اتهمت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الجمعة 18 فبراير/شباط 2022 روسيا بتعريض أمن أوروبا للخطر، عبر ما وصفته بـ"مطالب تعود إلى الحرب الباردة"، في موقف يسبق انعقاد مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي الذي ستُهيمن عليه الأزمة الأوكرانية.
بيربوك قالت في بيان نشرته وكالة الأنباء الفرنسية إنّه "مع نشر غير مسبوق لقوّات على الحدود مع أوكرانيا ومطالب تعود إلى الحرب الباردة، تتحدى روسيا المبادئ الأساسيّة لنظام السلام الأوروبي".
كما حثت المسؤولة الألمانية موسكو على البرهنة على "جهود جدية لخفض التصعيد".
وبدت تصريحات ألمانيا هذه المرة مختلفة عن موقفها، إذ حاولت في وقت سابق أن تحل الأزمة الأوكرانية عن طريق المحادثات واتضح أن ألمانيا تتخذ موقفاً مختلفاً بشكل لافت عن موقف باقي دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف الناتو.
مطالب روسيا
وكالة "تاس" للأنباء نشرت نسخة من ردود روسيا الكتابية على المقترحات الأمريكية بشأن الأمن، وقالت فيها موسكو إن الخطوط الحمراء لروسيا يتم تجاهلها، وإنها قلقة من تنامي النشاط العسكري للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالقرب من روسيا.
من جهتها، أوضحت وزارة الدفاع أن الرد "العسكري التقني"، الذي تحدث عنه الرئيس فلاديمير بوتين لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول، يمكن أن يشمل مجموعة من الإجراءات، من ضمنها نشر الصواريخ والقوات والاستعانة بأدوات الحرب الإلكترونية وحتى استخدام أنظمة الأسلحة الفضائية.
ونشرت وزارة الخارجية الروسية ردها على رسالة الولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية، حيث أكدت روسيا أن الإدارة الأمريكية لم تبد موقفاً، إذ قالت الوزارة إن "الأنشطة العسكرية المتصاعدة للولايات المتحدة والغرب بالقرب المباشر من الحدود الروسية تثير قلقاً، لا سيما في الوقت الذي يستمر فيه تجاهل خطوطنا الحمراء ومصالحنا الجذرية في مجال الأمن وكذلك الحق السيادي لروسيا في حمايتها".
كما أكدت الوثيقة أن "المطالب الموجهة بشكل الإنذارات بسحب القوات من مناطق معينة داخل الأراضي الروسية والتي ترافقها التهديدات بتشديد العقوبات غير مقبولة وتقوض آفاق التوصل إلى اتفاقات حقيقية".
وحذرت روسيا في ردها من أن عدم استعداد الولايات المتحدة للتفاوض حول البنود الأساسية من الضمانات الأمنية سيدفعها إلى الرد قائلة: "ستكون روسيا، في حال عدم استعداد الولايات المتحدة وحلفائها للتفاوض من أجل الاتفاق حول ضمانات صارمة وملزمة قانونياً لأمننا، مجبرة على الرد، بما في ذلك عن طريق اتخاذ إجراءات ذات الطابع العسكري التقني".
موقف برلين من الأزمة الأوكرانية
فقد سارعت بريطانيا بتزويد أوكرانيا بآلاف الصواريخ المضادة للدروع والدبابات وغيرها من الذخائر، وكذلك فعلت الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ألمانيا رفضت إرسال أي أسلحة إلى أوكرانيا.
إذ قالت وزيرة الدفاع كريستينا لامبرشت إن برلين تستبعد مدّ أوكرانيا بأسلحة في الوقت الراهن في المواجهة القائمة بينها وبين روسيا.
كما شدد المستشار الألماني أولاف شولتس على سياسة ألمانيا عدم مد مناطق الصراع بأسلحة فتاكة، بحسب رويترز وقالت لامبرشت لصحيفة فيت إم زونتاج الأسبوعية: "أتفهم الرغبة في دعم أوكرانيا، وهذا بالضبط ما نفعله".
وأضافت لامبرشت: "ستتسلم أوكرانيا مستشفى ميدانياً كاملاً مع التدريب اللازم في فبراير/شباط، كل هذا شاركت ألمانيا في تمويله بقيمة 5.3 مليون يورو (6.01 مليون دولار)"، مشيرة إلى أن ألمانيا تعالج المصابين بإصابات بالغة بين صفوف القوات الأوكرانية في مستشفياتها العسكرية منذ أعوام.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن نفوذ موسكو الاقتصادي على برلين وإمدادات خطوط الطاقة الروسية لها، يساعدان في تفسير قرار برلين عدم دعم أوكرانيا بالسلاح الذي تحتاجه لمواجهة الغزو الروسي.
