بعد اعتقال عمر نزار.. مطالبات بمحاسبة قتَلة المتظاهرين في العراق، وهذا آخر ما وصل إليه التحقيق معه

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/15 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/15 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش

عاد ملف الإفلات من العقاب ليشعل الأوساط العراقية بغضب شعبي يطالب بالكشف عن الضباط المتورطين بانتهاكات جسيمة خلال السنوات السابقة، سلّطت منظمة "إنهاء الإفلات من العقاب في العراق" End Impunity in Iraq، الضوء على قضية الضابط في قوات الرد السريع "عمر نزار"، المتهم باستغلال الرتبة العسكرية والتورط بقتل واغتصاب وسرقة وتعذيب منذ أيام حرب التحرير لاستعادة مدينة الموصل مركز محافظة نينوى عام 2017، وعاد الملف ليشتعل عندما ارتكب الضابط عمر نزار مجزرة الزيتون في مدينة الناصرية الجنوبية.

وزارة الداخلية تضطر للاستجابة الشعبية

أعلنت وزارة الداخلية العراقية قبل أيام قليلة عن احتجاز المقدم عمر نزار، على خلفية اتهامات بتصفية متظاهري الناصرية وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في الموصل.

وبحسب مصدر أمني في وزارة الداخلية تحدث لـ"عربي بوست" في تصريح خاص: "وزارة الداخلية استدعت المقدم عمر نزار، وشكلّت مجلساً تحقيقياً بحقه، على خلفية التقارير التي ظهرت عليه مؤخراً، وإن التدقيق والتحقيق مع المقدم عمر نزار سيتضمنان تفاصيل الفيديوهات كافة، ومن ثم السماع إلى أقواله، وفي حال ثبتت التهمة عليه، سيتم إجراء اللازم بحقه، ونقله إلى المحكمة العسكرية".

وأضاف المصدر الأمني أن "هناك لجنة قانونية تم تشكيلها في وزارة الداخلية للتحقيق معه في جميع الاتهامات المنسوبة إليه"، مشيراً إلى أن "هذه هي المرة الثانية التي يتم إجراء التحقيق معه لاستكمال التحقيق السابق".

وبيّن أنه "في حال ثبت تقصير هذا الضابط في أداء الواجب واستخدام الرصاص الحي في عمليات تحرير الموصل وارتكابه مجزرة جسر الزيتون، فإن الإجراءات القانونية سيتم اتخاذها بحقه، واللجنة ستعمل على إطلاع الرأي العام بجميع الحقائق".

تبقى قضية الإفلات من العقاب هي الأزمة الكبرى في العراق، وذلك لضعف القضاء وتحكم الأحزاب بشرعية البرلمان، واختراق مؤسسات الدولة الأمنية من قِبَل ضباط لا يلتزمون بالمعايير الأمنية، بالتالي ينتهكون حقوق الإنسان ويرتكبون الجرائم والمجازر، ثم يُفلتون من العدالة، وتضيع حقوق الأبرياء، لذلك ما زال العراقيون ينتظرون الإجابة على السؤال الأكثر حساسيةً، وهو إلى متى يبقى المجرمون مفلتين من العقاب، بلا حسيب ولا رقيب؟ وحتى حل هذه المعضلة، يخشى المراقبون استمرار مسلسل الانتهاكات بالبزة العسكري، التي من واجبها حماية أبناء الوطن، لا تعذيبهم باسم الدفاع عن الوطن. 

تصريحات من المنظمة التي نشرت الشهادات

في حديث خاص مع عضو منظمة إنهاء الإفلات من العقاب في العراق،  تحدث بدوره لمراسل موقع "عربي بوست" قائلاً: "نشرت المنظمة مقاطع مرئية حصرية مُفصلة على قناتها في يوتيوب، للضابط عمر نزار، عندما كان في قوة الرد السريع، خلال عمليات استعادة محافظة نينوى، من سيطرة تنظيم الدولة "داعش"، والتي نشرها آنذاك الصحفي علي أركادي، وفتحت الحكومة العراقية حينها تحقيقاً فيما ورد فيها من انتهاكات تورط بها الضابط برتبة رائد آنذاك عمر نزار الذي يظهر تعذيبه لرجال ومساومة نسائهم بالجنس مقابل الإفراج عن رجالهن".

وأضاف الجيزاني: "الضابط عمر نزار كان يسرق من البيوت التي يداهمها ليلاً، ويغتصب النساء، ويعذب الرجال أمام أعين أطفالهم، وهذا يعتبر انتهاكاً صارخاً ضد حقوق الإنسان، كما أنه فضيحة في صفوف المنظومة الأمنية العراقية".

