13 ألف غرفة فندقية ومئات الوحدات الاستيطانية.. إسرائيل تستعد لاستقبال أكبر موجة هجرة من أوكرانيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/08 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/08 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش

على وقع أزمة اللجوء التي تفاقمت في ظل الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا، تجري إسرائيل استعداداتها لأكبر موجة هجرة يهودية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وسط توقعات بأن يصل عدد المهاجرين اليهود لـ100 ألف خلال الأسابيع القادمة، في حال استمرت حالة التوتر بين روسيا والغرب.

وبات ملف المهاجرين اليهود في أوكرانيا متصدراً للأجندة السياسية في إسرائيل، حيث تعمل دوائر الدولة بشكل مكثف ضمن خطة طوارئ كانت قد أعلنت عنها وزيرة الداخلية إيليت شاكيد منذ الأيام الأولى لنشوب التوتر على الحدود الروسية- الأوكرانية، تهدف لاستقبال عشرات آلاف المهاجرين اليهود بموجب "قانون العودة" الذي يسمح من خلاله لليهود المهاجرين بالحصول على الجنسية الإسرائيلية فور وصولهم إلى البلاد.

ووصف عضو الكنيست تسفي هاوزر الأوضاع الحالية بأنها فرصة تاريخية أمام إسرائيل يجب إداراتها بحكمة لإقناع أكبر عدد ممكن من الجالية اليهودية في شرق أوروبا للقدوم إلى إسرائيل، وتوطينهم في المستوطنات، بهدف "تحسين الميزان الديموغرافي أمام الفلسطينيين لتصبح إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي"، على حد تعبيره.

ومع وصول أولى دفعات اللاجئين لليهود النازحين من أوكرانيا إلى إسرائيل، قال رئيس الحكومة نفتالي بينيت: "نحن ملزمون باستقبال أولئك اليهود الذين يهربون من أماكن خطيرة بأفضل صورة، وأن يشعروا أن الباب مفتوح والبيت دافئ".

الخطط وإجراءات استيعاب المهاجرين

وفي ضوء الاستعدادات الإسرائيلية لاستيعاب المهاجرين الجدد، أوعزت الدولة بتخصيص 13 ألف غرفة فندقية، منها 5 آلاف غرفة في المناطق الشمالية، و6200 في مناطق الوسط والمركز والباقي في الجنوب.

كما أصدرت وزيرة الداخلية إيليت شاكيد قراراً لرؤساء مجالس المستوطنات بالبدء بتدشين ما بين 7 و12 منطقة سكنية في صحراء النقب والجليل ومستوطنات الضفة الغربية، وتوجيه المهاجرين المحتملين لمدن يكثر فيها تركيز من سبقهم من مهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق، خصوصاً في الجليل والمستوطنات.

كما أعلن قسم الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية عن بدء التحرك لإنشاء 1000 وحدة سكنية استيطانية جديدة لاستيعاب اليهود الفارين من أوكرانيا، ستقام في مناطق قرب الحدود الشمالية في النقب ووادي عربة ووادي الينابيع في بيسان وفي وادي الأردن.

وكشفت صحيفة إسرائيل اليوم في تقرير لها أن وزارة الهجرة والاستيعاب بالتعاون مع الوكالة اليهودية ومؤسسة الصداقة بدأت بجمع التبرعات من الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية لتمويل عملية إيواء النازحين الجدد عبر تخصيص مبلغ مالي سيصرف لكل من يصل إسرائيل من الحرب الأوكرانية، بواقع 1850 دولاراً لكل فرد، و3400 دولار للزوجين، و4700 لكل أسرة لديها أطفال.

وستقدم هذه المنحة لمرة واحدة لكل لاجئ يتم تعريفه على أنه "مهاجر جديد"، وبذلك تكون إسرائيل لأول مرة في تاريخها تعترف بالمهاجرين اليهود من أوروبا كلاجئي حرب.

ووفقاً لوزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا شطا، فقد بلغ عدد النازحين الذين وصلوا إسرائيل من أوكرانيا أكثر من 2800 لاجئ، بينهم 100 طفل يهودي كانوا في إحدى دور رعاية الأيتام في أوكرانيا، و10% من إجمالي النازحين تنطبق عليهم شروط قانون العودة ليصبحوا تلقائياً مواطنين إسرائيليين.

أما الجزء الأكبر فسيتم تقييم أوضاعهم القانونية ومعرفة ما إذا كان سيتم استيعابهم كنازحي حرب أو إعادتهم إلى بلادهم.

نشاط الوكالة اليهودية

على الجانب الآخر وتحديداً في مناطق الصراع على الحدود الأوكرانية مع الدول الأوروبية، أقامت الوكالة اليهودية نقاطاً في كل من وراسو وبودابست وكيشنيف، لإقناع اليهود النازحين بالهجرة لإسرائيل.

فيما أعلنت الوكالة أنها تلقت أكثر من 9 آلاف طلب هجرة من يهود أوكرانيين، في حين أعرب 5 آلاف آخرين عن رغبتهم بالهجرة إلى إسرائيل والاستيطان فيها.

