أعلن صندوق النقد الدولي، الأربعاء 23 مارس/آذار 2022، أنه تلقى طلباً جديداً من مصر لدعم برنامج إصلاح اقتصادي شامل، وذلك على وقع أزمة اقتصادية يبدو أنها ربما تتفاقم مستقبلاً، خاصة في ظل تداعيات استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية.
حيث قالت رئيسة بعثة الصندوق بالقاهرة سيلين ألارد، في بيان، إن "البيئة العالمية سريعة التغير والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا تشكلان تحديات مهمة للبلدان في جميع أنحاء العالم، وضمنها مصر".
ألارد أضافت: "طلبت السلطات المصرية دعم صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل".
"صدمة على الاقتصاد المصري"
فيما أوضحت المسؤولة في صندوق النقد أن "من شأن مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية أن تخفف من تأثير هذه الصدمة على الاقتصاد المصري وتحمي الضعفاء وتحافظ على مرونة مصر وآفاق النمو على المدى المتوسط".
مضت قائلة: "تحقيقاً لهذه الغاية، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات لتوسيع الحماية الاجتماعية المستهدفة، وتنفيذ مرونة سعر الصرف هي خطوات مرحب بها".
كما أردفت ألارد: "سيكون استمرار مرونة سعر الصرف ضرورياً لامتصاص الصدمات الخارجية، وحماية الهوامش المالية خلال هذا الوقت المضطرب".
في حين أشارت إلى أنه "ستكون هناك حاجة إلى سياسات مالية ونقدية حكيمة؛ للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي".
كذلك، أوضحت أن "الموظفين (في الصندوق) يعملون من كثب مع السلطات (المصرية) للتحضير لمناقشات البرنامج، بهدف دعم أهدافنا المشتركة المتمثلة في الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام".
بينما لم تذكر رئيسة بعثة الصندوق في القاهرة رقماً لحجم الدعم الذي طلبته مصر لبرنامجها الإصلاحي.
مشاورات مع صندوق النقد الدولي
من جهتها، أعلنت الحكومة المصرية بدء مشاورات مع صندوق النقد الدولي بشأن "برنامج جديد قد يتضمن تمويلاً إضافياً لمساندة خطط الإصلاح الاقتصادي الشامل".
إذ قالت الحكومة، في بيان: "في ضوء التطورات الراهنة، تقدمت مصر بطلب إلى صندوق النقد الدولي لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد"، مؤكدةً أن البرنامج "يهدف إلى مساندة الدولة المصرية في خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل".
فيما تابعت أن "الاقتصاد العالمي، خاصةً الاقتصادات الناشئة، يتعرض لصدمات خارجية متزامنة"، موضحةً أن هذه الصدمات تتمثل في "ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق"، لافتة إلى "التداعيات الاقتصادية السلبية الكبيرة للأزمة الروسية الأوكرانية".
كانت مصر قد تأثرت بشدة بالتداعيات الاقتصادية لهجوم تشنه روسيا على جارتها أوكرانيا، منذ 24 فبراير/شباط الماضي، إذ أربك سلاسل التوريد العالمية، وأدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأولية.
يذكر أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وتأتي 60% من وارداتها من روسيا وأوكرانيا.
تراجع الجنيه المصري
على أثر ذلك، أقرت الحكومة المصرية، الإثنين، حزمة إجراءات واسعة لتخفيف آثار الأزمة على مواطنيها، بينها تخصيص نحو 7.2 مليار دولار للحماية الاجتماعية، وتبكير صرف زيادة مقررة سابقاً على رواتب الموظفين، وإعفاءات ضريبية.
كما خفضت مصر سعر صرف العملة (الجنيه) ليتجاوز سعر الدولار 18 جينهاً، بعد أن كان مستقراً قرب 15.5 جنيه لأكثر من عام.
في السياق ذاته، أعلنت الحكومة المصرية إعادة هيكلة ميزانيتها، وذلك في إشارة إلى استعدادها لحزمة تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي.
جدير بالذكر أن مصر لجأت إلى صندوق النقد ثلاث مرات في السنوات القليلة الماضية. واقترضت 12 مليار دولار في إطار برنامج (تسهيل الصندوق الممدد) في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، و2.8 مليار دولار بموجب اتفاق (أداة التمويل السريع) في مايو/أيار 2020، و5.2 مليار دولار بموجب أداة (اتفاق الاستعداد الائتماني) في يونيو/حزيران 2020.
بدوره، أكد مصدر مطلع على مناقشات مصر مع صندوق النقد الدولي، في تصريح لوكالة رويترز، أن القاهرة مؤهلة للحصول على نسخة جديدة من أي من برامج التمويل الثلاثة.
لكن نظراً إلى تجاوزها حصة الاقتراض العادية، سيتعين عليها الالتزام بمعايير استثنائية للحصول على تمويل، مما يعني أنها ستخضع لمستوى أكبر من التدقيق، على حد قول المصدر.