كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن حرمان الأطفال المولودين في الإمارات من شهادات الولادة؛ ما يمنعهم من دخول المدارس والاستفادة من العناية الصحية، كما أضافت الصحيفة أن الأطفال أصبحوا يحرمون من حقوقهم؛ بسبب عدم دفع عائلاتهم لرسوم الولادة بالمستشفيات بالبلد الخليجي.
كيتي ماكيو، التي أعدت التقرير من دبي، كشفت عن معاناة سيدة نيجيرية تدعى تشنيوي، لها طفلان في سن الرابعة والسادسة، لكنهما غير موجودين في السجلات الرسمية، إذ إنه بعد ولادتهما لم يكن لدى والدَي الطفلين القدرة على دفع الفاتورة الطبية التي وصلت إلى 16.000 دولار، ورفض المستشفى إصدار الوثائق الضرورية لشهادة الولادة حتى تتم تسوية الدين.
وأضافت الصحفية أن هذه ممارسة رغم أنها ليست شائعة بين مستشفيات الإمارات، فإنها أسهمت بزيادة عدد الأطفال غير المسجلين في هذه الدولة الخليجية، والذين لا يستطيعون التسجيل بالمدارس أو الحصول على العناية الطبية ولا حتى التقدم بطلب جوازات.
وقالت تشنيوي، 37 عاماً، والدة الطفلين: "ولداي لم يذهبا إلى المدرسة وبدون تأشيرة أو جواز، وهذه مشكلة كبيرة ويريدان في الحقيقة الذهاب إلى المدرسة".
كما تعمل تشينوي، التي قدمت إلى دبي من نيجيريا في وظيفة براتب متدن، ووافقت على الحديث بشرط عدم الكشف عن اسم عائلتها لأسباب أمنية، أما زوجها فهو عاطل عن العمل.
فيما قدر ناشطو حقوق الإنسان عدد الأطفال الذي يواجهون نفس المشكلة في الإمارات بالآلاف وولدوا لمهاجرين من إفريقيا وآسيا كما لم يتم تسجيلهم؛ إما لأن المستشفيات رفضت إصدار الأوراق الضرورية لشهادات الولادة أو لأنهم وُلدوا خارج إطار الزواج.
وتعد الإمارات الغنية بالنفط واحدة من أغنى دول العالم بالنسبة للفرد، ويتمتع فيها المواطنون والموظفون الأجانب العاملون في حرف عالية ومكاتب بمستويات عالية من التعليم الخاص والعناية الصحية، إلا أن هذه الخدمات تظل بعيدة عن منال الأطفال غير المسجلين، وفقاً لما أفادت به الصحيفة الأمريكية.
فيما كشفت بعض العائلات الذين تمت مقابلتها في التقرير، أن أبناءها لم يروا طبيباً منذ ولادتهم، ولم يتلقوا حتى التطعيمات الضرورية؛ إذ تقول تشينوي وزوجها إن وضع ابنيهما تركهما في حالة من الكرب الدائم، وقالت: "لم نشعر أبداً بالراحة بسبب هذا"، و"لا نخرج أبداً من البيت ويظل زوجي معظم الوقت في البيت، ولا نريد مشاكل مع الشرطة ونحن خائفون".
فيما رفض المكتب الإعلامي الحكومي الإجابة على أسئلة الصحيفة.
وفي حالة مشابهة لتشينوي أنجبت بيرل، وهي عاملة مطعم فلبينية، طفلة في شهر آذار/مارس وفي مستشفى حكومي بدبي؛ إذ وُلدت البنت قبل الأوان، ووصلت فاتورة إقامتها لمدة شهرين في وحدة حديثي الولادة إلى 29.000 دولار وهي فاتورة عمل لمدة 3 أعوام، كما تقول.
فيما لم تستطع بيرل دفع المبلغ، وحرمها المستشفى من الأوراق الضرورية لاستخراج شهادة الولادة، ووافق المستشفى على خروجها مع ابنتها بشرط كتابة شيك بالمبلغ كاملاً كضمان، وقالت بيرل: "لقد خسرت كل شيء، ولم يعد لدي ما أملكه" و"الآن عليّ تسليم نفسي للشرطة".
فيما قول إيكاترينا سيلوبوفا، مديرة منظمة تعنى بدعم العائلات المهاجرة في الخليج: "يطلب من الأمهات الأخريات تسليم جوازاتهن قبل السماح لهن بمغادرة المستشفى، وبدون دفع الرسوم"، وأضافت: "التهديد هو عام، وفي العام الماضي هدد مستشفى بأخذ طفل من أمه بسبب عدم دفع الفاتورة".
وهناك عامل آخر يزيد في أعداد الأطفال غير المسجلين هو اشتراط سلطات الإمارات إرفاق شهادة الزواج في طلبات الحصول على شهادة ميلاد الأطفال.
وزاد الوباء من المشاكل، فخسارة الوظيفة جعلت المهاجرين يكافحون من أجل تأمين متطلباتهم اليومية. ولا تستطيع العائلات التي لديها أطفال بدون جواز العودة بهم إلى بلادهم.
وبالنسبة لهؤلاء يكبرون في ظل المجتمع الإماراتي بدون مستقبل واضح؛ إذ يقول "فرويلان ماليت جي آر"، الباحث في شؤون الهجرة بجامعة كامبريدج، إنه مجتمع عائم، وسكان يواجهون مصاعب، و"الضغط يزيد على الأمهات".