قالت وكالة رويترز للأنباء، مساء الأربعاء 16 مارس/آذار 2022، إن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، فشل في الحصول على تعهدات علنية بزيادة إنتاج النفط، وذلك عقب انتهاء المحادثات التي أجراها بشأن مستجدات الأزمة الأوكرانية وأسواق الطاقة العالمية مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
حيث قال جونسون، رداً على سؤال أحد الصحفيين، عقب لقائه في الرياض مع الأمير محمد بن سلمان، عما إذا كانت المملكة ستزيد إنتاج النفط: "أعتقد أنك بحاجة إلى التحدث مع السعوديين بشأن ذلك. لكنني أعتقد أن هناك تفهماً للحاجة إلى ضمان استقرار أسواق النفط والغاز العالمية".
كانت زيارة جونسون لأبوظبي والرياض تهدف إلى تأمين إمدادات النفط، وتقليل التقلبات في أسعارها العالمية، وزيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب غزوه لأوكرانيا؛ الأمر الذي دفع الغرب إلى فرض عقوبات كاسحة على موسكو، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
من جهته، ذكر مكتب رئيس الوزراء البريطاني أنه شدد على الحاجة للتعاون من أجل تعزيز استقرار أسواق الطاقة العالمية في محادثات مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لافتاً إلى أنه "عبّر عن قلقه العميق، بسبب الفوضى الناتجة عن الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا".
جونسون ذكر قبل اجتماعاته: "على العالم أن ينأى بنفسه عن إمدادات النفط والغاز الروسية… السعودية والإمارات شريكتان عالميتان مهمتان في هذا الجهد".
مجلس الشراكة الاستراتيجي
وعقد "بن سلمان" وجونسون جلسة مباحثات تطرقت إلى فرص تطوير العلاقات والقضايا الإقليمية والدولية، وضمنها الأوضاع في أوكرانيا، بحسب بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، عقب اللقاء.
من بين من حضروا تلك المباحثات، وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، ونائب وزير الدفاع خالد بن سلمان.
فيما وقّع "بن سلمان" وجونسون مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الحكومتين، من دون تفاصيل.
"علاقات متوترة"
يأتي ذلك في الوقت الذي لم تستجب فيه السعودية والإمارات، اللتان تشهد علاقتهما الوثيقة مع واشنطن توتراً، حتى الآن لمناشدات الولايات المتحدة بزيادة إنتاج النفط للحد من ارتفاع أسعار الخام الذي ينذر بموجة ركود عالمية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
والبلدان الخليجيان عضوان في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ويملكان فائضاً في طاقة إنتاج النفط، ويمكنهما زيادة الإنتاج وتعويض خسارة الإمدادات من روسيا.
لكن الرياض وأبوظبي تحاولان الحفاظ على موقف حيادي بين الحلفاء الغربيين وموسكو، شريكتهما في تكتل أوبك+ الذي يشمل أوبك ومنتجي نفط مستقلين خارجها.
كما تلتزم مجموعة أوبك+ بهدف زيادة الإنتاج شهرياً بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وقاومت ضغوطاً لفعل ذلك على نحو أسرع.
بدوره، قال مصدر مطلع لـ"رويترز" قبل الاجتماع، إن الإمارات لا تزال ملتزمة باتفاق أوبك+، الذي يتحكم بكميات الإنتاج في السوق، وتقوده الرياض وموسكو.
في حين عمقت الإمارات علاقاتها مع موسكو وبكين في الأعوام القليلة الماضية، وامتنعت عن التصويت في الشهر الماضي، على مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا، والذي وصفته موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة".
كما اتفق جونسون وولي عهد أبوظبي على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع والمخابرات؛ لمواجهة تهديدات تشمل الحوثيين الذين يخوضون صراعاً مطولاً في اليمن مع السعودية والإمارات.
يشار إلى أن بريطانيا تخطط للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسية، كجزء من عقوبات واسعة النطاق تستهدف الشركات والأثرياء الروس.
في حين تمثل الواردات الروسية 8% من إجمالي الطلب على النفط في المملكة المتحدة.
"إعدامات السعودية"
وجونسون ثاني زعيم غربي كبير يزور المملكة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018 بإسطنبول على أيدي عناصر تابعة للحكومة السعودية.
كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) قد خلصت إلى أن الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية "لاعتقال أو قتل" خاشقجي. ونفى ولي العهد السعودي أي ضلوع له في عملية القتل.
كذلك جاءت زيارة رئيس وزراء بريطانيا للسعودية أيضاً بعد أربعة أيام من إعدامها 81 شخصاً، وهو أكبر عدد يجري إعدامه في يوم واحد منذ عقود، بتهم تتراوح بين الانضمام لجماعات مسلحة واعتناق "معتقدات منحرفة".
ورداً على انتقادات لسجل حقوق الإنسان في السعودية، قال جونسون: "أثرت تلك القضايا في العديد والعديد من المرات من قبل… وسأتطرق إليها مجدداً اليوم".
إلا أنه استدرك قائلاً: "لكن لدينا علاقات قائمة منذ فترة طويلة للغاية مع هذا الجزء من العالم، ونحتاج لأن ندرك الأهمية الشديدة للعلاقة بيننا… وليس فقط ما يتعلق بالهيدروكربونات".
يشار إلى أنه في 24 فبراير/شباط الماضي، بدأت روسيا عملية عسكرية في جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية مشددة على موسكو.