كما خصصت الوكالة اليهودية خطاً ساخناً لتقديم الطلبات والاستفسارات، وأقامت 6 محطات عند النقاط الحدودية الأوكرانية مع دول بولندا ومولدوفا ورومانيا والمجر، لتقديم المشورة ليهود أوكرانيا.

وتتوقع الوكالة التي تأسست عام 1929، وساعدت منذ ذلك الوقت على تهجير ما يزيد على 3 ملايين يهودي إلى إسرائيل، ارتفاعاً كبيراً في الهجرة في حال اشتداد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وقال مدير وحدة الاستيعاب والهجرة في الوكالة اليهودية، شاي فيلبر: نتوقع آلاف المهاجرين ممن سيأتون بشكل مستقل أو منظم، ويجب التفكير كيف نستعد، نحن نقوم باستئجار منشآت في الدول المجاورة ونستعد لإقامة معسكرات انتقالية ينتقل إليها آلاف اليهود ممن سنعمل على نقلهم إلى البلاد جواً.

وتتوقع أوساط إسرائيلية أن المهاجرين اليهود لن يصلوا لإسرائيل مباشرة، بحجة أن قسماً منهم لا يستطيع مغادرة بيته، كما أنه ووفقاً للعبر المستخلصة، فإن اتخاذ القرار بالهجرة لإسرائيل يستغرق من اليهود بضعة أشهر، وأحياناً عدة سنوات.

إسرائيل واستغلال الأزمات الإنسانية

بالتوازي مع ذلك، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية أن وفداً طبياً وصل إلى أوكرانيا لإقامة مستشفى ميداني سيديره مركز "شيبا" الطبي بالتعاون مع خدمات الصحة العامة (صندوق المرضى)، سيتولى مهمة استيعاب الأطفال والبالغين وتقديم خدمات الطوارئ والرعاية الأولية.

تعيد الأحداث الجارية إلى الأذهان الطريقةَ التي تلجأ إليها إسرائيل في استغلال الأزمات الإنسانية والحروب لجلب اليهود وتوطينهم في إسرائيل والمستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ففي مطلع الثمانينيات، تم جلب يهود الفلاشا بسرية وبالتعاون وموافقة الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، من جهة، وعبر الترويج لمخيمات إغاثة إسرائيلية، بحجة مواجهة الفقر والجوع، بينما اتضح لاحقاً أن هذه المخيمات كان هدفها الأساسي تهجير اليهود الفلاشا وضمان عدم جلب مواطنين إثيوبيين من غير اليهود.

ويُقدر عدد أفراد الجالية اليهودية في أوكرانيا بـ150 ألفاً، في حين تقدرها أوساط حكومية أخرى بأكثر من 250 ألفاً، نظراً لوجود جزء كبير من هؤلاء اليهود مزدوجي الديانة ومتنقلين بشكل دائم مع روسيا.

وترى إسرائيل أن الظروف الحالية التي تشهدها أوكرانيا ستكون مثالية أمام خططها الرامية في مضاعفة أعداد اليهود المهاجرين سنوياً.

وتضاعف أعداد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل خلال العقود السبعة الأخيرة بـ10 أضعاف، إلا أن السنوات الأخيرة وبفعل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية التي عاشتها إسرائيل، أبدت أوساط إسرائيلية قلقها من معدلات الهجرة العكسية من إسرائيل إلى الخارج التي باتت تقترب من معدلات الهجرة لإسرائيل بمتوسط 75 ألف مهاجر سنوياً.

على الجانب الآخر بات من اللافت أن الأزمة الأوكرانية- الروسية خفضت من مستوى الصراعات الداخلية بين الأحزاب الإسرائيلية، فبات الحديث عن مشاريع استيطانية جديدة يحظى بتأييد كلا من الحكومة والمعارضة، رغم أنه وحتى وقت قريب كان التوسع الاستيطاني يواجه اعتراضات كبيرة بسبب الحسابات السياسية بين المعارضة والائتلاف الحاكم من جهة، والخشية من غضب الإدارة الأمريكية من جهة أخرى.

وفي ظل الحديث عن الشروع في البدء بمشاريع استيطانية في النقب ومناطق المثلث ذات التركيز العربي، قد تحاول إسرائيل استغلال أزمة اللاجئين الجدد في تمرير مشاريع استيطانية كانت قد تعطلت أو تم تأجيل البث فيها لحين استقرار الحالة السياسية.

خالد شعبان الباحث في مركز التخطيط الفلسطيني المختص في الشؤون الإسرائيلية قال لـ"عربي بوست" إن "حالة التحشيد التي تقودها إسرائيل في الأزمة الروسية- الأوكرانية، تعكس رغبة إسرائيل في تحقيق هدف استراتيجي لطالما سعت إليه، وهو إحداث تغيير في الميزان الديموغرافي عبر زيادة معدلات الهجرة من اليهود إليها، فالتوقعات تشير إلى قدوم أكثر من 200 ألف مهاجر في هذا العام في حال نجحت إسرائيل بجلب العدد الأكبر من يهود أوكرانيا، وهذا من شأنه أن يسرع من خطط ضم مستوطنات الضفة الغربية والاعتراف بعشرات البؤر غير المعترف بها".

تحميل المزيد