مرشحاً وحيداً، دخل عزيز أخنوش المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني للأحرار، وخرج منه رئيساً بـ"الإجماع"، إلا صوتاً واحداً قالت المصادر إنه يتعلق بـ"بطاقة ملغاة" بسبب خطأ في التصويت.
رسالة المؤتمر والحزب كانت واضحة لمعارضي الخارج، الذين رفعوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي شعار "ارحل" في وجه رئيس الحزب والحكومة عزيز أخنوش، الحزب قال إنه "موحد وراء" رئيسه.
ووضع المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني للأحرار ثقته مجدداً في رئيس الحزب والحكومة، عزيز أخنوش، لقيادة دفته خلال المرحلة المقبلة، اختار الحزب ترشيحه "منفرداً" في غياب أي منافسين ولو شكليّين.
الولاية الثانية على التوالي لعزيز أخنوش على رأس الحزب، تأتي بعد تحولات كبيرة عاشها الحزب، بعدما "نزل" أغنى رجل في المغرب عن كرسي رئاسة الحزب في 2016.
"رسالة" المرشح الوحيد
في بلاغ للمكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، نشر في 3 مارس/آذار الجاري، قال إن "الإدارة المركزية" للحزب "توصلت بطلب واحد للترشح، ويتعلق الأمر بعزيز أخنوش، وإن هذا الأمر أحيل على أعضاء المكتب السياسي" (هيئة القيادة).
مصادر قيادية في حزب التجمع الوطني للأحرار، قالت إن الحزب ترك الحرية للمرشحين الذين تتوفر فيهم الشروط للترشح، لكن المناضلين أبانوا عن مستوى وعي كبير من خلال عدم تقديم أي مرشح لمنافسة رئيس الحزب.
وتابعت المصادر لـ"عربي بوست"، لو راجعنا سياق المؤتمر لوجدناه تزامن مع اشتداد حملات مجهولة المصدر، تستهدف الحزب وقيادته، كما تهاجم الحكومة ورئيسها، وهذا غالباً ما دفع مناضلي الحزب إلى اختيار عدم الترشح ضد أخنوش.
وأوضحت أن هناك من دعا أخنوش إلى الرحيل، والحزب اليوم رد على هذه الدعوة من خلال هذه الوحدة وهذا الإجماع.
وزادت "قضية عدم الترشح لمنافسة الرئيس خلقت حرجاً داخل القيادة، كما أنها نوقشت داخل المكتب السياسي، وكانت هناك أصوات تدعو لتقديم مرشحين أو مرشح واحد على الأقل لمنافسة الرئيس، لكن تركت حرية التصرف للأعضاء".
وكان المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار قد حدد في بلاغ له، فترة فتح الترشح لزعامة الحزب، ابتداء من 17 فبراير/شباط، إلى و3 مارس/آذار، تماشياً مع المادتين 33 و36 من النظام الأساسي للحزب.
"إجماع".. إلا واحداً
في مساء السبت 5 مارس/آذار الجاري، أعلن رئيس المؤتمر الوطني السابع لحزب التجمع الوطني للأحرار، فوز "المرشح الوحيد" عزيز أخنوش بولاية ثانية على رأس حزب الحمامة.
وكان لافتاً أن عزيز أخنوش حصل على 2547 صوتاً من أصل 2548 مشاركاً في التصويت على انتخابات، الصوت الوحيد الذي لم يحصل عليه أخنوش كان بطاقة "ملغاة"، بسبب خطأ في التصويت، كما قالت مصادر "عربي بوست".
هذا الإجماع أثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ حرص الكثير من النشطاء على اعتبار "الإجماع" دليلاً على أن عزيز "اشترى" حزباً بأمواله، ومن ثم لا أحد يملك حق الاعتراض على رئيس الحكومة، وأغنى أغنياء المغرب.
هذه السخرية دفعت رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، راشيد الطالبي العلمي، إلى أخذ الكلمة من داخل المؤتمر، عقب إعلان فوز أخنوش، ومهاجمة من سماها بـ"الأقلام التي تتاجر في الصراعات".
وتابع العلمي (رئيس مجلس النواب/الغرفة الأولى)، "الأقلام التي تتاجر في الصراعات تقول إن الديمقراطية تحتاج إلى صراع، وإلى "الدباز" (الخلاف)، وإنه يجب أن يكون هناك أكثر من مرشح من أجل إرضاء بعض الأقلام التي تتاجر بهذه الصراعات".
