أثرياء روسيا قلقون على ثرواتهم.. هكذا يحاولون الحفاظ على مدخراتهم في ظل الحرب والعقوبات

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/04 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
العقوبات الاقتصادية تهدد البنوك الروسية / جيتي

دفعت العقوبات الغربية المتوالية على موسكو أثرياء روسيا إلى شراء الجواهر والساعات الفاخرة في محاولة للحفاظ على قيمة مدخراتهم، التي هوت مع انخفاض قيمة الروبل وإغلاق أسواق الأسهم خوفاً من انهيارها، بحسب ما قالت وكالة Bloomberg الأمريكية الخميس 3 مارس/آ ذار 2022. 

حيث كشف جان كريستوف بابين، الرئيس التنفيذي لشركة الجواهر الإيطالية "بولغري"، أن المبيعات بمتاجر الشركة في روسيا شهدت ارتفاعاً في الأيام القليلة الماضية، لا سيما بعد أن اضطرت سلطات البلاد إلى تقييد حركة النقد بشدة على وقع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية.

وصف بابين جواهر بولغري بأنها "استثمار آمن"، وقال في مقابلة مع الوكالة الأمريكية إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا "ربما عزَّزت الأرباح التجارية للشركة على المدى القصير".

كما أشار بابين إلى أنه "من الصعب تحديد المدة التي قد تستمر خلالها هذه التداعيات؛ لأن التنفيذ الكامل لعقوبات إخراج روسيا من نظام سويفت المالي قد يجعل التصدير إلى روسيا أمراً عسيراً، إن لم يكن مستحيلاً".

ضغوط على الشركات الكبرى 

وعلى الرغم من انسحاب أصحاب العلامات التجارية الاستهلاكية البارزة، مثل شركتي آبل ونايكي، علاوةً على شركات الطاقة العملاقة مثل "بريتش بتروليوم" BP و"شِل" Shell و"إكسون موبيل" Exxon Mobil من روسيا، فإن كبرى العلامات التجارية الفاخرة في أوروبا تحاول حتى الآن أن تستمر في عملها بالبلاد.

من الجدير بالذكر أن شركة بولغري الإيطالية المملوكة لمجموعة "إل في إم إتش" LVMH الفرنسية ليست الوحيدة في ذلك، إذ لا تزال شركة "كارتييه" Cartier التابعة لمجموعة "ريشمونت" Richemont السويسرية تبيع منتجاتها من الحلي والساعات الفاخرة في البلاد، ولا تزال ساعات أوميغا من مجموعة "سواتش" Swatch السويسرية متوفرة أيضاً، وكذلك ساعات "رولكس".

في معرض التسويغ لموقف شركته، قال بابين: "نحن هناك من أجل الشعب الروسي، وليس من أجل العالم السياسي. ونعمل في عديد من البلدان المختلفة التي تمر بفترات من عدم الاستقرار والتوترات".

ويذهب بعض الناس إلى أن السلع الفاخرة مثلها مثل الذهب الذي يتمتع بمكانة كبيرة بوصفه وعاء لحفظ القيمة والتحوط ضد التضخم، فالساعات الفاخرة والجواهر تستطيع أيضاً الصمود في مواجهة العواصف السياسية والحفاظ على قيمتها، أو حتى اكتساب قيمة أكبر، في ظل الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الحروب والصراعات.

يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد الضغوط على العلامات التجارية الكبرى للانسحاب من السوق الروسية. وحثت مجلات شهيرة مثل Business of Fashion، المدعومة من شركة "إل في إم إتش"، تجارَ التجزئة على إغلاق متاجر السلع الفاخرة في روسيا وإيقاف شحن المنتجات عبر الإنترنت. وفي مقال افتتاحي انتشر على نطاق واسع، قال عمران آميد، رئيس تحرير المجلة، إن هذه الخطوة ستكون "رمزية إلى حد كبير" لكنها ستكشف عن "التزام قوي بالمبادئ الأخلاقية".

خسائر ضخمة لأثرياء روسيا 

كان تقرير للوكالة نفسها قد كشف أن أثرى أغنياء روسيا قد خسروا 39 مليار دولار في أقل من 24 ساعة، وذلك منذ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء الهجوم على أوكرانيا. 

تقول الوكالة الأمريكية إن هذه المرة الأولى التي نشهد فيها انخفاضاً كبيراً بهذه الدرجة يضرب سوقاً تتجاوز قيمته الـ50 مليار دولار، منذ انهيار الإثنين الأسود للأسواق العالمية في عام 1987. 

واتفق قادة الدول الغربية على فرض عقوبات اقتصادية على روسيا شملت تجميد أصول روسيا في أوروبا، وإيقاف وصول بنوكها إلى الأسواق المالية الأوروبية.

كما تشمل العقوبات القطاع المالي وقطاعي الطاقة والنقل والسلع ذات الاستخدام الثنائي في المجالات المدنية والعسكرية، وكذلك ضوابط تخص التصدير وتمويل الصادرات، وسياسة التأشيرات والقوائم الإضافية للأفراد الروس، ومعايير الإدراجات الجديدة، بحسب بيان صادر عن اجتماع زعماء الاتحاد في بروكسل.

من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على تويتر: "تتضمن هذه الحزمة عقوبات مالية تستهدف 70% من السوق المصرفية الروسية والشركات الرئيسية المملوكة للدولة، ومنها مجال الدفاع".

وقالت في مؤتمر صحفي إن العقوبات التي تحدّ أيضاً من وصول روسيا إلى الأسواق المالية ستزيد تكاليف الاقتراض على روسيا، وترفع التضخم هناك.

كما قالت فون دير لاين أيضاً إن قيود التصدير على روسيا ستضر بقطاعها النفطي، من خلال منع الوصول إلى المواد التي تحتاجها من الاتحاد الأوروبي لمصافي النفط. وقالت إن ذلك سيؤدي، بمرور الوقت، إلى استنزاف عوائد تكرير النفط في روسيا.

وشنَّت روسيا ما تصفه الدول الغربية بالغزو براً وجواً وبحراً الخميس 24 فبراير/شباط الماضي، بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين الحرب، وفرَّ ما يُقدَّر بنحو 100 ألف شخص، بينما هزت الانفجارات وإطلاق النار المدن الرئيسية، ووردت أنباء عن مقتل العشرات، فيما تدور معارك في محيط العاصمة الأوكرانية كييف.

وأوكرانيا دولة ديمقراطية يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، وهي أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة بعد روسيا، وصوَّتت لصالح الاستقلال عند سقوط الاتحاد السوفييتي، وكثفت في الآونة الأخيرة جهودها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وهي تطلعات تثير حنق موسكو.

تحميل المزيد