استُئنِفَت إحدى محاكمات "جرائم الحرب والتعذيب" في الولايات المتحدة الأمريكية ضد اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وذلك بعد توقفها لعدة أشهر، خشية استغلالها سياسياً في الانتخابات الليبية التي كان من المفترض إجراؤها نهاية العام الماضي، بحسب ما أورده موقع Africa Intelligence الفرنسي، المتخصص في الشؤون الاستخبارية، الثلاثاء 15 مارس/آذار 2022.
إذ قرر القضاة في المحكمة الفدرالية الأمريكية استئناف إجراءات التقاضي في الـ11 من مارس/آذار، والتي يُواجه فيها حفتر التهم المنسوبة إليه من قِبل المدعي الكندي من أصل ليبي علي عبد الله حمزة.
كانت تلك القضية الجنائية قد عُلِّقت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي. حيث أوقفت القاضية ليوني برينكما المحاكمة، إلى جانب قضيتين أخريين ضد حفتر بتهمٍ مماثلة، وذلك نظراً لعدم استقرار الوضع السياسي في ليبيا وبسبب الانتخابات الرئاسية التي كان حفتر مرشحاً فيها.
الانتخابات الليبية
يشار إلى أنه كان من المقرر عقد الانتخابات الليبية في الأصل يوم 24 ديسمبر/كانون الأول، وفقاً لخارطة الطريق التي طرحتها الأمم المتحدة، لكنها تأجّلت بنهاية المطاف، ولم يُحدّد لها تاريخٌ جديد حتى الآن، نظراً لاستمرار الخلافات الليبية.
آنذاك، رأت محكمة فرجينيا الأمريكية أن الوضع السياسي في ليبيا حينها كان له تأثيرٌ كبيرٌ للغاية على المحاكمات، فضلاً عن أنها كانت تُستغل للتأثير على السياسات الليبية.
فيما تدخل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، شخصياً للطعن في صحة وثيقةٍ داخل ملف القضية، وهي وثيقةٌ كان يُفترض بها إثبات أن حفتر سيصبح عرضةً لعقوبة الإعدام في حال أدلى بشهادته أمام محكمةٍ أمريكية. وقد جرى فتح تحقيقٍ حكومي داخلي في ليبيا لمعرفة مصدر الوثيقة، وفقاً لموقع Africa Intelligence الفرنسي.
كما اتّهم محامو حفتر الدعويين الأخريين، المقدمتين من عايدة الزجالي ومنى السويد، بأنهما مسيستان. ولكن يحق لهؤلاء المدعين طلب إعادة المحاكمة الآن في أعقاب قرار الـ11 من مارس/آذار.
من جهته، قال رئيس مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان، عماد الدين المنتصر، في تدوينة عبر "فيسبوك" يوم الجمعة 12 مارس/آذار: "انعقدت اليوم (الجمعة) جلسة استماع بناء على طلب المحامي عن عائلة علي حمزة من المحكمة بإعادة النظر في قرارها بتعليق الجلسات إلى ما بعد الانتخابات الليبية. وبعد مرافعة فعّالة من محامي الضحايا، وافقت المحكمة على رفع حكم تعليق الجلسات في قضية على حمزة والسماح ببدء استجواب المتهم خليفة حفتر من جديد".
دلائل ضد حفتر
المنتصر أضاف: "تقدم المحامي زيد وفريقه بجملة من الدلائل على صعوبة إجراء أي انتخابات ليبية في سنة 2022 بما في ذلك قرارات مجلس النواب الليبي بتمديد الفترة الانتقالية واختيارهم لرئيس حكومة جديد. ونوّه المحامي إلى استمرار التوتر والاضطرابات في البلاد والتي يظل المتهم خليفة حفتر طرفاً رئيسياً فيها. وختم المحامون مرافعتهم بالتذكير بأن ربط المحكمة بالاستقرار السياسي في ليبيا قد يجعل من احتمال معاودة الجلسات احتمالاً بعيداً".
فيما استطرد القيادي الليبي المتواجد في أمريكا قائلاً: "كذلك أكد المحامي في مذكرة سابقة تقدم بها للمحكمة أن مكتبه وموكله لم يقوما بأي خطوات أو الإدلاء بأي تصريحات لها بُعد سياسي، بل إن الهدف الوحيد لهما هو تحقيق العدالة".
في حين تابع: "في تطور غريب وفي رد على محامي الضحايا ومطالبته بتسديد المبالغ المالية التي حكمت بها المحكمة أعربت محامية المتهم حفتر عن استغرابها لعدم قيامه بدفع الغرامات التي حكمت بها المحكمة لصالح أتعاب محامي الضحايا، وأنها ستقوم بمناقشة الأمر مع موكلها".
على إثر ذلك، "وافقت المحكمة على طلب محامي الضحايا، وحددت يوم 10 يونيو/حزيران 2022 كموعد أخير للانتهاء من جلسات الاستجواب ويوم 16 يونيو/حزيران 2022 كموعد مقترح لجلسة التمهيد للمحاكمة. وحذرت المحكمة من أي استغلال سياسي للقضية، وأنها على استعداد لتعليق الجلسات مرة أخرى في حالة حدوث ذلك"، بحسب المنتصر.
كان المنتصر قد كشف، في فبراير/شباط 2021، عن قيام حفتر بتعيين فريق قانوني جديد لتمثيله أمام المحاكم الأمريكية التي تنظر دعاوى قضائية لمحاكمته أمامها باعتباره مواطناً أمريكياً.
كما أوضح أن مكتب المحاماة الجديد الذي قام اللواء الليبي المتقاعد بتوكليه هو "هارفي بينال"، ومقره الرئيسي في ولاية فيرجينيا، التي يُحاكم فيها حفتر.