وتابع نعتذر للأقلام المتاجرة في الصراعات، ونقول لهم انتظرونا في 2027، يمكن أن يخلق الله صراعاً، لكن اسمحوا لنا لن ندخل في صراع بيننا (مغندابزوش).
لن أرحل.. وغياب الضيوف
أبرز الغائبين عن المؤتمر السابع للحزب كان الوزير السابق، وثاني أغنى رجل في الحزب، مولاي حفيظ العلمي، الذي شغل عضوية المكتب السياسي لولايتين متتابعتين عن هذا المؤتمر.
مولاي حفيظ العلمي، أو ملك السيولة المالية في إفريقيا، يجري تقديمه في كل مناسبة باعتباره "الخليفة" المرتقب لعزيز أخنوش، سواء على رأس الحزب، أو حتى لقيادة الحكومة، كما جرى خلال الحملة الأخيرة، التي رفعت شعار #أخنوش_ارحل.
لكن المثير للاستغراب هو أن مولاي حفيظ العلمي غاب عن عضوية المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار لأول مرة منذ سنة 2013، وهي السنة التي أصبح فيها وزيراً باسم الحزب في حكومة بن كيران الثانية.
وخلافاً لغياب مولاي حفيظ العلمي، أظهرت لائحة المكتب السياسي الجديد للحزب "بقاء" الوزراء السابقين في مواقعهم، ويتعلق الأمر بكل من محمد أوجار، ومحمد بوسعيد، وأنس بيرو، ومباركة بوعيدة.
وضم المكتب السياسي الحالي 39 عضواً، منهم جميع وزراء الحزب في الحكومة (سبعة وزراء)، والوزراء السابقون، ورؤساء المنظمات الموازية، ورئيسا فريقي الحزب بالبرلمان.
مصادر حزبية كشفت لـ"عربي بوست" أن مولاي حفيظ العلمي، فضّل البعد عن الأضواء، والتفرغ لأعماله وأسرته، بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئيسها أخنوش.
وكان آخر ظهور علني لمولاي حفيظ العلمي، يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين غادر وزارة التجارة والصناعة، بعد حفل تسليم السلط مع خليفته، باكياً وسط تصفيقات كبار الموظفين والمساعدين.
وعلى غير العادة غاب الضيوف عن أشغال المؤتمر، ووفق ما علمه "عربي بوست" فإن اعتذار عدد من "أصدقاء" الحزب من خارج المغرب، دفع المنظمين إلى الاعتذار للضيوف المغاربة.
وقال مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي ورئيس المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني للأحرار، للصحافة قبل انطلاق أشغال المؤتمر، إن "إدارة المؤتمر راسلت جميع الأحزاب السياسية الوطنية، معتذرة منهم عن عدم إمكانية دعوتهم لحضور افتتاح أشغال المؤتمر بسبب جائحة كورونا".
وأفاد أن "مجموعة من الزعماء السياسيين لأحزاب كبيرة على الصعيد الدولي لها علاقات مباشرة مع الحزب، راسلتنا أنها تعتذر عن عدم إمكانية حضور المؤتمر نظراً لتداعيات الجائحة".
وانتهز عزيز أخنوش فرصة المؤتمر السابع، ليوجه رسالة لمن سمّاهم "المشوشين" و"العدميين"، معلناً أنه باقٍ في الميدان لأنه يعمل وينتج ولا يبيع الكلام.
ودعا عزيز أخنوش أعضاء حزبه إلى التواصل الجماعي مع المواطنين وشرح العمل الذي يقوم به هذا الحزب، والذي وصفه بالمهم، والدفاع عن حصيلة الحكومة وعدم القبول بتبخيس المجهودات من قبل من سماهم بالمشوشين والعدميين.
ودافع أخنوش عن حصيلة الحكومة، وذهب أنها تعمل من أجل تحصين الاختيار الديمقراطي، ومأسسة العدالة الاجتماعية، وتنفيذ الورش الملكية لتعميم الحماية الاجتماعية ووضع الرأسمال البشري في صلب التنمية، وتوفير الخدمات العمومية المتاحة للجميع وتعزيز الطبقة المتوسطة. وسجل أن هذه الحكومة لن تهدر الزمن التنموي في الصراعات الجانبية وفي النقاش الذي نعته بـالشعبوي"، مسجلاً أن الحكومة تقوم بمحاربة الفساد بإجراءات وطرق عملية وليس فقط بالخطابات.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”