صوّت مجلس النواب في طبرق شرقي ليبيا، الثلاثاء 1 مارس/آذار 2022، لصالح منح الثقة لحكومة فتحي باشاغا، في خطوة تنذر بأزمة جديدة في البلاد، وتدفع عملية السلام الهشة إلى حافة الهاوية، خاصة في ظل تمسك رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة باستمرار حكومته.
حيث قال عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، إن المجلس وافق على حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، وذلك في تصويت بثه التلفزيون مباشرة.
من جهته، أكد إبراهيم الزغيد، المكلف بمهام مقرر المجلس، أن 92 نائباً صوتوا لصالح منح الثقة لحكومة باشاغا، في جلسة حضرها 101 نائب ونائبة.
35 وزيراً
فيما تضم التشكيلة الحكومية الجديدة 29 حقيبة وزارية وستة وزراء دولة وثلاثة نواب لرئيس الحكومة.
والنواب الثلاثة لرئيس الحكومة هم: علي القطراني (عضو بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني سابقاً)، وسالم معتوق الزادمة، وخالد علي الأسطى (عضو مجلس النواب عن تاجوراء).
بحسب التشكيلة نفسها، تم اختيار حافظ قدور وزيراً للخارجية (من الغرب)، وأحميد حومة وزيراً للدفاع (النائب الثاني بمجلس النواب من الجنوب)، وعصام محمد بوزريبة وزيراً للداخلية (غرب)، بحسب مراسل وكالة الأناضول.
كان التصويت مقرراً في الأصل، الإثنين، غير أن أعضاء البرلمان لم يتمكنوا من الموافقة على قائمة حكومة باشاغا إلا اليوم الثلاثاء.
إلا أن إعلان برلمان طبرق فتحي باشاغا رئيساً للوزراء يفاقم صراعاً على السلطة مع حكومة الدبيبة، ويزيد- وفق مراقبين- مخاطر نشوب قتال جديد أو حدوث انقسامات.
وليس واضحاً ما إذا كانت الأزمة السياسية قد تشعل شرارة صراع مسلح، غير أنها تترك البلاد دون حكومة موحدة، حيث الانقسامات عميقة بين القوى السياسية والعسكرية الرئيسية، ولا يوجد مسار واضح للمضي قدماً.
"الأعلى للدولة" يرفض تغيير السلطة التنفيذية
كان المجلس الأعلى للدولة الليبي قد أعلن، الخميس، رفض التعديل الدستوري وتغيير السلطة التنفيذية اللذين أقرهما مجلس النواب الليبي بطبرق.
جاء ذلك وفق بيان المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة (استشاري/نيابي)، عقب نحو أسبوعين على تصويت مجلس نواب طبرق.
حيث أفاد البيان بأنه "رغم مطالبة المجلس الأعلى للدولة من مجلس النواب (طبرق) بمزيد من الوقت لعرض التعديل الدستوري على المجلس قبل التصويت عليه، إلا أن مجلس النواب لم يتفاعل مع المطالبة، وقام بالتصويت عليه، وبذلك يكون هذا التعديل قد شابه العديد من المخالفات الإجرائية".
بينما اقترح البيان "تشكيلَ لجنة مشتَركة بين مجلسي الأعلى والنواب تتولى إعداد قاعدة دستورية خلال مدة أقصاها 31 مارس/آذار القادم على أن يتم بعدها التوافق على قوانين انتخابية بين المجلسين، وأن يتم تأجيل أي تعديل في السلطة التنفيذية إلى حين استكمال وضع القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية".
خلافات متواصلة
كان مجلس نواب طبرق قد كلف، في 10 فبراير/شباط الماضي، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، بتشكيل حكومة جديدة، رغم أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، يتمسك باستمرار حكومته، استناداً إلى مخرجات ملتقى الحوار السياسي، الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً تمتد حتى 24 يونيو/حزيران 2022.
جاءت خطوة مجلس النواب بعد أن تعذر إجراء انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية حول قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية.
في المقابل، أعلن الدبيبة، في 21 فبراير/شباط الماضي، خطة لإجراء انتخابات برلمانية والاستفتاء على مسودة مشروع الدستور بالتزامن، قبل 24 يونيو/حزيران المقبل.
بينما لم يتم الاتفاق حتى الآن، على تاريخ جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يأمل الليبيون أن تساهم في إنهاء نزاع مستمر منذ سنوات في بلدهم الغني بالنفط.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات، صراعاً مسلحاً وانقساماً في المؤسسة العسكرية، جرّاء منازعة ميليشيا حفتر للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، فإن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.