أثار القرار المفاجئ الذي اتخذته حركة طالبان في أفغانستان الخاص بإعادة إغلاق مدارس الفتيات الثانوية انتقاداً وقلقاً دولياً، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إلغاء محادثات كان من المقرر عقدها في العاصمة القطرية الدوحة مع مسؤولين من طالبان، بحسب ما نشرته وكالة رويترز للأنباء، الجمعة 25 مارس/آذار 2022.
حيث قالت وزيرات خارجية 18 دولة، إنهن يشعرن بـ"قلق وخيبة أمل عميقة" من حرمان الفتيات في أفغانستان من الالتحاق بالمرحلة الإعدادية والثانوية في المدارس هذا الربيع.
جاء ذلك في بيان مشترك وقَّعته وزيرات خارجية كل من ألبانيا وأندورا وأستراليا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وكندا وإستونيا وألمانيا وآيسلندا وإندونيسيا وكوسوفو وملاوي ومنغوليا ونيوزيلندا والنرويج والسويد وتونغا والمملكة المتحدة.
هذا البيان جاء بعد إعادة افتتاح المؤسسات التعليمية في أفغانستان يوم الأربعاء 23 مارس/آذار، حيث طلبت حركة "طالبان" من الفتيات في المرحلة الإعدادية والثانوية "البقاء في المنزل".
فيما أضاف البيان الدولي أن قرار "طالبان" تعليق دراسة الفتيات حتى إشعار آخر يعد "مثيراً للقلق بشكل خاص"، مشيراً إلى تأكيد "طالبان" مراراً التزامها بفتح المدارس لجميع الأطفال.
كما حثت وزيرات الخارجية، "طالبان" على الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الأفغاني، والالتزام بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها أفغانستان.
في حين دعَوْن "طالبان إلى التراجع عن قرارها الأخير، ومنح المساواة في الوصول إلى جميع مستويات التعليم في جميع محافظات البلاد"، مؤكدين وجوب التغلب على الصعوبات العملية في تنفيذ سياسة تعليمية "غير تمييزية".
البيان ذاته أشار إلى أن الحصول على التعليم "حق من حقوق الإنسان لكل امرأة وكل فتاة.. لا يمكن لأي دولة أن تتحمل عدم الاستفادة من إمكانات ومواهب كامل شعبها".
كذلك شدد على أنه "يجب صون الحقوق التي لا يمكن إنكارها، والفرص التي حققتها الفتيات والنساء في أفغانستان خلال العقود الأخيرة".
إلغاء محادثات مع طالبان
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، إن المسؤولين الأمريكيين ألغوا اجتماعات كان من المقرر عقدها في الدوحة مع مسؤولين من طالبان بسبب رفض الحركة الحاكمة في أفغانستان السماح لجميع الفتيات بالعودة إلى المدارس الثانوية.
إذ قال المتحدث إن "قرارهم كان مخيباً للآمال بشدة وتراجعاً يتعذر تفسيره عن الالتزامات تجاه الشعب الأفغاني أولاً وقبل كل شيء وكذلك تجاه المجتمع الدولي".
في حين أردف: "ألغينا بعض ارتباطاتنا بما في ذلك الاجتماعات المزمعة في الدوحة، وأوضحنا أننا نرى أن هذا القرار نقطة تحول محتملة في ارتباطاتنا".
في المقابل، قال سهيل شاهين، العضو البارز في طالبان المقيم في الدوحة، إن تأجيل إعادة فتح مدارس الفتيات يعود لمشكلة فنية، وإن وزارة التعليم تعمل على توحيد الزي الرسمي للطالبات في جميع أنحاء البلاد.
شاهين استطرد قائلاً: "نأمل في حل قضية الزي الرسمي والانتهاء منها في أسرع وقت ممكن".
"خيبة أمل عميقة"
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد انتقد، الأربعاء، قرار "طالبان" تعليق الدراسة، قائلاً: "فشل سلطات الأمر الواقع في إعادة فتح المدارس للفتيات ما بعد الصف السادس، رغم الالتزامات المتكررة، يعد خيبة أمل عميقة ومدمرة للغاية لأفغانستان".
يشار إلى أن موقف طالبان الأخير جاء خلافاً لبيان أصدرته وزارة التعليم، قبل أيام، دعت فيه جميع الطلاب، على اختلاف جنسهم، إلى ارتياد المدارس، وهو الأمر الذي حظي بإشادة دولية قبل أن تتراجع عنه الحركة الأفغانية التي تحاول طمأنة المجتمع الدولي لأوضاع حقوق الإنسان والفتيات في البلاد.
كانت "طالبان" قد سيطرت منتصف أغسطس/آب 2021، على أفغانستان بالكامل، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي من البلاد اكتملت نهاية الشهر ذاته.
بينما لا تزال دول العالم مترددة في الاعتراف بحكم "طالبان"، وتربط ذلك بسلوكيات الحركة، وخاصة احترام حقوق الإنسان، وعدم السماح لـ"الإرهابيين" بالعمل في البلاد.