مؤتمر ميونيخ لبحث الأزمة الأوكرانية
وتأتي تصريحات برلين في وقت سيجتمع فيه قادة دوليّون ودبلوماسيّون رفيعو المستوى في ميونيخ بجنوب ألمانيا من الجمعة إلى الأحد، لإجراء مناقشات حول قضايا الدفاع والأمن.
ويُعقَد هذا المؤتمر السنوي في ذروة توتر بين موسكو والغرب الذي يخشى من أن تكون القوات الروسية تستعد لغزو أوكرانيا.
كما ستعقد اجتماعات بصيغ مختلفة في ميونيخ بحضور نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
روسيا غائبة عن المؤتمر
وعادة يشارك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في هذا المؤتمر السنوي، لكنه لم يقرّر الحضور هذا العام.
بيربوك قالت إن غياب لافروف يشكل "فرصة" ضائعة، وأضافت: "في هذا الوضع الحالي الخطير جداً تحديداً كان من المهم للغاية مقابلة ممثلين روس".
وستترأس وزيرة الخارجية الألمانية السبت اجتماعاً لنظرائها في دول مجموعة السبع مخصصاً لأوكرانيا. إذ قالت إن هذا الاجتماع لوزراء خارجية ألمانيا التي تتولى رئاسة مجموعة السبع حالياً، وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان وكندا وايطاليا، سيسمح بتوجيه "رسالة وحدة".
وأضافت: "نحن مستعدون لحوار جاد حول الأمن للجميع. حتى خطوات صغيرة باتجاه السلام أفضل من خطوات كبيرة باتجاه الحرب، لكننا بحاجة إلى إجراءات جدية لخفض التصعيد من قبل روسيا".
كما أكدت أن التصريحات عن الرغبة في حوار يجب أن تكون مدعومة بعروض حقيقية للحوار، والإعلانات عن انسحاب للقوات يجب أن ترافقها انسحابات يمكن التحقق منها.
روسيا تلمِّح للتصعيد
يأتي هذا بعد أن بلغت روسيا، الولايات المتحدة رسمياً، الخميس أنها ستضطر إلى الرد، بما يشمل اللجوء إلى إجراءات عسكرية تقنية، إذا لم تجلس واشنطن على طاولة المفاوضات بشأن ضمانات أمنية لموسكو تكون مُلزِمة، كما شددت انتقادها الشديد لواشنطن، بسبب تصريحات بايدن حول غزو محتمل لأوكرانيا خلال أيام.
فقد نشرت وكالة "تاس" للأنباء نسخة من ردود روسيا الكتابية على المقترحات الأمريكية بشأن الأمن، قالت فيها موسكو إن الخطوط الحمراء لروسيا يتم تجاهلها وإنها قلقة من تنامي النشاط العسكري للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالقرب من روسيا.
من جهتها، أوضحت وزارة الدفاع أن الرد "العسكري التقني"، الذي تحدث عنه الرئيس فلاديمير بوتين لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول، يمكن أن يشمل مجموعة من الإجراءات، من ضمنها نشر الصواريخ والقوات والاستعانة بأدوات الحرب الإلكترونية وحتى استخدام أنظمة الأسلحة الفضائية.
تصريحات بايدن
في وقت سابق الخميس، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن "كل المؤشرات" على أن روسيا كانت تخطِّط لدخول أوكرانيا موجودةٌ الآن، وضمن ذلك مؤشرات على اعتزامها ممارسة عملية خداع لتبرير خطوتها.
فقد وقع تبادل لإطلاق النار بين أوكرانيا وانفصاليين تدعمهم روسيا داخل أوكرانيا، في وقت سابق من الخميس، عبر خط المواجهة الفاصل بينهما، فيما وصفه مسؤولون غربيون بأنه ذريعة محتملة اختلقتها موسكو لتبرير الغزو.
كذلك، أمر بايدن وزيرَ الخارجية أنتوني بلينكن بتغيير خطط السفر الخاصة به في اللحظة الأخيرة؛ كي يتحدث في اجتماع لمجلس الأمن بشأن أوكرانيا.
فقد ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الكرملين اتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بإذكاء التوتر بقوله إنه يتوقع أن تقوم روسيا بغزو أوكرانيا خلال أيام.
ومؤخراً وجَّهت الدول الغربية اتهامات إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هدَّدت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال "شنت هجوماً" على أوكرانيا.