كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية الخميس 10 مارس/آذار 2022، أن المملكة العربية السعودية تعتزم شراء كمية كبيرة "غير عادية" من وقود الديزل، في خطوة وصفتها بـ"المفاجئة" من دولة تزيد صادراتها عن وارداتها مثل السعودية، الأمر الذي يزيد الضغط على أسواق الديزل والتي تعاني أصلاً من نقص في المعروض بشكل متصاعد منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.
في سياق متصل، نقلت الوكالة عن تجار مطلعين على الأمر- طلبوا عدم الكشف عن هويتهم- قولهم إنَّ "شركة أرامكو لتجارة المنتجات البترولية طلبت ما بين 1.2 مليون و4.6 مليون برميل من الديزل منخفض الكبريت لتسليمه إلى عدة موانئ في السعودية بحلول منتصف مارس/آذار إلى أبريل/نيسان عبر مناقصة".
ووصفوا أيضاً هذا التحرك السعودي بأنه "نادر من دولة عادة ما تكون مصدِّراً صافياً لمادة الديزل (أي أن صادراتها أكثر من وارداتها)".
كمية "يصعب العثور عليها"
التجار المطلعون الذين تحدثوا إلى وكالة Bloomberg الأمريكية، ذكروا أن العثور على مثل هذه الكمية الكبيرة من الوقود في مثل هذا الوقت القصير سيكون صعباً للغاية. إذ تأتي هذه المناقصة في وقت تعاني فيه أسواق الديزل من تراجع حاد أو "السوق المقلوبة"؛ وهي حالة يكون فيها سعر العقود المستقبلية للسلعة أعلى من سعر البضاعة الحاضرة.
ويتصارع المشترون مع احتمال فقدان الديزل الروسي، الذي سيكون له تأثير كبير في الأسواق الأوروبية، التي تعتبر موطن غالبية صادرات روسيا. في ظل سعي العديد من المشترين الأوروبيين إلى الحصول على شحنات من آسيا والشرق الأوسط، وبدء نفاد مخزونات الوقود في في جميع أنحاء العالم.
أما شركة أرامكو السعودية التي توصف بعملاق النفط العالمي، فقد رفضت التعليق على هذا الأمر دون أن تنفيه أو تؤكده.
ارتفاع حاد في أسعار الطاقة
منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط وأسعار الطاقة إلى جانب المواد الغذائية أيضاً آخذة في الارتفاع على نطاق عالمي بشكل حاد مع تصاعد وتيرة الصراع في أوكرانيا دون وجود أفق حل سياسي أو وقف لإطلاق النار يلوح في الأفق.
هذا الارتفاع الجنوني الذي يطال قطاع الطاقة قد يجعل النفط الآسيوي ومنه "السعودي"، من النفط المرغوب فيه؛ نظراً إلى تشابهه مع النفط الروسي في كثير من العوامل، كما يذكر موقع Quartz الأمريكي.
وكان السعر الفوري للديزل في آسيا قد سجل زيادة بقيمة 10 دولارات للبرميل اعتباراً من بعد ظهر الخميس 10 مارس/آذار في سنغافورة، مقارنة بأقل من دولارين في مطلع فبراير/شباط. وكانت الأرباح من تحويل النفط الخام إلى ديزل في آسيا متقلبة أيضاً، متأثرة بأوروبا، وانخفضت بما يصل إلى 15 دولاراً للبرميل بحلول الخميس مقارنة مع اليوم السابق.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي بايدن أعلن الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022 حظراً كاملاً على استيراد النفط والغاز والفحم من روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا، موضحاً أنه اتخذ هذا القرار بعد "التشاور الوثيق مع الحلفاء"، في ظل اتجاه كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى وقف اعتمادهما على النفط والغاز الروسي بشكل تدريجي.
منافسة بين التكنولوجيا والنفط
على صعيد آخر، كان تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية الخميس 10 مارس/آذار 2022، ذكر أن ارتفاع أسعار النفط ساهم في تضييق فجوة القيمة السوقية بين شركة "آبل" والشركة السعودية "أرامكو"، بعد أن وصل ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى له منذ 2008.
وقفزت أسهم "أرامكو" بنسبة 15% في أقل من 3 أسابيع فقط، مقابل تراجع أسهم "آبل" بنسبة 9% منذ مطلع 2022، ما ساهم في تضييق فجوة القيمة السوقية بين الشركتين.
ووصلت القيمة السوقية لشركة أرامكو إلى أكثر من 2.3 تريليون دولار، بينما انحدرت القيمة السوقية لآبل إلى نحو 2.6 تريليون دولار، ما جعل الفجوة بين الشركتين تضيق إلى حد كبير مقارنة مع الوضع السابق قبل بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا وما تسبب به من ارتفاع حاد في أسعار النفط والطاقة عموماً.
شركة "أرامكو" السعودية العملاقة للنفط تسعى إلى تضييق الفجوة مع شركة "آبل" الأمريكية للإلكترونيات للحصول على لقب "أعلى شركات العالم قيمةً سوقية"، مستفيدة من انعكاس التطورات على الساحة العالمية وزيادة أسعار النفط بشكل حاد.
وعلى الرغم من أن أرامكو لا تزال بعيدة بأكثر من 10% عن استعادة المركز الأول، فإن الارتفاع المستمر في أسعار الطاقة مع اتجاه الدول إلى فرض عقوبات على النفط الروسي زاد من فرص الشركة السعودية.