أعلنت الحكومة البريطانية أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يبدأ الأربعاء 16 مارس/آذار 2022 زيارة إلى السعودية والإمارات إحدى الدول الأكثر إنتاجاً للنفط ضمن منظومة "أوبك"، في محاولة لحثهما على إنتاج مزيد من النفط بهدف خفض الأسعار الناشئة عن الهجوم الروسي على أوكرانيا وحظر نفط موسكو.
الزيارة تحمل أهمية في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، وارتفاع حاد في أسعار النفط شهدته الأيام الأولى للهجوم، وعلى جانب آخر تكثف الدول الأوروبية مساعيها أملاً في إيجاد بديل عن النفط والغاز من روسيا.
لكن في المقابل، لم تتبنّ السعودية والإمارات حتى الآن موقفاً مناوئاً لموسكو على غرار الغرب، فضلاً عن التوجه نحو فرض عقوبات على الدولة الشريكة في تحالف "أوبك بلاس" الذي يتحكم بكميات الإنتاج في السوق، وهذا ما يجعل الزيادة تحدياً لجونسون والدول الغربية في ضوء حشدها لتكثيف الضغوطات والعقوبات ضد موسكو.
بينما قال المتحدث الحكومي في بريطانيا إن جونسون سيطلب من الأمير محمد بن سلمان "إدانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، مشيراً إلى أنها "رسالة سينقلها جونسون إلى جميع قادة العالم".
وأضاف أن "من المهم أن يكون لدينا رد منسق" لمواصلة الضغط على روسيا، مشيراً إلى أن الحكومة "تريد خفض التقلبات والأسعار من أجل الأعمال التجارية البريطانية".
بُعد سياسي
على صعيد آخر، تأتي زيارة جونسون بصفته أحد الزعماء القلائل في الغرب الذين يزورون المملكة ويلتقون بولي عهدها بن سلمان منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد زارها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويتزامن توقيت الزيارة بعد أيام من إعلان السعودية الأحد الماضي 12 مارس/آذار إعدام 81 شخصاً في يوم واحد بسبب قضايا قالت إنها تتعلق بالإرهاب والانضمام لتنظيمات مسلحة.
بينما أكد المتحدث باسم جونسون أن اللقاء مع المسؤولين السعوديين سيتطرق إلى "حقوق الإنسان وعمليات الإعدام".
بديل عن روسيا
تسير الدول الغربية في إطار يسمح لها بنهاية المطاف بقطع اعتمادها على النفط الروسي، الأمر الذي دعا إليه جونسون جميع تلك الدول، واصفاً أن "إدمان" الغرب" على موارد الطاقة الروسية يسمح لبوتين بـ"ابتزاز" العالم.
وفي مقال لجونسون في صحيفة "ديلي تلغراف" أشار إلى أن قادة الغرب ارتكبوا "خطأ فادحاً" حينما سمحوا لبوتين أن يفلت من العقاب بعد ضمه شبه جزيرة القرم إلى روسيا في 2014، "وزادوا اعتمادهم على موارد الطاقة الروسية".
واعتبر جونسون أن هذا الخطأ جعل بوتين يدرك أن العالم سيجد صعوبة في معاقبته بسبب هجومه "الشرير" على أوكرانيا، مؤكداً أن "العالم لا يمكن له أن يرضخ تحت هذا الابتزاز المستمر".
التشديد على الاستغناء عن موارد الطاقة من روسيا كان أبرز ما دعا إليه جونسون الغرب والعالم، وهو ما يقف وراء زيارته إلى السعودية والإمارات الدولتين الغنيتين بالنفط، من أجل تقليل الاعتماد على روسيا من جهة، وحثّهما على زيادة الإنتاج أملاً في أن يساهم ذلك في خفض أسعار النفط من جهة أخرى.
الرياض تدعو بكين لزيارتها
من جانب آخر، تأتي زيارة جونسون إلى السعودية والإمارات، بعد دعوة وجهتها الرياض إلى بكين تدعو فيها الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارة المملكة من أجل "تعزيز العلاقات بين البلدين" حسبما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الإثنين 14 مارس/آذار الجاري، وفي ظل توتر سعودي أمريكي في المقابل.
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة نفسها عن "أشخاص مطلعين" أن السعودية تخوض مع الصين مباحثات من أجل تسعير بعض مبيعاتها النفطية لبكين باليوان، في خطوة من شأنها أن تقلل من هيمنة الدولار الأمريكي على سوق البترول العالمي وتمثل تحولاً آخر من جانب أكبر مُصدِّر عالمي للنفط الخام للسوق الآسيوية.
في سياق موازٍ، يشعر السعوديون بالغضب حيال غياب الدعم الأمريكي لتدخلهم في الحرب الأهلية اليمنية، وحيال محاولة إدارة بايدن إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مسؤولون سعوديون إنَّهم صُدِموا من الانسحاب الأمريكي المتسرِّع من أفغانستان العام الماضي.
كذلك فإن الصين تشتري أكثر من 25% من النفط الذي تصدره السعودية. وفي حال تسعير هذه المبيعات باليوان، فإنَّها قد تعزز مكانة العملة الصينية. ويفكر السعوديون أيضاً في تضمين العقود الآجلة التي يهيمن اليوان على مدفوعاتها، والتي تُعرَف بـ"البترويوان"، في نموذج تسعير شركة أرامكو السعودية.