يُفكر آلاف الروس ذوي الأصول اليهودية في الانتقال إلى إسرائيل في أعقاب هجوم الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا، مما سيؤدي إلى تدفقٍ من يهود روسيا قد يتضخم ليصبح الأكبرَ منذ تفكيك الاتحاد السوفييتي، وفق ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الأربعاء 9 مارس/آذار 2022.
فقد حصل 1400 منهم على الموافقة على طلب تأشيرته منذ اندلاع الحرب، التي تسببت في فرض عقوباتٍ حوّلت بلادهم إلى دولةٍ منبوذة دولياً بين عشيةٍ وضحاها فعلياً.
بينما قالت وزير الداخلية أييليت شاكيد، إنّ إسرائيل مستعدةٌ لاستيعاب ما يصل إلى 100 ألف يهودي من روسيا وأوكرانيا مع أُسرهم.
آلاف اليهود يستعدون للمغادرة
سافر مارك داغين، وهو من يهود روسيا، إلى إسرائيل للمرة الأخيرة قبل 15 عاماً؛ لقضاء عطلةٍ من أسبوعين مع والده. لكنه ينوي في المرة المقبلة أن يذهب بلا عودة.
داغين من بين آلاف من يهود روسيا الذين يفكرون في الانتقال إلى إسرائيل في أعقاب هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، مما سيؤدي إلى تدفقٍ قد يتضخم ليصبح الأكبر منذ تفكيك الاتحاد السوفييتي.
إذ قال داغين (50 عاماً)، في مقابلةٍ هاتفية من سانت بطرسبرغ: "لا أرى مستقبلاً لأولادي في هذا البلد الآن مع الأسف".
بينما يقول وكلاء العقارات وموظفو الهجرة إنّهم شهدوا زيادةً كبيرة في الاستفسارات من الروس المؤهلين للاستفادة من القانون الإسرائيلي، الذي يسمح لأي شخصٍ له أبوان أو أجداد يهود بأن يتقدّم بطلبٍ للحصول على الجنسية.
هناك أكثر من 14 ألف شخص من روسيا وبيلاروسيا تقدموا حتى الآن بطلبات أو أعربوا عن اهتمامهم، وفقاً لنيتا بريسكين-بيليغ، مديرة مكتب ناتيف المسؤول عن إصدار التأشيرات لأبناء الجمهوريات السوفييتية السابقة. وذلك مقارنةً بـ7707 تأشيرات صدرت للروس إجمالاً في عام 2021.
"لقد بدأ الأمر بالفعل"
في حين قال أورين كاتز، وكيل العقارات بحي نيف تزيدك للأثرياء في تل أبيب: "لقد بدأ الأمر بالفعل". وتضم قائمة عملاء كاتز السابقين الملياردير الروسي-الإسرائيلي رومان أبراموفيتش، الذي يمتلك بالفعل عدداً من العقارات الفاخرة في إسرائيل.
يقول كاتز إنّ الأثرياء الروس بدأوا في التواصل مع مكتبه بشكلٍ عاجل منذ بدء الهجوم، وبميزانياتٍ تتراوح بين بضعة ملايين وما يصل إلى 50 مليون دولار. وقد بدأ المليارديرات الروس من أصول يهودية في اقتناص القصور والبيوت الفاخرة حتى قبل أن يبدأ الهجوم على أوكرانيا، مما رفع أسعار العقارات في أكثر المواقع الساحلية المرغوبة مثل تل أبيب.
ليس هناك ما يكفي من البيوت والفيلات الفاخرة في الوقت الحالي لتلبية هذا الارتفاع في الطلب من يهود روسيا، بحسب كاتز؛ مما دفع البائعين إلى التمسك بعقاراتهم في انتظار ارتفاع الأسعار أكثر.
أما ميكائيل فهو الرئيس المالي لشركةٍ مقرها في موسكو وتصل إيراداتها السنوية إلى نحو نصف مليار دولار، وقد انتقل مع زوجته وأطفاله إلى العاصمة الأوزبكية طشقند بعد الهجوم بوقتٍ قصير؛ وذلك أملاً في السفر مع عائلته إلى إسرائيل.
كان ميكائيل قد حصل مع أسرته على الجنسية الإسرائيلية في عام 2019 باعتبارها وثيقة تأمين ضد سياسات الكرملين غير المتوقعة، والتي أدت إلى فرض عقوبات محدودة بالفعل، على خلفية ضم القرم عام 2014.
إذ قال في مقابلةٍ من طشقند، بعد أن رفض ذكر اسمه الكامل؛ حتى لا يسبب مشكلات لشركته: "كانت الجنسية أشبه بباقة تأمين، من أجل الأغراض الطارئة. وهذا هو دورها الآن تحديداً".
عقبات أمام خروج يهود روسيا
تُعتبر العقوبات نفسها من المشكلات التي كانت سبباً في تأخير الأثرياء الروس عن السفر، حيث دفعت العقوبات مزيداً من الروس إلى التفكير في الانتقال، لكنها زادت عملية الانتقال تعقيداً.
حيث تخضع الحوالات الدولية التي يُجريها الروس المقيمون بالخارج، لتدقيقٍ متزايد في جميع أنحاء العالم، بينما تحاول البنوك التكيف مع سيلٍ من العقوبات الجديدة.
بينما علّقت بعض البنوك الإسرائيلية بالفعل بعض الحوالات المصرفية من المواطنين الروس في أوروبا؛ للتأكد من أنها ممتثلةٌ للعقوبات، وذلك وفقاً لفردين مطلعين على العملية.
تزيد تعقيدات عملية انتقال يهود روسيا إلى إسرائيل بالنسبة لمن لا يملكون حسابات مصرفية أجنبية مثل ديغان، بعد أن فرض بوتين حظراً يمنع المواطنين الروس من نقل الأموال الأجنبية خارج البلاد.
إذ قال: "إذا بعت سيارتي وشقتي أو منزلي الريفي؛ فستظل المشكلة الكبرى في نقل المال إلى خارج الاتحاد الروسي". وكان ديغان يشغل منصب العضو المنتدب في Eskaro Chemical AS Ltd حتى وقتٍ قريب، لكنه ينتظر الآن موعد مقابلته مع القنصلية الإسرائيلية في سانت بطرسبرغ؛ أملاً في الانتقال مع زوجته وأطفاله الثلاثة في غضون 18 شهراً.
أما بالنسبة لصانعة الأفلام إفدوكيا موسكفينا (38 عاماً)، فقد أدت الحرب إلى تسريع خططها القديمة للانتقال إلى إسرائيل، حيث قالت في مقابلةٍ من مدينة باطوم الجورجية، التي تقيم بها منذ بداية الهجوم: "ظننت أنه مايزال لدي متسعٌ من الوقت، ولكنني أدرك الآن أن الوقت قد أزف. لم تعد روسيا وطني بعد الآن".