أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين 21 فبراير/شباط 2022، الاعتراف الفوري باستقلال "جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين" المعلنتين من جانب واحد بشرق أوكرانيا، في خطوة حذّر منها الاتحاد الأوروبي، فيما دعت كييف وباريس إلى دعوة مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة حول هذه التطورات.
وقال الرئيس الروسي في خطاب متلفز، إن "أمريكا ترسل مساعدات مالية وعسكرية؛ لدفع أوكرانيا نحو الحرب، وتنشر أسلحة وصواريخ لها في أوكرانيا"، مؤكداً أن "موسكو لن تسمح لكييف بأن تكون ساحة تهديد لروسيا".
كما أضاف الرئيس الروسي أن السلطات الأوكرانية لا تريد الالتزام باتفاقيات مينسك، ولا تريد حل الخلافات سلمياً، مشيراً إلى أن "موسكو تسعى دائماً لدعم السبل الدبلوماسية لحل المشاكل، إلا أن حلف شمال الأطلسي تجاهل مخاوفنا تماماً".
وحدد بوتين 3 مطالب لروسيا وهي: عدم توسيع الناتو، والعودة إلى حدود عام 1997 فيما يخص حدود الحلف، وعدم نشر صواريخ طويلة المدى في الدول المحيطة بروسيا.
التلفزيون الروسي أظهر بوتين بعد انتهاء الخطاب وهو يوقع مرسوم الاعتراف بالمنطقتين الأوكرانيتين الانفصاليتين.
هاجم قادة أوكرانيا والناتو
وهاجم بوتين القادة الأوكرانيين الذين وصفهم بـ"النازيين الجدد"، الذين قال إن همهم "هو حساباتهم في البنوك الغربية وليس مصالح الشعب"، وإنهم لم يستطيعوا بناء دولة مستقرة، ما أدى إلى اعتمادهم على الدول الأجنبية وأمريكا.
كما قال بوتين إن أوكرانيا تعيش حالة اقتصادية صعبة وفقراً كبيراً، وإن السلطات الأوكرانية تعمل لمصالحها الشخصية وليس من أجل المواطنين.
وتحدث بوتين عن المنطقة بقوله إن الأقلية الروسية بأوكرانيا تتعرض للاضطهاد من قبل الدولة الأوكرانية.
وعن علاقة أوكرانيا والناتو، قال بوتين إن "الأجواء الأوكرانية تستخدم لخدمة طائرات الاستطلاع التابعة للناتو والتي تستهدف القوات الروسية، كما تقوم الولايات المتحدة وحلف الناتو باستغلال الأراضي الأوكرانية كساحة للعمليات العسكرية".
وأضاف: "إذا تمكنت أوكرانيا من إنتاج أسلحة دمار شامل، فسيكون لذلك تأثير كبير على أوروبا كلها، وانضمام كييف للناتو يهدد أمن روسيا".
من جانبه، حذّر الاتحاد الأوروبي موسكو من الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا، وتعهد بردّ فعل قوي إذا اختارت روسيا ذلك.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، للصحفيين بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل: "نحن مستعدون للرد بجبهة موحدة قوية في حال قرر القيام بذلك"، مضيفاً: "أمن أوكرانيا هو أمننا".
من جانبها، طلبت أوكرانيا وفرنسا، الإثنين، عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي؛ لمناقشة تطورات الأزمة مع روسيا.
توترات متسارعة على الحدود
ونقلت وكالة رويترز عن شاهد عيان، قوله إنه تسنى سماع دوي عدة انفجارات وسط مدينة دونيتسك التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرقي أوكرانيا مساء الإثنين، كما قالت موسكو إنها قضت على "مجموعتين تخريبيتين" من أوكرانيا حاولتا التسلل لأراضي روسيا، وهو ما نفته كييف.
يأتي هذا التصعيد بين أوكرانيا وروسيا، عقب ساعات من إعلان أمريكا أنها وافقت من حيث المبدأ على لقاء يجمع الرئيس جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، واشترطت إدارة بايدن لعقد هذا اللقاء ألا تقْدم روسيا على غزو أوكرانيا.
لكن الرئاسة الروسية (الكرملين) قالت إن "من السابق لأوانه" الحديث عن قمة بين بوتين وبايدن لنزع فتيل الأزمة وخطر الغزو الروسي لأوكرانيا.
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قال في تصريحات صحفية إن "ثمة توافقاً على ضرورة مواصلة الحوار على مستوى وزراء (الخارجية)، لكن من السابق لأوانه الحديث عن خطط ملموسة لتنظيم قمم"، حسبما نقل موقع قناة "روسيا اليوم".
بالموازاة مع ذلك، أظهرت صور ملتقطة بالأقمار الصناعية عمليات انتشار جديدة لقوات روسية ومعدات عسكرية على الحدود الأوكرانية، حسبما أكدت شركة "ماكسار" الأمريكية للصور، الأحد 20 فبراير/شباط 2022.
تظهر الصور "عمليات انتشار ميدانية متعددة جديدة لمعدات مدرعة وقوات" تخرج من مواقع عسكرية موجودة في غابات وحقول على بعد نحو 14 إلى 30 كيلومتراً من الحدود الروسية الأوكرانية.
يُشار إلى أن روسيا حشدت عشرات الآلاف من قواتها على حدودها مع أوكرانيا، وأرسلت قوات إلى روسيا البيضاء؛ للمشاركة في تدريبات عسكرية، وتريد من حلف شمال الأطلسي التعهد بعدم قبول أوكرانيا مطلقاً في عضويته. ورفض الحلف المطالب الروسية.
في حين تخشى الدول الغربية أن موسكو تخطِّط لشن هجوم جديد على كييف، ووجهت اتهامات، مؤخراً، إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال شنت هذا الهجوم.
إلا أن روسيا تنفي تخطيطها لشنّ أي هجوم، واتهمت الغرب بالتصرف بهستيريا، لكنها تقول إنها قد تُقْدِم على عمل عسكري غير محدد إذا لم تتم تلبية قائمة مطالبها الأمنية.
كما لفتت موسكو إلى أنها حشدت ما يزيد على 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية للحفاظ على أمنها من "عدوان" حلف شمال الأطلسي.