كشفت شهادات مصريين حاولوا الهرب من الحرب الروسية على أوكرانيا عن قصص مروعة، أعرب أصحابها عن شعورهم بالتخلي عنهم، واشتكوا من تلقّيهم معلومات مضللة من السلطات المصرية، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني.
الموقع البريطاني قال في تقرير نشره، الثلاثاء 1 مارس/آذار 2022، إنه تواصل مع مواطنين مصريين حاولوا الهرب من القصف الروسي في أوكرانيا عبر حدود البلاد إلى بولندا ورومانيا، إذ كشفت تقديرات الأمم المتحدة عن عبور أكثر من 600 ألف لاجئ الحدود الأوكرانية في اتجاه دول الجوار.
قصص مروعة عن رحلة الهروب
كشفت الشهادات عن قصص مروعة، أعرب أصحابها عن شعورهم بالتخلي عنهم، وتحدثوا عن معاملة بغيضة من حرس الحدود، و"إعطائهم الأولوية للبيض"، وتركهم في برد العراء القارس بلا مأوى، وتعرُّض بعضهم للضرب.
في إحدى هذه الشهادات يقول أدهم علاء الدين، وهو طالب هندسة مصري، يبلغ من العمر 20 عاماً، ويدرس في خاركيف، إنهم سمعوا دويّ القصف الروسي في الساعة الرابعة صباحاً، فقرروا مغادرة البلاد. حزم هو وأصدقاؤه أمتعتهم وسافروا مسافة 1060 كيلومتراً إلى مدينة لفيف في غرب أوكرانيا.
انتقد علاء الدين موقف السفارة المصرية في أوكرانيا، مشيراً إلى أنها قالت لهم داعي للقلق، وإن عليهم البقاء في المنزل، لكن مدينتهم قُصفت، و"لا أعرف ما مصيري لو عملت بمقتضى نصيحتهم".
بمجرد الوصول إلى لفيف، يقول علاء الدين، إنه سار ورفاقه نحو 50 كيلومتراً، فقد أُغلق الطريق المؤدي إلى الحدود البولندية، واصطفت طوابير طويلة من السيارات التي تنتظر العبور. وقال علاء الدين: "كان الخيار الوحيد هو السير إلى الحدود، وقد استغرقنا الوصول إليها نحو 11 ساعة".
الانتظار على الحدود "أشد مشقة"
مع ذلك، يقول علاء الدين إن مدة الانتظار على الحدود كانت أشد أجزاء رحلتهم مشقةً، فقد انتظروا ثلاثة أيام، وأُلزِموا مكاناً ضيقاً لا فسحة فيه للحركة، و"حين كنا نشعل النار لتدفئة أنفسنا كانت الشرطة الأوكرانية تُجبرنا على إخمادها".
يتابع علاء الدين: "كنا ننام في طقس شديد البرودة، بلا غطاء يقينا البرد، وحتى بعد عبور الحدود لم نكن نعرف ماذا نفعل، أو إلى أين نذهب".
في المقابل، ناشدت السفارة المصرية في بولندا على موقع فيسبوك مواطنيها الذين عبروا الحدود إلى بولندا التواصلَ معها للاطمئنان على أحوالهم وتدوين بياناتهم، مضيفة أنها تتواصل مع السلطات البولندية لتسهيل عبورهم.
"الأولوية للبيض" في أوكرانيا
محمود أبو السعود، طالب بكلية الطب من صعيد مصر، دفع هو وأصدقاؤه 250 دولاراً لاستئجار سيارة خاصة تنقلهم إلى لفيف، ثم قطعوا مسافة 40 كيلومتراً إلى معبر "كورتزوفا كراكوفيتس" على الحدود، وهناك وقفوا في طابور مدة 4 أيام، واشتد يأسهم أثناء انتظار العبور إلى بولندا.
يقول أبو السعود: "لم يرغب بائعو الطعام في بيع أي طعام لنا، وكانوا يعطون الأولوية للبيض". وشدد على أن معاملة الشرطة الأوكرانية لهم كانت بها عنصرية واضحة، واستشهد بأن ضابطة شرطة ضربت أحد رفاقه وجرحته.
كما قال أبو السعود: "لم يسمحوا لنا أو لصديقاتنا بالاحتفاظ بمكاننا الصحيح في طابور الانتظار. وكانوا يُعيدوننا إلى الوراء كلما اقتربنا من نقطة تفتيش جواز السفر على الجانب البولندي".
مشقة العودة نحو لفيف
قرر أبو السعود ورفاقه العودةَ إلى لفيف بعد المعاملة التي تلقوها من الشرطة الأوكرانية وأفراد آخرين، و"استغرقت العودة من 9 إلى 10 ساعات لنمشي المسافة نفسها مرة أخرى، وزاد الأمر مشقة أننا كنا نساعد صديقاتنا في سحب أمتعتهن".
بعد الوصول إلى لفيف، استأجر أبو السعود ورفاقه سيارةً خاصة أخرى لنقلِهم إلى الحدود الرومانية، التي لم تكن مزدحمة مثل الحدود البولندية. ويقول أبو السعود "تلقينا معاملة أحسن هناك، حتى من الشرطة الأوكرانية، وشعرنا بقدرٍ من الأمان".
أضاف أبو السعود أن بعض المنظمات غير الحكومية الرومانية زوَّدتهم على الحدود بالطعام وشرائح الهاتف، لتمكينهم من الاتصال بأسرهم.
كما قال أبو السعود: "لم يُساعدنا أي أحد من السفارة المصرية، سواء في بولندا أو رومانيا، وحتى الحافلة التي ستُقلنا إلى بوخارست، التي يُفترض أن نسافر منها إلى مصر، يوفِّرها الرومانيون".
أوكرانية تعبر الحدود وزوجها المصري ممنوع
في شهادة أخرى، تقول أم خالد، التي يدرس ابنها المصري في سنته السادسة في كلية الطب في أوكرانيا، إن "ابني متزوج من امرأة أوكرانية، إلا أن زوجته فقط من سُمح لها بالعبور إلى الجانب البولندي، أما ابني فلم يسمحوا له بالعبور بعد".
وصل موقع MEE إلى أم خالد عن طريق مجموعة أُنشئت على تطبيق واتساب للعائلات المصرية التي تحاول الاتصال بأبنائها العالقين على حدود أوكرانيا.
قالت أم خالد إن الاتصال انقطع مع ابنها بعد نفاد بطارية هاتفه، مضيفة أنه عالق على الحدود منذ 4 أيام في البرد القارس، و"ليس لديهم طعام، وحتى مياه شربهم تجمَّدت".
أشارت أم خالد إلى أنها حين اتصلت بالسفارة المصرية في وارسو لتطلب منهم تزويد المصريين العالقين بالطعام، قيل لها إنهم لا يستطيعون المساعدة لأنهم ما زالوا في أوكرانيا. وتقول إنها تواصلت مع مكتب رئيس الوزراء المصري والسفارة المصرية في كييف، لكنها لم تتلق ردوداً مفيدة.
من الجدير بالذكر أن فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أقرَّ في بيان صدر يوم الثلاثاء، 1 مارس/آذار، بأن بعض اللاجئين غير الأوروبيين واجهوا معاملة عنصرية على حدود أوكرانيا، أثناء محاولتهم الخروج من البلاد.