قال خبراء أمنيون إن القيادة الروسية تتهم "جهاز الأمن الفيدرالي الروسي" FSB، أحد أبرز الوكالات التي خلفت جهاز الاستخبارات السوفييتي، بنصيبٍ كبير من المسؤولية عن تعثر الغزو الروسي لأوكرانيا، وقيل وفقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية، إن فلاديمير بوتين غاضب بسبب افتقار المعلومات الاستخباراتية التي تلقاها عن أوكرانيا إلى الدقة.
أندريه سولداتوف، رئيس تحرير موقع "أجنتورا" Agentura الاستقصائي، المتخصص في تتبُّع أجهزة الاستخبارات الروسية، قال إن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي "ليس منظمة مؤهلة لهذه المهمة، فالتقارير النهائية التي قدموها عن الحالة الميدانية في المدة التي سبقت الغزو من الواضح أنها افتقرت إلى الدقة، وهذا سبب رئيسي من أسباب الأداء السيئ لروسيا هناك".
ويشار إلى أن المهمات الأساسية لجهاز الأمن الفيدرالي، الذي كان بوتين مديراً له من 1998 إلى 1999، مهمات داخلية، وتشمل كل شيء من مكافحة الإرهاب إلى تأمين الحدود، لكن السنوات الأخيرة شهدت توسعاً في نطاق عمل الجهاز، وبات معنياً كذلك بمراقبة دول الاتحاد السوفييتي السابق.
سولداتوف أضاف أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أنفق منذ عام 2014 كثيراً من الوقت والموارد، سعياً إلى إثارة الاضطرابات في غرب أوكرانيا بين جماعات يمينية متطرفة، لكن مساعيه لم تسفر في النهاية عن شيء. كما أنه "أخطأ بشدة" في تقدير مدى الدعم الشعبي بين الأوكرانيين للغزو الروسي، وتهوينه من شأن المقاومة المتوقعة له.
ومع ذلك، يقول سولداتوف إنه "لا يمكن الجزم بأن المعلومات الاستخباراتية التي جمعوها لم تكن دقيقة في الواقع، لكن المشكلة قد يكون مرجعها خوف مسؤولي الاستخبارات الشديد من إخبار بوتين بما لا يريد سماعه، وأنهم قد يلجأون إلى تنقيحها [لكي لا تثير غضبه]".
من جهة أخرى فإن توالي الإحراج العلني لضباط الجهاز خلال الأيام الأخيرة أفضى إلى مزيد من الإذلال لهم، ففي نهاية الأسبوع الماضي ظهر تقرير، يُزعم أنه من كتابة ضابط في جهاز الأمن الفيدرالي، ويشتكي فيه الكاتب الساخط عملَهم فوق طاقتهم، و"التدريبات الشكلية" التي لا تُجرى إلا لأغراض بيروقراطية، ومن دون طائل من ورائها، حتى إنها تركت البلاد غير مستعدة لتداعيات العقوبات الغربية.
في المقابل، قال الجيش الأوكراني يوم الثلاثاء، 8 مارس/آذار، إن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، المتخصص في بث الاضطرابات السياسية، لديه حالياً مئات من عملائه الذين يعملون في جميع أنحاء أوكرانيا، ويستخدم مجموعات تابعة له ووسائل مختلفة لترهيب المدنيين في المناطق المحتلة.
وأشار فيليب إنغرام، الخبير الأمني وضابط الاستخبارات البريطاني سابقاً، أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألحق ضباطاً تابعين له للعمل "مفوضين سياسيين" في كل وحدة عسكرية، والهدف هو "التيقن من عدم وجود معارضة والتزام الخط العام للدولة، ما يخيف القادة العسكريين [من أي مخالفة للأوامر] ويعزز التزام القوات على الأرض بنهج النظام".
لكن من اللافت أن الكشف عن مقتل الجنرال الروسي فيتالي جيراسيموف، جاء بعد أن نجحت أجهزة الأمن الفيدرالية في اعتراض مكالمة هاتفية أجراها أحد ضباط الأمن الفيدرالي، الملحق بالجيش 41 المحاصِر لمدينة خاركيف، بضابطٍ آخر لإخباره بوفاة الجنرال، ثم نشر الأوكرانيون محتوى المكالمة إلى العلن.
ويكمن الإخفاق في أنهم استخدموا لإجراء المكالمة بطاقة هاتف sim عادية، بدلاً من الاستعانة بقناة اتصال آمنة كما هو متبع في الأحوال المماثلة.
فيما يرى إنغرام أن جهاز الأمن الفيدرالي "ما زالت منظمة عتيقة في أساليبها إلى حد كبير، فهي تحاول التجسس بالطريقة القديمة، التي اعتادتها دائماً، لكنهم سيتألمون الآن لأن بوتين اشتد غضبه، وهو أمر واضح في لغة جسده، والطريقة التي يلوِّح بها، والخطاب الذي يستخدمه. فهو يلومهم على تقديراتهم الخاطئة التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار السيئ بغزو أوكرانيا".