كشف مصدر قضائي جزائري أنه تمت مصادرة نحو 4 مليارات يورو خلال شهر واحد من الأرباح غير المشروعة لكبار المسؤولين ورجال الأعمال السابقين في نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بحسب تقرير نشره موقع Jeune Afrique الإفريقي، الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022.
حيث أوضح المصدر ذاته أنَّ القضاء الجزائري أصدر بالفعل سلسلة من الأوامر لمصادرة ممتلكات رموز النظام السابق، والتي تُنفَذ تدريجياً منذ 15 فبراير/شباط الماضي.
على أثر ذلك، يظلم الأفق أكثر فأكثر على كبار المسؤولين ورجال الأعمال السابقين في نظام بوتفليقة، الذين صدرت بحقهم بالفعل أحكام سجن شديدة في سياق قضايا الفساد.
كان من بين الأصول التي تستردها السلطات على "الأراضي الوطنية"، مصانع وفيلات وقوارب نزهة وشقق وقطع أراضٍ، ومبانٍ وسيارات ومجوهرات وأصول في البنوك.
فيما بلغت قيمة الممتلكات المُصادَرة 600 مليار دينار (أي تقريباً 3.8 مليار يورو) تُدفَع لصندوق خاص أُنشئ بموجب المادة 43 من قانون المالية التكميلي عام 2021.
هذا الصندوق يجمع المبالغ المُسترَدَّة في الخارج، وكذلك عائدات بيع الممتلكات التي تصادرها السلطات الجزائرية بعد قرار قضائي نهائي.
كما سيُخصَّص هذا الحساب أيضاً لتسوية التكاليف المتعلقة بتنفيذ إجراءات المصادرة والاسترداد والبيع، وكذلك تصفية الديون المرهونة على الممتلكات المُصادرة.
فيما أصدرت المحاكم أوامر تنفيذ عمليات التفتيش والإغلاق بالشمع الأحمر والمصادرة بحق خمس عشرة شخصية، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
أضرار جسيمة للخزينة العامة
بحسب موقع Jeune Afrique الإفريقي، يبدو أنَّ الدافع وراء تسريع تلك الإجراءات القضائية كان محاولة بيع شقتين فاخرتين في باريس بقيمة تزيد على 450 مليون دينار (2.8 مليون يورو) مملوكتين لوزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، الذي أدين غيابياً في أربعة أحكام قضائية بالسجن 80 عاماً.
بينما كانت جميع الأصول العقارية والمصرفية، في الجزائر وخارجها، المملوكة للوزير الأسبق، تخضع لأوامر المصادرة التي أمرت بها المحاكم الجزائرية في قضايا الفساد.
ففي 21 فبراير/شباط، قررت العدالة استعادة عشرة عقارات وممتلكات صناعية، وسيارتين فاخرتين ذواتي علامة تجارية ألمانية، إضافة إلى أشياء ثمينة مختلفة تخصه. ولم تفلت من الشرطة القضائية سوى فيلته في مدينة الشراقة، والمُسجّلة باسم والدته.
كذلك، توجد في ملف المحكمة قائمة أصول علي حداد، رئيس مجموعة ETRHB للأشغال العمومية، المُحتجَز في سجن تازولت، والتي تزيد على عشر أوراق؛ وبها: عدة مساكن في الجزائر العاصمة، و57 قطعة أرض، و452 قرضاً من البنوك العامة التي كلّفت الخزانة العامة 110 مليارات دينار (706 ملايين يورو) تضاف إلى 275 مشروعاً مُنِح خارج النظام لمجموعة ETRHB؛ مما تسبب في خسارة المؤسسة نفسها 1000 مليار دينار (6.5 مليار يورو).
"الاتجار بالنفوذ وغسيل الأموال"
في حين صدر بحق علي حداد حكم نهائي في مايو/أيار 2021، بتهمة "الاتجار بالنفوذ وغسيل الأموال والرشوة مقابل مزايا غير مستحقة، والتمويل الخفي للحملة الانتخابية" لولاية خامسة للرئيس المعزول عبد العزيز بوتفليقة.
إضافة إلى ذلك، شرعت الشرطة، بإشراف القاضي والنائب العام، في فبراير/شباط الماضي، في مصادرة منزل رجل الأعمال نوح كونيناف في بوزريعة، على مرتفعات الجزائر العاصمة، ومصادرة منزل في الرويبة مملوك لرئيس من مجموعة "سيما موتورز"، محيي الدين طحكوت، الذي أدين بتهمتي "استغلال النفوذ والحصول على مزايا غير مستحقة"، وكذلك مصادرة عقارات في وهران يملكها حسين متيدجي، الرئيس التنفيذي للمجموعة التي تحمل الاسم نفسه.
كذلك، أغلقت السلطات بالشمع الأحمر أيضاً عقارات في الجزائر العاصمة تعود ملكيتها لرئيسَي الوزراء السابقَين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزيري الأشغال العامة السابقين عمار غول وعبد القادر القاضي، ورئيس ديوان سلال، مصطفى رحيل، ومختار رقيق، رئيس المراسم السابق في رئاسة الجمهورية.
تكرر الأمر ذاته بالنسبة للمنازل المسجلة بأسماء أبناء المدير العام الأسبق للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، الذي يمضي عقوبة بالسجن عشر سنوات، وصودرت ممتلكاته في سياق قضية الابنة المزعومة للرئيس السابق بوتفليقة.
عملية قضائية ممتدة
تلك العمليات القضائية من المفترض أن تمتد لتشمل الجانب الصناعي الخاص برجال الأعمال المعتقلين. فقد أمر الرئيس عبد المجيد تبون، خلال اجتماع لمجلس الوزراء في مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، بإتمام عملية نقل الأصول المصادَرة إلى القطاع العام التجاري قبل نهاية الربع الأول من عام 2022.
إلا أن الأمر يتوقف الآن على الحكومة لاستكمال حصر المصانع التي نُظِّم وضعها القانوني بهدف إعادتها إلى أحضان الدولة؛ ومنها شركة في ولاية جيجل لإنتاج زيت الطعام. وهي تابعة للأخوين كونيناف، اللذين حكمت عليهما محكمة الجزائر في مايو/أيار 2021، بالسجن وغرامات كبيرة ومصادرة ممتلكاتهما. وقد أدينا بتهمة "استغلال النفوذ، وغسيل الأموال، والتمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة، وتلقي مزايا غير مستحقة".
فيما ستكون أول شركة تُنقَل ملكيتها للدولة، وتحديداً إلى وزارة النقل، هي شركة النقل المملوكة لرجل الأعمال محيي الدين طحكوت، وهي واحدة من أصول عديدة يمتلكها.
كذلك، يشمل الإجراء شركات مجموعة معزوز المكونة من عدة شركات تابعة، وشركة الأشغال العامة ETRHB لرجل الأعمال علي حداد. وستحتفظ الدولة بالوظائف والأصول في هذه الكيانات كما هي.