كشف تقرير أعده باحثون في حقوق الإنسان أن مؤسسةً تابعة للبنك الدولي قدمت تمويلاً يبلغ نحو 500 مليون دولار إلى 4 شركات صينية يُشتبه في أنها وظفت عمالاً بالسخرة من أقلية "الإيغور" المسلمة، والتي تعاني من اضطهاد وتعذيب بحسب تقارير مؤسسات حقوقية.
صحيفة The Washington Post الأمريكية نشرت الأربعاء 17 فبراير/شباط 2022، التقرير الذي أعده باحثون من جامعة شيفيلد هالام البريطانية ومنظمة "نوموغايا" Nomogaia غير الحكومية.
يزعم التقرير أن الشركات الأربع شاركت في برامج الحكومة الصينية التي تجبر الإيغور والأقليات العرقية الأخرى على العمل قسراً بوظائف معينة في المصانع والمزارع، مستنداً في مزاعمه إلى إعلانات عامة للشركات الصينية وتقارير أصدرتها وسائل إعلام حكومية.
بحسب التقرير، فإن "مؤسسة التمويل الدولية" (IFC)، وهي وحدة تابعة للبنك الدولي تتلقى تمويلاً من الحكومات في جميع أنحاء العالم وتُقرض القطاع الخاص في البلدان النامية، قدَّمت تمويلاً بلغ نحو 486 مليون دولار لهذه الشركات في السنوات الأخيرة، وذلك بالمخالفة لتعهدها العام بدعم حقوق الإنسان ورعاية حقوق العمل.
مشاركة أممية في القمع
وخلص التقرير، الذي نُشر بالشراكة مع مركز Atlantic Council البحثي الأمريكي، إلى أن "أدلة بارزة تشير إلى أن عدداً من عملاء مؤسسة التمويل الدولية لهم مشاركة فعالة في تنفيذ حملة القمع التي تشنها [الصين] على الإيغور، وتشمل إجبارهم على العمالة قسراً".
من جانبها، قالت لورا مورفي، أستاذة حقوق الإنسان والعبودية المعاصرة في جامعة شيفيلد هالام البريطانية وأحد معدي التقرير، إن "الحكومات في جميع أنحاء العالم تستنكر ما يحدث في شينجيانغ، ومع ذلك فإن أموال دافعي الضرائب لدينا تُستخدم بفاعلية لضمان استمرار التمويل لشركات متورطة في هذه الفظائع".
ويختص التقرير بتركيزه 4 شركات صينية يزعم أن لها عمليات مكثفة في شينجيانغ، هي شركة Camel Group المصنعة لبطاريات السيارات وشركة Century Sunshine Group Holdings لتصنيع الأسمدة، وشركة Jointown Pharmaceutical Group لصناعة الدواء وتوزيعه، وشركة Chenguang Biotech Group المنتجة لمستخلصات النباتات ومضافات الغذاء.
يقول الباحثون إن هذه الشركات وظَّفت عمالاً فيها من خلال برامج "نقل العمالة" و"التخفيف من حدة الفقر" التي تُديرها الحكومة الصينية وتجبر فيها سكان شينجيانغ، الذين ينتمي أغلبهم إلى مناطق ريفية فقيرة، على العمل في تلك الشركات التي تبعد أحياناً مسافة ساعات من منازلهم.
على الجانب الآخر، رفضت مؤسسة التمويل الدولية الردَّ على ما خلص إليه الباحثون من نتائج محددة كانت شبكة CNN الأمريكية أول من سلَّط الضوء عليها، وأرسلت عوضاً عن ذلك بياناً عبر البريد الإلكتروني قالت فيه إنها "تجتهد في التحقق من مزاعم العمل القسري وسوء معاملة الفئات الضعيفة المعرضة للاضطهاد".
وأضاف البيان: "نحن لا نتساهل مع التمييز أو العمل القسري تحت أي ظرف. ومتى يُلفت انتباهنا إلى ادعاءات خطيرة كهذه، فإننا نتحقق منها ونعمل على معالجتها مع عملائنا على وجه السرعة".
احتجاز وانتهاكات بالجملة
تقدر الصين عدد الإيغور بـ15 مليوناً فقط، لكن التقديرات المستقلة لأعدادهم تضع الرقم عند أكثر من 35 مليون نسمة، يقيمون في إقليم "شينغيانغ" الصيني الذي يعني باللغة الصينية "الحدود الجديدة"، بعد أن غيرته الصين من "تركستان الشرقية".
ومن أبرز ما قامت به الصين في الإقليم هو منع أي مظهر من مظاهر الإسلام، مثل بناء المساجد أو إطلاق اللحية للرجال أو تغطية كامل الجسد بالنسبة للنساء، إضافة لإجبار الإيغور على تنزيل تطبيق على هواتفهم يمكن للسلطات الصينية من خلاله معرفة مكان الشخص طوال الوقت.
كما تفيد تقديرات خبراء بالأمم المتحدة وجماعات حقوقية بأن أكثر من مليون شخص، معظمهم من الإيغور وأقليات مسلمة أخرى، محتجزون منذ سنوات في منظومة واسعة من المعسكرات في إقليم شينجيانغ.
نفت الصين في بادئ الأمر وجود المعسكرات، لكنها قالت لاحقاً إنها مراكز تدريب مهني هدفها مكافحة التطرف. وفي أواخر 2019 قالت بكين إن جميع الموجودين في المعسكرات "تخرجوا".