أقرَّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن إعادة انتخابه الشهر المقبل مهدَّدة من مارين لوبان، اليمينية الشعبوية، بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أنها على مسافة قريبة منه في جولة الإعادة المُتوقَّعة في 24 أبريل/نيسان.
إذ قال ماكرون، وفقاً لما نشره صحيفة The Times البريطانية، إن لوبان، زعيمة التجمع الوطني، نجحت في تلطيف صورتها من خلال تركيز حملتها على أزمة غلاء المعيشة، واستفادت من تناقضها مع إريك زمور، المناهض الأكثر تطرفاً للإسلام.
وسُئِلَ ماكرون عن ذلك خلال زيارة حملته الانتخابية إلى بلدة فوراس الساحلية على ساحل المحيط الأطلسي، بعد أن أظهر استطلاعٌ للرأي أن 47.5% سيدعمون لوبان في جولة الإعادة، مقارنةً بـ52.5% بالنسبة لماكرون. هذا بالمقارنة مع 39% فقط لوبان الشهر الماضي في نفس الاستطلاع عندما تمتَّع ماكرون، الذي كان المفضل منذ فترة طويلة، بارتفاع بعد اندلاع حرب أوكرانيا وبلغ 61%. ماكرون، الذي تغلب على لوبان بنسبة 66% مقابل 34% في جولة الإعادة في العام 2017، يظلُّ هو الأوفر حظاً للفوز، ولا يزال من المُتوقَّع أن يسجِّل المركز الأول بسهولة في الجولة الأولى التي يتنافس عليها 12 مرشَّحاً.
فيما قال ماكرون عن لوبان: "إنني أسمع أقل هذه الأيام أنها في أقصى اليمين". وأضاف: "إذا قلت إن لديها بياناً لطيفاً مثل الآخرين، وليس في أقصى اليمين، فكل شيء سيصبح على ما يرام (بالنسبة لها)". كما أشار ماكرون إلى أن الجمهور لم يعد يرفض اليمين المتطرف باعتباره خطيراً. وأضاف، مستخدماً الاسم القديم للحزب قبل أن تغيِّره لوبان في العام 2017: "نظر الناس في الاتجاه الآخر، قائلين "إنهم ألطف" وتقبَّلوهم. لم أتقبَّل الجبهة الوطنية قط".
كما ردَّدَت وسائل إعلام يسار الوسط وجهة نظر ماكرون التي قالت اليوم إن لوبان، 53 عاماً والتي تخوض ثالث ترشُّح لها للرئاسة، كانت تقترب من قصر الإليزيه بعد حملةٍ قوية وقد أدَّى بيانها لمساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض إلى إخفاء سياسات متطرِّفة ضد المهاجرين والتي من شأنها أن تمثل نقطة تحول في التاريخ الفرنسي. وقد أظهرت لوبان بنفسها كشخصيةٍ أكثر وديَّة وأبرزت نفسها كأمٍ عزباء ومربيةٍ للقطط.
قالت صحيفة Le Monde الفرنسية، وهي صحيفة يسارية وسطية، إنه على الرغم من كل هالتها الجديدة، فإن رئاسة لوبان سترقى فعلياً إلى حد الانقلاب على الدستور مع تحركاتها الموعودة لقطع المزايا والرعاية الصحية للمهاجرين ومنح المواطنين الفرنسيين تفضيلات تلقائية للوظائف والسكن. فيما قالت صحيفة Libération الفرنسية اليسارية: "ربما تكون مارين لوبان قد خفَّفَت من صورتها، ولكن تحت هذا الغطاء لا يزال التطرف وكراهية الأجانب قائمين"، وأضافت أن فوز لوبان "يشكل خطراً أكثر من أيِّ وقتٍ مضى".
تستمتع لوبان بالطريقة التي خدم بها تطرف زمور قضيتها بعد أن هدد فرصها في البداية. وقالت هذا الشهر: "حملتي تتميَّز بالتعاطف واللطف. إنها متعةٌ حقيقية".
وبدا أن قلق ماكرون بشأن صعود لوبان قد أثار حديثاً حماسياً مع فريقه عندما أجرى أول زيارة لمقر حملته الليلة الماضية. وحثهم على إضفاء مزيد من الحماس على الحملة، وقال لهم أن "يعيدوا الحياة إلى الانقسام القديم" بين العالم السياسي الديمقراطي وأحزاب اليمين المتطرِّف، التي تمثِّلها الآن لوبان وزمور.
لطالما أشار الرئيس الوسطي إلى أنه يفضِّل جولةً أخرى مع لوبان على جولة إعادة مع يساري أو محافظ، لكن فريقه يشعر بالقلق الآن من أن سباق 2022 يخاطر بالتحوُّل إلى منافسةٍ في المرحلة النهائية بين "كتلةٍ شعبية" و"كتلةٍ نخبوية".
فيما يعكس ذلك الفكرة القائلة بأن مؤيِّدي الجولة الأولى للمرشحين الشعبويين الآخرين من اليسار واليمين -بقيادة جان لوك ميلينشون، اليساري الراديكالي، وزمور- سينتقلون إلى لوبان في جولة الإعادة لمنع ماكرون. ويخوض ميلينشون، الذي يحتلُّ المركز الثالث، حملته الانتخابية على نفس أرضية الدخل المنخفض والمعادية لأوروبا مثل لوبان. ولا يزال يأمل في مفاجأة لوبان لتمكينه من الوصول إلى الدور الثاني.