أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأحد 20 مارس/آذار 2022، إصدار مرسوم رئاسي يتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة، ممن سماهم "المدانين بنهب أموال الشعب التونسي"، وأرجع ذلك إلى فشل الدولة في استرجاعها من خلال القضايا المرفوعة أمام المحاكم التونسية.
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على فرار رئيس تونس الأسبق زين العابدين بن علي وعائلته وأقاربه من البلاد عقب ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن الحكومات التونسية المتعاقبة لم تتمكن بعد من استرجاع الأموال المنهوبة المودعة في البنوك الأجنبية.
في 28 يوليو/تموز الماضي، صرح سعيد بأن "قيمة الأموال المنهوبة من البلاد تقدر بـ13.5 مليار دينار (نحو 5 مليارات دولار)، "ويجب إعادتها مقابل صلح جزائي مع رجال الأعمال المتورطين في نهبها"، وأوضح، آنذاك، أن "عدد الذين نهبوا أموال البلاد، 460 شخصاً".
استرجاع أموال تونس المنهوبة
قال قيس سعيّد في كلمة بمناسبة إحياء ذكرى الاستقلال: "اخترنا هذا اليوم للنظر في مشروع متميز وأردته أن يكون يوم عيد الاستقلال، لنضع مشاريع مراسيم، تتعلق أولاً بمشروع مرسوم يتعلق بالصلح الجبائي".
كما أوضح الرئيس التونسي: "حتى يسترد الشعب أمواله التي نهبت منه عوض القضايا المنشورة أمام المحاكم ولم يسترجع منها شعبنا العظيم إلا النزر اليسير".
فيما أضاف أن "الصلح الجزائي إجراء معروف في القانون فعوض الزج بالمتهم الذي تمت إدانته في السجن، يدفع هذا المتهم المدان الأموال التي انتفع بها بصفة غير مشروعة".
سعيّد أردف قائلاً: "هذه الأموال التي سنسترجعها كما تم الإعلان عن ذلك سابقاً، سنقدمها للفقراء والمعتمديات (مناطق) الفقيرة بعد ترتيبها ترتيباً تنازلياً من الأكثر فقراً إلى الأقل فقراً".
بينما أشار قيس سعيّد إلى "وضع الإجراءات واتخاذ عدة احتياطات لتذهب هذه الأموال لأصحابها الحقيقيين".
قيس سعيّد أعلن أيضاً عن "مرسوم ثان يتعلق بإحداث صنف جديد من الشركات وهي الشركات الأهلية حتى يتمكن أبناء الشعب التونسي من بعث مشاريع في كل معتمدية وحتى يصير الشباب مصدراً للثروة".
كما كشف الرئيس التونسي عن "مرسوم ثالث يتعلق بمحاربة المضاربة غير المشروعة حتى يتحمل كل من يريد تجويع الشعب مسؤولياته كاملة أمام الشعب والقضاء".
قيس سعيّد وتعديل الدستور
من جهة أخرى، قال قيس سعيّد في وقت متأخر الأحد إنه سيكون أمام الجميع في تونس فرصة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بالنسبة لنظام سياسي جديد قبل أن تبدأ لجنة صياغة التوجهات العامة للإصلاحات الدستورية.
تأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه سعيد انتقادات قوية بأنه يسعى لإرساء حكم الرجل الواحد منذ أن استأثر بالسلطة التنفيذية وعلق عمل البرلمان العام الماضي.
وقال سعيد في كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي إنه سيمضي في خطته المبدئية لإجراء استفتاء بشأن التعديلات الدستورية في 25 يوليو/تموز المقبل. وأضاف: "بعد هذا الحوار المباشر مع الشعب.. سيتواصل العمل لاستفتاء في يوليو بعد أن يتم تشريك الجميع في ابداء آرائهم واقتراحاتهم للنظام السياسي الجديد".
جاءت تصريحاته في ختام مهلة نهائية للتشاور عبر الإنترنت بدأت قبل شهرين لتحديد وجهات نظر التونسيين حول القضايا السياسية والاقتصادية على الرغم من أن نحو 500 ألف شخص فقط شاركوا في تونس التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة.
ربما تشير هذه التصريحات إلى أن سعيد قد يقبل إجراء محادثات مع خصومه السياسيين، رغم أنه سبق وقال إنه يرفض إجراء حوار عقيم مع من يصفهم بالفاسدين والخونة.
فيما لم يذكر سعيد كيف يمكن للناس إبداء آرائهم في النظام الجديد على الرغم من أن الأطراف الرئيسية، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل القوي، تشعر بأن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو من خلال الحوار الوطني حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية.