“الهروب خيانة”.. أوكرانيات فضلن البقاء تحت القصف الروسي على الخروج مع أزواجهن العرب

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/08 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/08 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
أوكرانيات تحت القصف الروسي - getty images

تكاد لا تخلو أي مدينة أوكرانية من العرب المهاجرين الذين أتوا إلى أوكرانيا في ظروف مختلفة، زادت بعد الربيع العربي وموجات النزوح والهجرة التي صاحبت هذه المرحلة. 

ومع ازدياد عدد العرب والمهاجرين زادت حالات الزواج معها، سواء للرجال أو السيدات من أوكرانيا.

ومع بداية الحرب على روسيا عاد العرب الموجودون هناك إلى اللجوء والنزوح مجدداً في مشهد أعاد إليهم ما عانوه حين هاجروا من بلدانهم، إذ قالت المنظمة الدولية للهجرة، إن أكثر من 1.45 مليون شخص غادروا أوكرانيا خلال الأيام الماضية، وقالت المنظمة إنها أسرع وأكبر موجة نزوح ولجوء داخل أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

ويشير التقرير إلى أن الشركات المشغلة للسكك الحديدية في أوروبا تسمح بالسفر مجاناً لأي شخص يحمل أوراق هوية أوكرانية، ويتم منحهم تصاريح إقامة مؤقتة.

لكن ظلت معضلة أكبر في هؤلاء الذين رفضوا مغادرة كييف باعتبارها وطنهم ولا ملجأ لهم سواها، في حين أصر أزواجهم من المهاجرين على الفرار من القصف الروسي، إذ إنهم أتوا من بلدانهم بالأصل هاربين. 

نور أوكرانية المولد من أصول عربية قالت لـ"عربي بوست": "مع بداية الحرب قرر زوجي وهو سوري الخروج من أوكرانيا إلى الحدود البولندية، لكنني قررت عدم الخروج، صحيح أنا من أصول عربية لكنني وُلدت في أوكرانيا، ولدت في هذا البلد وأولادي دروسوا هنا وعاشوا هنا ولا أعرف بلداً غيره، هذا وطني لذلك كنت قد قررت عدم الخروج". 

اشترت نور منزلاً قبل أشهر من بداية الحرب، وكانت تكمل تجهيزاته للانتقال فيه مع أسرتها لكن الهجوم الروسي الذي بدأ في 24 من فبراير/شباط غيَّر لها الموازين. 

تضحية بدون مقابل 

لم تختلف قصة نور كثيراً عما قاله عبد الرحمن، وهو متزوج من فتاة أوكرانية يعيشان في مدينة أوديسا الأوكرانية. 

جاء عبد الرحمن إلى أوكرانيا بهدف الدراسة التي تعذر عليه استكمالها في بلده العراق، التحق بكلية الطب وبدأ في العمل بواحد من المشافي الحكومية، لكنه وحين بدأ الهجوم حاول إقناع زوجته بالرحيل لكنها رفضت بشكل قاطع.

يقول لـ"عربي بوست": "أتيت من بلدي هرباً من القصف، ومنذ مجيئي إلى هنا وأنا اعاني من تروما، أصبت بهلع حين سمعت صوت القصف مجدداً ولم أكن على استعداد لأن أعيش كل هذه التفاصيل مرة أخرى، طلبت من زوجتي السفر إلى بولندا عبر الحدود لكنها اعتبرت أن الخروح في مثل هذه الحالة خيانة للوطن، لا أفهم معنى التضحية بدون مقابل ولم أفهم أيضاً ما الخيانة في أن نهرب من الموت". 

بعد نقاش طويل تطور لخلاف بين عبد الرحمن وزوجته، اضطر هو للسفر براً إلى الحدود البولندية، بينما سافرت هي من أوديسا إلى كييف، حيث تسكن أسرتها وتقيم معهم الآن". 

يضيف: "أحاول الاطمئنان عليها من وقت لآخر كلما تمكنت من ذلك، أنا قلق عليها جداً وليس معنى أنني خرجت أنني لا أحبها، لكنني لم أحتمل أن يعاد المشهد أمامي مرة أخرى".  

كثير من القصص المأساوية مرتبطة بمصير أفراد وأسر فقدت أو باعت كل ما تملك لتصل إلى بر الأمان في بلدان جديدة، لم تكن تتوقع أن تكون المشاهد مكررة إلى هذا الحد أو تعيش تجربة النزوح واللجوء مرة أخرى، بعدما كانوا يعتقدون أنهم وصلوا إلى بر الأمان، وانتهى بها الأمر في دوامة سراب حقيقي.

وخلال 10 أيام من الحرب تمكَّن الجيش الروسي من السيطرة على مدينة واحدة رئيسية فقط، ولكنه يتحرك ببطء مثل القوس عبر أربع جبهات، من الشمال إلى الشرق والجنوب، ومحاولة غلق هذا القوس بالتقدم من الشمال والجنوب نحو كييف، ومحاصرة الجيش الأوكراني في كامل النصف الشرقي من البلاد، لدفعه نحو الاستسلام.

بالمقابل، حرم الجيش الأوكراني القوات الروسية من تحقيق نصر سريع، وكبَّدها خسائر بشرية مُعتبرة، بالنظر إلى الأسلحة التي زودته بها عدة دول قبل الحرب وأثناءها، وخاصة صواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وصواريخ غافلين المضادة للدروع، ناهيك عن الطائرات بدون طيار.

تحميل المزيد