بدأت الحرب الروسية الأوكرانية بعد دخولها الأسبوع الرابع تبسط تأثيراتها على دول شمال إفريقيا، من ناحية الأمن الغذائي، إذ سارعت كل من المغرب والجزائر إلى وضع احتياطات سريعة لتجنب أي خسائر محتملة.
ورأت الجزائر والمغرب أن انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية بدت وشيكة، وبما أن البلدين مرتبطان غذائياً بهاتين الدولتين، خصوصاً أوكرانيا، فقد التجأتا إلى إقرار مجموعة من الإجراءات الاحتياطية.
وأعلنت كل من الجزائر والمغرب بشكل متفرق تجميد عمليات تصدير مجموعة من المواد الغذائية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي الداخلي، نظراً لقلة البدائل في الفترة الحالية، وحتى لا يحدث نقص في هذه المواد.
كل هذه الإجراءات جاءت في ظل مخاوف من أزمة إمدادات حبوب، نتيجة التوتر في شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا.
الجزائر والحرب الروسية الأوكرانية
وأعلنت السلطات الجزائرية، عبر بيان للرئاسة، منع تصدير كل من السكر، وزيوت الطعام، والعجائن، وكافة مشتقات القمح، كما كلفت وزير العدل بإعداد مشروع قانون يُجرم تصدير تلك المواد غير المُنتجة محلياً، باعتباره عملاً تخريبياً للاقتصاد الوطني.
ولفتت إلى مواصلة منع استيراد اللحوم المجمدة منعاً باتاً، وتشجيع استهلاك اللحوم المنتجة محلياً، كما سيتم تشجيع الفلاحين المموِّنين للمخزون الاستراتيجي للدولة، من القمح الصلب واللين، والحبوب الجافة، بتحفيزات متنوعة منها الدعم بالقروض والأسمدة ومزايا أخرى.
الجزائر تحاول أن تطمئن مواطنيها بأن الأمور تحت السيطرة، وأن "البلاد تتوفر على مخزون كافٍ من الحبوب، يكفي حتى نهاية السنة الجارية"، هذا ما أعلن عنه وزير الفلاحة (الزراعة) عبد الحفيظ هني.
وتستهلك الجزائر بين 9 إلى 12 مليون طن سنوياً من القمح بنوعيه اللين والصلب، غالبيته مستوردة من الخارج، وخصوصاً فرنسا، وبكميات محدودة من كندا.
وتشهد أسعار القمح زيادات متسارعة بفعل الأزمة الأوكرانية، إذ تعد روسيا أكبر مصدّر للقمح حول العالم، بمتوسط سنوي 44 مليون طن، بينما أوكرانيا خامس أكبر مصدّر بـ17 مليون طن.
وحققت الجزائر إنتاجاً من القمح الصلب واللين بلغ 1.3 مليون طن، خلال موسم الحصاد الفائت، و135 ألف طن من الشعير، حسب بيانات رسمية، وهو الأضعف في تاريخ البلاد منذ عقود، والذي يُمكن أن يتضاعف هذه السنة بسبب الجفاف.
المغرب والحرب الروسية الأوكرانية
المغرب لم يكن الاستثناء في شمال إفريقيا، فالمملكة أيضاً كجارتها الجزائر تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الداخلي في المواد الغذائية، وذلك تزامناً مع الحرب الروسية الأوكرانية.
ولكي يُعالج المغرب أزمة محتملة، بدأت إجراءات منع تصدير بعض المواد الغذائية كالطماطم، التي يُصدر جزء كبير منها إلى الدول الأوروبية، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعارها في السوق المغربية لضعف الثمن.
وكشف مصطفى بيتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الكمية المسموح بتصديرها هي 500 ألف طن، وإذا تم تجاوزها يتم سداد رسوم الدخول.
وتبين أن الأسواق المشمولة بقرار وقف التصدير سيحتفظ لها بحصة في حدود 20%، على اعتبار أن المهنيين كانوا ملتزمين تجاهها، وهناك عقود قانونية موقعة مع هذه الدول التي توجد خارج الاتحاد الأوروبي.
ويستورد المغرب جزءاً كبيراً من احتياجاته من الحبوب والقمح والذرة والشوفان من أوكرانيا، لكن هذه السنة ستكون صعبة عليه، فبالإضافة إلى الحرب، المملكة تعرف موجة جفاف استثنائية لم تشهدها منذ سنوات.
وحسب موقع "كود" المحلي، فإن محمد الصديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أعلن عن منع تصدير مادة الحمص، الأكثر استهلاكاً في شهر رمضان، إلى السوق الدولية.
الوزير قال إن هناك مراقبة شديدة على السوق، المواد التي هناك نقص فيها توقف منح ترخيص التصدير لكبار الفلاحيين، كالبقوليات، وبعض الخضر، كالبطاطس رغم استقرارها في السوق.
في المقابل يُصدر المغرب إلى أوكرانيا الأسمدة الطبيعية والكيميائية، والأسماك الطازجة والمملحة والمجففة والمدخنة وغيرها، لكنه يبقى متضرراً من الحرب القائمة رغم أنه تسلم احتياجاته من أوكرانيا، إلا أنها تكفيه لمدة 6 أشهر فقط.
وبالإضافة إلى المواد الغذائية يستورد المغرب من روسيا الفحم، ومواد بترولية، والأمونياك، ووقود الغاز والفيول، وبنزين البترول، والألومنيوم الخام، ومواد هيدروكربونية، ومواد البلاستيك.