وأشار إلى "ضرورة محاسبة الضابط المتورط، وتقديمه للعدالة ومعاقبته على إجرامه، وعلى وزارة الداخلية الاعتراف بسكوتها عندما طالب الحقوقيون والإعلاميون بالقصاص من الضباط المتورطين في الجرائم الإنسانية".

كما تابع الجيزاني: "الضابط عمر نزار متورط أيضاً بـ"مجزرة الزيتون"، حيث أطلق الضابط ذاته النار على المتظاهرين السلميين في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وقتل العشرات من الشباب بطريقة وحشية، بهدف فض الاحتجاجات بأي شكل من الأشكال".

مجزرة جسر الزيتون "الشاهد بالوثائق"

هذه المجرزة كما وصفها حقوقيون ومراقبون بأنها سلسلة أعمال قتل مُمنهجة استهدفت المُتظاهرين العراقيين في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار العراقية، وذلك عقب يوم واحد من حادثة حرق القنصلية الإيرانية في النجف الأشرف، وقد ذهب ضحية هذه المَقْتلة زهاء 70 قتيلاً وأكثر من 225 جريحاً في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما قُتِل 15 متظاهراً وجُرِح 157 آخرون في 30  نوفمبر/تشرين الثاني، ما أدّت المجزرة إلى إقالة الفريق جميل الشمري من رئاسة خلية الأزمة المُكلفة بمعالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية.

في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفبمر 2019، أيام الاحتجاجات في مدينة الناصرية الجنوبية، تحدث الفريق الركن جميل الشمري عن تفاصيل حدوث "مجزرة الناصرية" على جسر الزيتون، مشيراً إلى أن قوات الرد السريع هي مَن تورَّطت بذلك.

وقال الشمري آنذاك، خلال لقاء تلفزيوني، إن "القوات التي التحقت من العمارة إلى الناصرية، كان من ضمنها فوج من الرد السريع وهو الفوج الثاني، وآمر الفوج اسمه عمر عبد العزيز فخر الدين، وعندما وصل الفوج إلى جسر الزيتون قاموا بسحب فوج الناصرية".

قال الشمري إن "القطاعات التي انتشرت في المحافظة كانت بعيدة عن ساحة الحبوبي، وواجبها كان تعزيز الأمن، وفق خطة مُعدة، لغاية الساعة السابعة أو الثامنة لم يحصل شيء، وبعد ذلك ظهر محافظ ذي قار عادل الدخيلي، وبدأ يهيج الوضع العام في المحافظة، وادعى أن القوات الأمنية هاجمت المتظاهرين بالرصاص، وهذا ما تحدث به عادل الدخيلي، رغم عدم وجود أي حالات قتل، حيث بعدها بدأ الشارع بالهيجان".

وأوضح أن "أمر إطلاق النار صدر بشكل مباشر من الضابط عمر، وهو أكد للجنة أنه كان في مكان الحادث، وقال بحسب إفادته إنه لم يتلقَّ أي أوامر بإطلاق النار، وتم تجريمه ومعه 5 جنود، واتُّخذت الإجراءات المناسبة بحقهم من قِبل وزارة الداخلية".

بالأسماء.. المسؤول عن مجزرة جسر الزيتون

بحسب مسؤول رفيع في المخابرات العراقية، تحدث في تصريح خاص لـ"عربي بوست" قائلاً إن آمر الرد السريع في حينها كان الضابط عمر نزار وهو المسؤول عن مجزرة جسر الزيتون، بالإضافة لـ"أسماء آخرين" نشرتها منظمة "إنهاء الإفلات من العقاب في العراق".

وأضاف المسؤول: "عمر نزار المتورط بقتل المتظاهرين، الذي كان لديه اتصال مباشر مع تامر الحسني الملقَّب بـ"أبو تراب"، وهو قائد قوات الرد السريع بوزارة الداخلية، والمقرب من منظمة بدر التابعة لهادي العامري، أبرز قيادات الحشد الشعبي".

كما تابع، بحسب تعبيره: "وزارة الداخلية كانت تعلم كل هذه الانتهاكات، وقد أغلقت القضية بأمر من وزير الداخلية عثمان الغانمي، الذي كان يدرك جيداً عمليات فض الاحتجاجات بالقوة والرصاص الحي، ما أدى إلى استشهاد 85 شاباً من المتظاهرين السلميين، وجرح أكثر من  380 بجروح بليغة، بين يومي 28 نوفمبر/تشرين الثاني و30 نوفمبر عام 2019.

كل هذه الأسماء المتورطة بقتل المتظاهرين تعيد مسلسل القمع الذي ينتهجه كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وهذا ما يستدعي تدخلاً فورياً من قِبَل رئاسة الوزراء في العراق، لفتح الملفات وتحقيق العدالة في المجتمع".

تحميل المزيد