مع تصاعد الصراع العسكري بين أوكرانيا وروسيا، تصاعدت المخاوف من تأثر أوروبا، بشكل كبير، بهذه الحرب وأن تتسلل الأزمة إلى أوروبا الغربية.
سادت حالة تأهُّب كبيرة وصلت لعدد من المدن الأوروبية، من بينها ألمانيا، وفرنسا، وحتى السويد، إذ توافد الآلاف على المحال التجارية والسوبر ماركت لشراء مخزون من البضائع الأساسية كالزيت والطحين والخبز والمناديل؛ خوفاً من أزمة مرتقبة.
في ألمانيا كانت الحالة أكثر ظهوراً، تقول رُبى- وهي من سكان مدينة دسلدروف- لـ"عربي بوست"، إن حالة التأهب أشعرتها بكثير من الإحباط، إذ لم تكن تتخيل أن تعيش هذه الأجواء..
تدريب على الهروب إلى الملاجئ
تضيف: "أختي الصغيرة (12 عاماً)، رفضت قبل أيام، الذهاب إلى المدرسة، وحين سألت أمي قالت إنها تشعر بالإحباط والقلق الشديدَين، وطلبتْ من أمي عدم الذهاب إلى المدرسة، لأن صفارات الإنذار تدوّي فجأة، ويتم تدريب الأطفال على النزول السريع إلى الملاجئ استعداداً لأي ظرف طارئ".
تشير إلى أن الحديث بالعمل وفي مدرسة أختها الصغيرة أصبح ينصبُّ بشكل كبير على الأزمة الروسية-الأوكرانية، الجميع قلِق من أن تصل أصداء هذه الحرب إلى أوروبا أو أن تتأثر بشكل ما، إضافة إلى أن المَدرسة تُطلع الأطفال يومياً على أخبار الحرب؛ لزيادة الوعي بما يدور في محيطهم.
لم تكن الشابة السورية التي تعيش في ألمانيا منذ 8 أعوام، تتخيل أنها ستعيش الأجواء ذاتها مرة أخرى، تحكي لـ"عربي بوست" أنه حين قُصفت جامعتها في محافظة درعا السورية اضطروا إلى الهروب إلى الملجأ قبل دقائق من سقوط قذيفة على الجامعة، وأن الملاجئ تشكّل لديها ذاكرة سيئة جداً، لذلك فإن أجواء الحرب على أوكرانيا والاستعداد لها أعادا هذه المشاهد المؤلمة الى ذاكرتها مجدداً.
البضائع تنفد من المحال التجارية..
تحكي نسمة لـ"عربي بوست" أن حالة الفزع الشديدة من نفاد البضائع الأساسية من المحلات التجارية ذكّرتها ببداية الأزمة مع انتشار جائحة كورونا في العالم، إذ رصدت بكاميرا الموبايل الخاص بها نفاد البضائع من أرفف المحال التجارية بألمانيا.
إضافة إلى ارتفاع سعر البنزين فجأة من 1.60 يورو للتر البنزين، إلى 2.30 في أقل من أسبوعين.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي سخِروا من حالة نقصان البضائع في المحال وبدأوا عمليات مقايضة هزلية؛ للتعبير عن الوضع الحالي.
في تركيا وفرنسا والسويد رصد "عربي بوست" أيضاً، المشاهدات ذاتها في بعض المدن، إذ زاد الإقبال على البضائع الأساسية بشكل كبير حتى أوشكت على النفاد من المحلات التجارية، الأمر الذي أجبر وزارة التموين التركية على منع بيع أكثر من زجاجتي زيت في المحلات للمستهلك الواحد؛ للحد من ظاهرة التخزين والاحتكار.
"مخزون تركيا من الزيت قد يكفي حتى نهاية مارس/آذار أو منتصف أبريل/نيسان".. أثار رئيس مجلس إدارة جمعية مصنعي الزيوت النباتية، طاهر بيوك فاجيل، الجدل بتلك الجملة المختزلة التي تحمل كثيراً من القلق للمواطنين الأتراك، حيث أكدت تلك الجملة أن تركيا ستشهد أزمة في زيت دوار الشمس في حال لم تسمح روسيا بمرور 15-16 سفينة محملة بالزيت الخام من بحر آزوف.
تنتظر تركيا 16 سفينة محملة بزيت دوار الشمس الخام، حيث لا يُسمح لها بالخروج من ميناء روستوف على حدود بحر آزوف (إحدى النقاط الرئيسية في استيراد زيت دوار الشمس الخام)، ويتم تحميل معظم زيت دوار الشمس المستورد إلى تركيا من ميناء روستوف في المنطقة، ولكن في حال لم تصل تلك الشحنات إلى تركيا من المتوقع أن تعيش الدولة أزمة كبيرة.
وتحتل أوكرانيا المرتبة الأولى بنسبة 30.7% في إنتاج دوار الشمس العالمي، بينما تحتل روسيا المرتبة الثانية بنسبة 27.2%، ويحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة بنسبة 17.8%.
تخوفات من اللجوء إلى الفحم..
في السياق تفاقمت تخوفات الأوروبيين من أن يضطروا إلى اللجوء للفحم للتدفئة بعد أزمة الغاز المرتقبة على أثر الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ تحاول أوروبا تجنب أزمة الغاز الروسي التي من الممكن أن تتفاقم بعد أزمة الحرب الأوكرانية الروسية، وتلجأ إلى الفحم، الذي عاد للحياة مع توقعات بارتفاع سعره إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي حال استمرار أسعار الغاز في الارتفاع، أو تسبُّب الصراع بروسيا وأوكرانيا في انخفاض كبير في توليد الطاقة من الغاز في عام 2022، فإن أوروبا لديها الفحم كخيار لتعويض النقص، حيث إنه الخيار الأكثر مرونة.
ويمكن أن يزيد توليد الفحم بنسبة 11% أخرى هذا العام إلى 641 تيراوات ساعة، أى إنه سيعود إلى مستويات 2018؛ لضمان بقاء الأضواء مضاءة في جميع أنحاء البلاد.
وتوترت العلاقات بين كييف وموسكو، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية في 16 مارس/آذار 2014، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة، وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.