قال موقع Middle East Eye البريطاني الإثنين 21 فبراير/شباط 2022، إن باكستان أرسلت أكبر رجال مخابراتها إلى إيران، حيث طالبت من خلالها طهران بالتوقف عن دعم الجماعات التي تعمل بالوكالة في المنطقة، "وإلا واجهوا العواقب".
الموقع البريطاني أشار في تقريره إلى أن هذه الرسالة "التهديد" جاءت بعد أيام من زيارة وزير الداخلية السعودي، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، لإسلام آباد مسلحاً بقائمة مطالب من المملكة الخليجية، من بينها الضغط على إيران.
فيما دفعت الرسالة وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إلى زيارة باكستان. وشملت الزيارة، التي اختُتمت في 16 فبراير/شباط، اجتماعات مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وقائد الجيش قمر جاويد باجوا، ونظير وحيدي الشيخ راشد أحمد.
إذ قال عمر كريم، الزميل الزائر في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنَّ اللهجة التي اتخذها الوفد الإيراني، الذي ضم رئيس حرس الحدود ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، كانت تصالحية.
أضاف كريم، لموقع Middle East Eye: "كانت الرسالة مفادها أنه إذا لم تتوقف إيران عن توفير قاعدة للانفصاليين في بلوشستان وتمويل وكلاء آخرين في المنطقة، فيمكن لإسلام آباد الرد بالمثل".
مسلحون ووكلاء يُقلقون السعودية
في 2 فبراير/شباط، شنَّ مسلحون من جيش تحرير بلوشستان هجومين مزدوجين على قواعد فيلق الحدود الباكستانية؛ مما أدى إلى أيام من القتال في مقاطعة بلوشستان الباكستانية.
حسب موقع Middle East Eye البريطاني يُعتقَد أنَّ بعض الانفصاليين البلوش، الذين حاربوا منذ فترة طويلة من أجل بلوشستان مستقلة عن كل من إسلام آباد وطهران، قد أقاموا قواعد في إيران، ويشنون منها هجمات على إسلام آباد.
ساعد استياء إسلام آباد من هذا الوضع في المحاولات السعودية لتقويض إيران في المنطقة، مع سعي المملكة الخليجية أيضاً لمحاربة النفوذ الإيراني.
إذ قال كريم إنَّ أحد مطالب الرياض الرئيسية من إسلام آباد كان الضغط على إيران لوقف تجنيد الشباب الشيعة من إسلام آباد للقتال من أجل مصالحها، كما حدث في سوريا.
فيما يخشى السعوديون من إمكانية تدريب المقاتلين الباكستانيين الآن وإرسالهم لتجديد قوات الحوثيين المنهكة في اليمن. ودفع هذا الضغط إيران إلى التحول إلى مكان آخر؛ إذ قيل إنَّ طهران تتطلع إلى تجنيد رجال شيعة من العراق للانضمام إلى الحوثيين.
دور أكبر لباكستان في الخليج
قال أحمد قريشي، المحلل الخبير في العلاقات السعودية الباكستانية: "يشعر السعوديون أنَّ إسلام آباد يجب أن يكون لها دور أكبر في أمن دول الخليج، شيء مشابه لمصر. ومما أعلم، وافقت باكستان".
لكن قريشي قال إنَّ باكستان لديها بالفعل عدة اتفاقيات تعاون عسكري مع السعودية، يعود بعضها إلى الستينيات.
كما صرّح قريشي لموقع Middle East Eye: "باكستان أيضاً عضو في تحالف الأسطول الأمريكي الخامس، الذي يجري دوريات في شمال المحيط العربي وخليج عدن، وقد اعترضت مراراً أسلحة إيرانية متجهة إلى اليمن".
أضاف أنَّ إسلام آباد والسعودية تخوضان مناقشات حول إمكانية نقل التكنولوجيا للطائرات الباكستانية بدون طيار المُصنّعة محلياً.
على الصعيد الدبلوماسي، قال قريشي إنَّ باكستان أعلنت مؤخراً الحوثيين منظمة إرهابية، وأدانت هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار إدانة مباشرة.
تغيرت سياسة باكستان المحايدة
يرجع ذلك جزئياً إلى الاعتداءات السافرة المتزايدة ضد قوات الأمن الباكستانية من قبل متمردي بلوشستان المتمركزين في إيران، وفق ما ذكره الموقع البريطاني. وشهدت تلك الهجمات مقتل مئات الجنود الباكستانيين خلال العامين الماضيين.
لكن قريشي يقول إنَّ هناك سبباً آخر، وأوضح: "عادةً لا يطلب السعوديون المعاملة بالمثل، لكن هذه المرة سمعنا أنَّ سخاء السعودية لن يأتي دون مقابل".
في وقت سابق من هذا العام، أقرضت السعودية إسلام آباد 3 مليارات دولار لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي المتضائلة في البلاد، ويمكن سداد القرض في غضون عام بسعر فائدة مرتفع نسبياً يبلغ 4%.
مع وجود هذا النوع من النفوذ المالي تحت تصرفها، لا عجب أنَّ إسلام آباد تستجيب للدبلوماسية السعودية؛ إذ تأمل القيادة في إسلام آباد أنَّ زيارة محمد بن سلمان المحتملة ستساعد في تخفيف المشكلات الاقتصادية لباكستان.