عملية “الخضيرة” من وجهة نظر الفصائل الفلسطينية.. رسالة ضد قمة النقب ومحاولة مكشوفة لتشويه عرب الداخل

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/28 الساعة 16:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/28 الساعة 16:54 بتوقيت غرينتش
The wreckage of gunmens' car is seen following an attack in which people were killed on a main street in Hadera, Israel, March 27, 2022. REUTERS/Ronen Zvulun

مثَّلت عملية الخضيرة التي أودت بقتيلين من عناصر الشرطة الإسرائيلية، الأحد 27 مارس/آذار 2022، تحدياً جديداً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي فشلت في تقدير الموقف بشأن التهديدات المحتملة، في الوقت الذي كانت تتجه فيه الأنظار إلى انفجار محتمل للأوضاع بالقدس والضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان.

يأتي هذا في وقت أعلنت فيه عدة فصائل فلسطينيةٌ تأييدها لهذه العملية، ولأي عملية يمكن أن تتسبب في أذى لدولة إسرائيل، على حد تعبير البعض.

فشلٌ في تقدير الموقف

وفقاً لموقع "واللا" الإسرائيلي المقرب من الاستخبارات العسكرية، فقد ركزت المؤسسة الأمنية جهودها الاستخباراتية على الضفة الغربية والقدس؛ تفادياً لتكرار سيناريو حرب رمضان 2021.

ويضيف الموقع: "لم تكن هناك إشارات أو معلومات حول تنفيذ عمليات فدائية في الداخل الفلسطيني، وهذا يعد فشلاً كبيراً للمؤسسة الأمنية".

وهذه العملية هي الثانية التي تضرب الداخل الإسرائيلي خلال أقل من أسبوع، بعد عملية مزدوجة شهدتها مدينة بئر السبع في الـ23 من الشهر الجاري، نفذها الشاب محمد أبو القيعان، وأدت إلى مقتل أربعة مستوطنين.

بدورها رحبت الفصائل الفلسطينية بهذه العملية، معتبرةً إياها في سياق الرد الطبيعي على سياسات السلطات الإسرائيلية العنصرية بحق فلسطينيي الداخل.

حماس تشيد بالعملية البطولية

أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بياناً قالت فيه: "نشيد ببسالة وإقدام مُنفذي العملية البطولية، التي جاءت ثأراً لدماء الشهداء، ورداً على عدوان وإرهاب الاحتلال".

وذكر مصدر قيادي في حماس لـ"عربي بوست"، أن "الحركة تتبنى مساراً مؤيداً لأي عمليات تُوقع الأذى بدولة الاحتلال، وإننا على متابعة دائمة لكل ما يتعلق بأوضاع الفلسطينيين في الداخل، ولن تقبل الحركة بأي محاولة إسرائيلية لتغيير إنجازات معركة سيف القدس، التي قامت على أساس أن المصير الفلسطيني واحد في أي مكان يوجدون فيه، وعلى الجميع التحرك للدفاع عنه".

وأضاف المتحدث أن "الحركة جزء من الهيئة الوطنية لنصرة فلسطينيي الداخل، وما تروجه الدعاية الإسرائيلية بأن منفذي العمليات الفدائية ينتمون إلى الفكر المتشدد، محاولة مكشوفة لنا لتشويه صورة فلسطينيي الداخل، بهدف كسب التعاطف الدولي وتصوير ما يحدث بأن إسرائيل تتعرض من الداخل لتهديدات وجودية، كمبرر لأي خطوات انتقامية قد تقْدم عليها في المستقبل، وهو أمر لن تقبل به الحركة"، على حد تعبيره.

ودفعت المخاوف الإسرائيلية من دخول حماس على خط المواجهة إلى إصدار رئيس الوزراء، نفتالي بينت، تعميماً لوزرائه بعدم ربط عملية الخضيرة بالتسهيلات الأخيرة التي أقرتها إسرائيل لقطاع غزة قبل شهر رمضان، وفُسر ذلك على أنه محاولة إسرائيلية بعدم الإقرار بفشل سياسة الاحتواء التي حاولت إسرائيل تطبيقها ضد حماس في الأشهر الأخيرة، عبر ربط الهدوء والحالة الأمنية بالتسهيلات الاقتصادية.

حماس تشيد بالعملية البطولية

حماس والداخل الفلسطيني

وتفادياً لقلق المؤسسة الأمنية من انفجار محتمل للأوضاع في رمضان القادم، شرعت إسرائيل في الإعلان عن سلسلة تسهيلات معيشية بمناطق السلطة، كان من بينها إلغاء فرض الحظر على الضفة الغربية في عيد المساخر اليهودي لأول مرة منذ خمس سنوات.

كما رفعت إسرائيل حصة عمال قطاع غزة للعمل في الداخل بـ20 ألف تصريح عمل، لأول مرة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، فيما تدرس إسرائيل إمكانية السماح لسكان قطاع غزة بزيارة المسجد الأقصى في شهر رمضان.

ورغم هذه التسهيلات، فإن حماس أعلنت قبل أيام عن تشكيل ما يعرف الهيئة الوطنية لنصرة فلسطينيي الداخل، وكانت أولى الفعاليات إقامة مهرجان على الحدود الفاصلة بين غزة وإسرائيل، بهدف تأكيد أهم إنجازات معركة سيف القدس الأخيرة وهو توحيد الجبهات الفلسطينية ضد إسرائيل.

