تتمركز القوات الروسية مع حلول صباح السبت، 12 مارس/آذار 2022، حول العاصمة الأوكرانية كييف، وتغلق مدينة ماريوبول، التي يعيش آلاف السكان فيها، ويعانون ظروفاً قاسية جنوبي البلاد، والتي تشهد عمليات قصف منذ أكثر من أسبوعين.
وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن وسائل الإعلام المحلية في أوكرانيا، صباح السبت، أن صافرات الإنذار دوّت في كل الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك المدن الكبرى كييف وأوديسا ودنيبرو وخاركيف.
الجيش الأوكراني قال إن نظيره الروسي يركز جهوده على مدن "كريفي ريغ"، و"كريمنشوغ"، و"نيكوبول"، و"زابوريجيا"، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي للروس يبقى كييف، التي يحاولون تطويقها.
من جانبها، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن القوات الروسية الموجودة في ضواحي العاصمة تحاول القضاء على الدفاعات في بلدات عدة بشمال العاصمة "لإغلاقها"، فيما قال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن "كييف رمز للمقاومة"، مؤكداً أنها تستعد لـ"دفاع لا هوادة فيه".
في غضون ذلك قالت شركة "ماكسار" الأمريكية إنها التقطت صوراً من الأقمار الصناعية، يوم الجمعة 11 مارس/آذار 2022، وأظهرت أن وحدات عسكرية روسية تواصل انتشارها بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف، وتطلق نيران المدفعية بكثافة صوب مناطق سكنية.
أضافت الشركة أن النيران اندلعت في عدد من المنازل والمباني، وشوهدت أضرار واسعة النطاق في أنحاء بلدة تقع شمال غربي كييف.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث لمعلومات المخابرات، إن "روسيا تسعى على الأرجح إلى إعادة نشر قواتها، من أجل هجوم جديد في الأيام المقبلة. وسيشمل هذا على الأرجح عمليات ضد العاصمة كييف"، مشيرةً إلى أن القوات الروسية تتمركز في شمال غربي العاصمة.
أضافت المخابرات البريطانية أن القوات البرية الروسية ما زالت تحرز تقدماً محدوداً، وتعوقها المشكلات اللوجستية المستمرة والمقاومة الأوكرانية.
حصار ماريوبول
في سياق متصل، تشدد القوات الروسية الخناق على مدينة "ماريوبول" الساحلية الاستراتيجية، الواقعة في جنوب شرق البلاد.
منظمة "أطباء بلا حدود" قالت إن مدينة ماريوبول المحاصرة منذ نحو 12 يوماً، وتتعرض لقصف روسي باستمرار، باتت في وضع "شبه ميؤوس منه"، وأضافت أن "مئات الآلاف من الأشخاص" يقيمون فيها بلا مياه وبلا تدفئة، بينما تتحدث حصيلة رسمية عن سقوط 1582 قتيلاً في المدينة.
بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن عدداً من الجثث تُرك في الشوارع، وتم حفر مقبرة جماعية كبيرة لدفن الضحايا، وأضافت أنه في الأيام الأخيرة شوهد سكان يتشاجرون من أجل الطعام.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، مساء الجمعة، إن "العدو ما زال يغلق ماريوبول"، موضحاً أن "القوات الروسية لم تسمح بدخول مساعداتنا إلى المدينة". ووعد بالقيام بمحاولة جديدة، اليوم السبت، لإيصال مواد غذائية ومياه وأدوية.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أمس الجمعة، في تغريدة مرفقة بصورة حفرة، أن "ماريوبول المحاصرة هي حالياً أسوأ كارثة إنسانية على هذا الكوكب. قتل 1582 مدنياً في 12 يوماً، ودفنوا في حفر جماعية مثل هذه".
كانت يوليا وزوجها من الأشخاص القلائل الذين تمكنوا من الفرار من ماريوبول منذ بدء الحصار، وعبرا نقاط تفتيش روسية بخوف. وقالت "على الطريق رأينا سيارات مدنية محترقة، وفي بعض الأحيان مقلوبة، فهمنا أن الروس أطلقوا عليها الرصاص".
يأتي هذا بينما تكشف أرقام نشرتها الأمم المتحدة، الجمعة 11 مارس/آذار 2022، أن الأزمة الإنسانية تتسع، مشيرةً إلى فرار أكثر من 2,5 مليون شخص من أوكرانيا، بينهم 116 ألفاً من رعايا دول أخرى، منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير/شباط.
يتوجه معظم هؤلاء اللاجئين إلى بولندا، حيث قدر حرس الحدود عدد الذين عبروا الحدود بـ1,5 مليون شخص، منذ 24 فبراير/شباط 2022.
ضغوط على روسيا
بالموازاة مع ذلك، يواصل المعسكر الغربي تعزيز الضغط الاقتصادي على موسكو، عبر التمهيد لفرض رسوم جمركية عقابية، وتجفيف المبادلات التجارية لهذا البلد.
الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى انضمت إلى واشنطن لحرمان روسيا من وضع "الدولة الأولى بالرعاية"، الذي يسهل التجارة الحرة في السلع والخدمات.
كذلك استهدفت واشنطن السلع الكمالية، إذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حظر استيراد "سلع من قطاعات رئيسية من الاقتصاد الروسي، بينها المأكولات البحرية والفودكا والألماس".
بدورهم، حذّر القادة الأوروبيون في اجتماع عُقد أمس الجمعة في قمة فرساي، من أن تشديد العقوبات قد يستمر، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحفيين في ختام الاجتماع الذي استمر يومين "إذا كثف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين القصف وفرض حصاراً على كييف، وكثف مشاهد الحرب، فإننا نعرف أنه سيكون علينا فرض عقوبات شديدة مرة أخرى".
لم يستبعد ماكرون أن يستهدف الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق واردات الغاز أو النفط التي لم تطلها الإجراءات حتى الآن، بسبب الكلفة التي ستترتب على الأوروبيين الذين يعتمدون بشكل كبير على المحروقات الروسية.
من جهته، حذر بايدن من أن روسيا ستدفع "ثمناً باهظاً" إذا استخدمت أسلحة كيميائية في أوكرانيا، لكنّه تعهد "بتجنب" مواجهة مباشرة بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وموسكو، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى "حرب عالمية ثالثة".
يُشار إلى أن موسكو تشترط لإنهاء عمليتها العسكرية تخلي كييف عن أي خطط من شأنها الانضمام إلى كيانات عسكرية، بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واتخاذ موقف الحياد التام.