أدى الحظر المتبادل للمجال الجوي بين روسيا والدول الأوروبية على خلفية الهجوم الذي تشنه موسكو على أوكرانيا للأسبوع الثالث، إلى فرض جهود مضاعفة على شركات الطيران لتفادي التحليق فوق السماء الممتدة فوق 17 مليون متر مربع من الأرض، مما أدى إلى مسارات رحلات أطول وتكاليف أعلى، بحسب ما رصدت وكالة Bloomberg الأمريكية، الأحد 13 مارس/آذار 2022.
إحدى الدول التي تعاني بشكل بارز هي فنلندا، التي اضطرت شركة خطوطها الجوية "فين آير" إلى التحليق بطائراتها في مسار يبعد آلاف الأميال حول جارتها الشمالية روسيا، وتتتبَّع طرقاً تخلت عنها خطوط الطيران منذ عقود في نهاية الحرب الباردة.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، لم تعد رحلات الطيران تتبع مساراً فوق القطب الشمالي المتجمد، كما كان إبان فترة الحرب الباردة.
مسارات جديدة أطول
كشفت بيانات صادرة عن شركة FlightRadar24، المعنية بتتبع مسارات الطيران الدولية، أن 21 شركة طيران على الأقل، غيَّرت مسار رحلاتها لتجنب المجال الجوي الروسي، أو الجزء الغربي من أوكرانيا، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 فبراير/شباط، وأن المسارات الجديدة تضيف ما يصل إلى 3 ساعات زائدة على معظم الرحلات في أوروبا وآسيا.
في هذا السياق، ألغت شركة "يونايتد آيرلاينز" United Airlines Holdings Inc. الأمريكية رحلتين من أصل 4 رحلات إلى الهند، بعد أن قررت إيقاف رحلاتها الجوية إلى موسكو في 1 مارس/آذار.
وقالت شركة التتبع FlightAware إن إحدى أطول الرحلات الجوية في العالم، رحلة سيدني داروين لندن، التابعة لخطوط "كانتاس" Qantas الجوية الأسترالية، والتي تطير عبر الشرق الأوسط وجنوب أوروبا بدلاً من عبور الصين وروسيا، لكن ذلك يضيف 60 دقيقة إلى الرحلات التي تستغرق 17 ساعة بالفعل.
وغيرت الخطوط الجوية الفرنسية مسارات رحلاتها إلى خمس وجهات آسيوية يوم الخميس 10 مارس/آذار، منها بكين وطوكيو، ولجأت إلى الطيران في طريق جنوبي يمر عبر تركيا وكازاخستان والصين، فيما قالت الشركة إن التغييرات أضافت ساعة إلى ساعتين لكل رحلة.
عبء مادي وتأثيرات على البيئة
يُقاس العبء الاقتصادي لهذه المسارات الالتفافية بكمية ما تستهلكه الطائرة من وقود إضافي، وعدد ساعات العمل الزائدة، وقدر الحاجة إلى مزيد من أطقم العمل في بعض الرحلات الإضافية.
كما قد تواجه شركات الطيران أعباء صيانة إضافية بسبب الاستخدام المكثف لطائراتها في رحلات طويلة المدى، علاوة على رسوم التحليق الجديدة التي تُدفع للبلدان التي لم تكن الطائرات تحلق فوقها في تلك الرحلات من قبل. فضلاً بالطبع عن الوقت الإضافي الذي يقضيه العملاء في المطارات الوسيطة.
كما تؤدي هذه الرحلات إلى عجز ملموس لدى شركات الطيران عن الوفاء بالتزاماتها الرامية إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
يقول روبرت مان، محلل شؤون الطيران، إن طائرة الإيرباص SE A350-900، التي تستخدمها شركة الطيران الفنلندية "فين آير"، تستهلك ما يقرب من 1830 غالوناً من الوقود في الساعة في حالة الرحلة النموذجية، ولما كان سعر الغالون في 10 مارس/آذار عند 3.20 دولار للغالون الواحد في أوروبا، فإن 3 ساعات إضافية من الطيران تعني أكثر من 17 ألف دولار زائدة في نفقات الوقود.
إذا استمر هذا الاستخدام الإضافي للوقود، فإن شركات الطيران ستبتعد كثيراً عن هدفها الخاص بتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، وهو هدف طموح اعتمده "اتحاد النقل الجوي الدولي" في أكتوبر/تشرين الأول.
من جهة أخرى، تأتي الزيادة في طول الرحلات الجوية لتضيف مزيداً إلى معاناة شركات الطيران، التي تلقت خلال فبراير/شباط 2022، ضربةً موجعة بسبب جانب آخر من الحرب، وهو ارتفاع أسعار وقود الطائرات تحت تأثير الاضطرابات الجيوسياسية والحظر الأمريكي لواردات النفط الروسي.
حيث ارتفعت أسعار الوقود الفوري بنسبة 26% لتصل إلى 116 دولاراً للبرميل من خام برنت يوم الخميس، 10 مارس/آذار. وارتفع سعر العقود الآجلة لخام برنت إلى 139 دولاراً خلال اليوم، في 7 مارس/آذار.