يعتمد الجيش الأوكراني الذي يُعد أقل عدة وعتاداً من الجيش الروسي، على استراتيجية ذات شقَّين لمواجهة الهجوم الروسي الواسع، وهو الأمر الذي أدى إلى صمودٍ أكبر، بحسب ما قاله خبراء عسكريون لصحيفة The Washington Post، السبت 5 مارس/آذار 2022.
أشار الخبراء إلى أن شقَّي هذه الاستراتيجية التي تأتي وسط اشتداد الحملة الروسية، هما: أولاً تكتيكات الكر والفر، وثانياً تحصين المدن الكبرى.
تُشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه على الرغم من أن القوات الأوكرانية تفوقت على تقديرات المخابرات الغربية التي توقعت أن تسقط كييف خلال أيام، فإن الموقف الحالي ليس في صالح أوكرانيا، إذ بدأت القوات الروسية باستخدام تكتيكات الحصار.
تهدف هذه التكتيكات إلى تدمير الخدمات الأساسية المدنية وإضعاف المقاومة الأوكرانية، وترى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أنه على الرغم من أن "روسيا فشلت بالغالب حتى الآن" في الاستيلاء على المدن الكبرى، وتزويد جنودها بالطعام والوقود، فإنه من المُحتمل أن تعيد روسيا تجميع صفوفها وتستغل ميزة تفوقها العسكري.
في هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جون سبنسر، وهو ضابط الجيش المتقاعد الذي يدرس حرب المدن في منتدى سياسة ماديسون، قوله إن هدف أوكرانيا الرئيسي لا بد أن يكون جعل الحرب دموية قدر الإمكان على روسيا، حيث لا يبدو أن بوتين سينسحب في أي وقت قريباً.
أضاف سبنسر أن التخلي عن المدن الثانوية في أوكرانيا قد يصبح ضرورياً؛ حتى تتمكن الحكومة الأوكرانية من الصمود في العاصمة لأطول فترة ممكنة، واعتبر أن "عدم الخسارة فوز في هذه الحالة. فالاستراتيجية الأوكرانية تركز على عدم الخسارة".
من جانبهم، يشير المسؤولون الأوكرانيون إلى أنه "بعد صمودهم في المراحل الأولى من الهجوم"، يعتزمون شن هجوم مضاد على القوات الروسية.
دوغلاس لندن، وهو ضابط متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والمحلل بمعهد الشرق الأوسط، قال إن "هذا الهجوم يُرجَّح تنفيذه عن طريق الكمائن المسلحة لا أن يكون هجوماً كبيراً وعلنياً على الجيش الروسي المتفوق عددياً".
"لندن" أعرب عن اعتقاده أن "بوتين لا يقبل الهزيمة بسهولة. وأوكرانيا ستخسر المدن في نهاية المطاف، أو ستصل إلى مرحلة لا تستطيع خلالها تزويدها بالإمدادات من جديد، وسيتعين عليها الانتقال إلى ما يشبه التمرد أو عملية أنفاق".
في السياق ذاته، قال سبنسر، خبير حرب المدن، إن "الأوكرانيين داخل المدن يتبنون استراتيجية الدفاع في العمق، حتى يصعب على القوات الروسية الغازية المناوَرة والنجاة".
كان الأوكرانيون قد عمدوا إلى نسف الجسور وتكديس الإطارات والحواجز في الطرقات، وسلح المواطنون أنفسهم بالبنادق وقنابل المولوتوف وأسلحة أخرى، وقال سبنسر إنه "ليس مقتنعاً بأن روسيا تملك ما يكفي من القوات لمنع الأوكرانيين في العاصمة من تلقي أسلحة إضافية".
يُذكر أن روسيا أطلقت في 24 فبراير/شباط 2022، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة، وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.