزائر بأنه إمبراطور السكر والزيت وأحد أثرياء الحرب الأهلية، أو ما يعرف بالعشرية السوداء في الجزائر (1992-2002)؛ إذ خرج يسعد ربراب منها بثروة طائلة بسبب قربه من قائد جهاز المخابرات القوي الفريق محمد مدين.
وظل ربراب لسنوات طويلة الرجل الوحيد في البلاد المسموح له باحتكار مادتي السكر والزيت عن طريق شركته "سيفيتال" التي أصبحت فيما بعد مجمعاً من 28 شركة تشتغل في الحديد والإلكترونيات والزراعة والسيارات والخدمات والإسكان.
وتملك سيفيتال استثمارات في الكثير من الدول منها إيطاليا وفرنسا والبرازيل.
وبعد أحداث دامية عرفتها الجزائر سنة 2011 بسبب أزمة ندرة وغلاء في السكر والزيت، قررت الحكومة منح تراخيص لرجال أعمال آخرين، خلقت مشاكل كبيرة مع الرجل المقرب من فرنسا.
وبعد الإطاحة بداعمه الأول الفريق محمد مدين من رئاسة جهاز المخابرات سنة 2015، بدأ ربراب في التحضير لرئاسيات 2019؛ حيث دعم بالمال والإعلام الجنرال المتقاعد المسجون حالياً علي غديري في الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن الحراك الشعبي الذي اندلع قبل موعد الانتخابات بشهرين أنهى كل شيء، خاصة أنه أفضى إلى سجن ربراب بتهم تتعلق بتضخيم الفواتير واستيراد معدات قديمة على أنها جديدة.
وبعد وصول تبون للسلطة أدين ربراب بحكم قضائي مخفف كان قد أكمل مدته وهو في السجن الاحتياطي، ليعود إلى رئاسة شركته مجدداً ويفتح صفحة أخرى مع السلطات الجديدة يسودها الحذر.
غضب حكومي على "ليبرتي"
تعرضت صحيفة "ليبرتي" مؤخراً إلى انتقادات شديدة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي اتهمها بالانتماء إلى شعب ودولة أخرى بسبب تهويلها للوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، على حد تعبيره.
كما رفعت سونطراك، أكبر شركة في البلاد للمحروقات، دعوى قضائية ضد الجريدة الناطقة بالعربية، بسبب تحريف تصريحات لمديرها توفيق حكار، حيث نقلت عنه استعداد الجزائر لتعويض الغاز الروسي في حال قُطع عن أوروبا.
ونفى العملاق النفطي الجزائري، في بيان له، التصريحات التي نقلتها صحيفة "ليبرتي" والتي كادت تتسبب في توتر مع الحليف التقليدي روسيا.
ولا تحظى "ليبرتي" بالكثير من الإعجاب في الأوساط الشعبية بسبب تبنيها النهج العلماني المتطرف وقربها من الدوائر الفرنكفونية في البلاد.
وكثيراً ما تشتكي الصحيفة من التضييق، لا سيما في مجال الإشهار الذي تسيطر عليه الشركات العمومية بنسبة تفوق 70٪.