وفي وقت سابق كشف قائد حماس في غزة يحيى السنوار، أن الحركة لديها أكثر من 10 آلاف استشهادي جاهزين للرد في حال حاولت إسرائيل تغيير الواقع فيبالقدس أو في الداخل المحتل.

فتح.. رهان إسرائيل على الدول العربية خاسر

وتزامنت العمليات الأخيرة مع عقد إسرائيل اجتماعات وُصفت بـ"التاريخية" مع وزراء خارجية الدول العربية في النقب، لتشكيل ما يُعرف بالتحالف السني-الإسرائيلي لمواجهة التهديدات الأمنية.

تيسير نصر الله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، قال لـ"عربي بوست"، إنَّ تزامن هذه العملية مع عقد القمة العربية-الإسرائيلية في النقب، تأكيد على أن القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في كل المحافل، ولا يمكن لإسرائيل أن تقفز على هذه الحقيقة.

وأضاف: "قضية الفلسطينيين، سواء في مناطق السلطة أو في الداخل، فرضت نفسها على جدول أعمال القمة العربية-الإسرائيلية، رغم كل المحاولات لتغييبها، لأنها أساس وجوهر الصراع. إن رهان إسرائيل على الدول المُطبعة رهان خاسر".

وأوضح أن هذه العملية تؤكد أن إسرائيل مُنيت بفشل استخباراتي كبير وانقلب السحر على الساحر، لأن الجهد الإسرائيلي في السنوات الأخيرة ركز على قضية محاولة تهريب السلاح وتكديسه في الوسط العربي سواء في الضفة الغربية أو في الداخل، ليستهدف بعضه بعضاً، ولكن جاءت هذه العملية لتضيف فشلاً فوق الفشل الذي مُنيت به في توقع الاستهداف من الداخل.

فيما رأى داود شهاب، المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، أن عودة العمليات الفدائية في العمق الإسرائيلي ضرورة لردع العدوان والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل بحق فلسطينيي الداخل، على حد تعبيره.

أما "الجبهة الشعبية" فرأت أن هذه العملية رد عملي على قمة التطبيع التي يشارك فيها وزراء خارجية الدول العربية في النقب، وهي تأتي كرسالة بأن الفلسطيني رافض لكل أشكال التطبيع، وكل الرهانات الإسرائيلية على تشكيل تحالف عربي لن يخدمها في توفير الأمن لمواطنيها في الداخل.

هذه العملية تؤكد أن إسرائيل مُنيت بفشل استخباراتي كبير

الوسط العربي في دائرة الاستهداف

وشرعت سلطات الاحتلال في تنفيذ حملة اعتقالات بصفوف فلسطيني الداخل، حيث اعتقلت قوات الشرطة خمسة مواطنين عرب من قرية أم الفحم؛ للاشتباه بضلوعهم في الشروع في تنفيذ عمليات ضد قوات الأمن الإسرائيلية.

مهند حداد، الصحفي الفلسطيني من منطقة المثلث، قال لـ"عربي بوست" إن وحدات من الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك رفعت حالة الاستنفار في القرى والبلدات العربية بالداخل، عبر فرض طوق أمني في مداخل بلدات كفر قاسم وأم الفحم والطيرة واللد والناصرة، تخللتها حملات تفتيش للبيوت ومداهمات ليلية مازالت مستمرة حتى هذه اللحظة.

وأضاف: "يتم التدقيق في هويات كل من يدخل أو يخرج من هذه البلدات، والتهديد بالاعتقال لمن لا يتعاون مع قوات الشرطة، ما رفع من حالة الغضب لدى أوساط الشارع العربي من أن تبادر إسرائيل إلى الانتقام من فلسطينيي الداخل بحجة الحالة الأمنية".

لم يتوقف الانتقام الإسرائيلي عند هذا الحد، بل شرعت ما تعرف بجماعات "تدفيع الثمن" المتطرفة في تنفيذ اقتحام لبلدة جالود بقضاء نابلس، قاموا خلالها بحرق سيارات المواطنين وإلقاء الحجارة والمولوتوف على منازل المواطنين في البلدة.

وجاءت ارتدادات هذه العملية سريعاً، إذ أفاد موقع "إسرائيل اليوم" بارتفاع طلبات اقتناء السلاح إلى أكثر من 430 طلباً، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 700% خلال أقل من 12 ساعة على وقوع الهجوم في الخضيرة.

فيما قدرت أوساط أمنية إسرائيلية وجود أكثر من 100 من فلسطينيي الداخل يتبنون أفكار تنظيم الدولة، بعضهم حاول التسلل للقتال في سوريا، وجزء آخر اعتقلته السلطات في وقت سابق.

واعتبر رئيس الوزراء نفتالي بينيت، أن "حدوث عمليتين في وقت قصير من قبل مؤيدي داعش يفرض علينا التزاماً أمنياً بتكثيف وتسريع الجهود لمواجهة هذا التهديد"، كما دعا المواطنين إلى اليقظة؛ خوفاً من تكرار هذه العمليات.

تحميل المزيد