كشف موقع Intelligence Online الفرنسي، الثلاثاء 8 فبراير/شباط 2022، عن مخاوف باريس من تأثير العقوبات التي تستعد أمريكا لفرضها على روسيا، بأن تطال واحدة من أكبر الشركات في فرنسا التي تشتغل في مجال الطاقة، وقالت إن إدارة بايدن تضغط على ماكرون من أجل أن ينخرط في هذه العقوبات بسبب أزمة أوكرانيا.
إذ تسعى الولايات المتحدة لفرض مجموعة من العقوبات المالية و"شل الاقتصاد الروسي"، بهدف الضغط على موسكو للتراجع عن الغزو المحتمل لأوكرانيا، لكن يبدو أن بعض الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا، مترددة في الاستجابة للضغوط الأمريكية والتصعيد اقتصادياً ضد موسكو.
باريس مستعدة لفرض عقوبات على روسيا
الموقع الفرنسي أوضح أنه مع أن الرئيس إيمانويل ماكرون التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين الإثنين 7 فبراير/شباط لتجربة نهج دبلوماسي جديد، فإن باريس تبدو مستعدة لأن تحذو حذو واشنطن إذا قررت فرض عقوبات اقتصادية على المقربين من الرئيس الروسي إذا غزت روسيا أوكرانيا.
فقد قررت وزارة الاقتصاد الفرنسية فعلياً إيقاف فعالية "يوم روسيا" التي تنظمها وكالة Business France المختصة بمساعدات التصدير. كانت فعالية العام الحالي ستُعقد في 4 فبراير/شباط في باريس بمشاركة السفير الفرنسي لدى روسيا، بيير ليفي، ونظيره الروسي في باريس، أليكسي ميتشكوف.
لكن خلف الكواليس، يسبب موضوع واحد إزعاجاً للعلاقات الأمريكية مع فرنسا. بحسب مصادر موقع Intelligence Online، اتصل عملاء من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي (OFAC) بنظرائهم الفرنسيين في وزارة الاقتصاد والمالية أكثر من مرة على مدى الأيام القليلة الماضية.
سرعان ما مُرر طلبهم إلى مكتب الرئيس الفرنسي: تحاول الأذرع الهجومية لوزارة الخزانة الأمريكية إقناع باريس بأن تتواءم مع قائمة العقوبات المُخططة من جانب الولايات المتحدة.
لكن هناك تحدٍّ أمام باريس
لكن هذه العقوبات قد تطال شركة النفط والغاز الفرنسية الكبيرة توتال إنرجي.
إذ إن هذه المجموعة الفرنسية تشرف الآن على مشروع الغاز الضخم "أركتيك للغاز الطبيعي المسال-2″، في شراكة مع شركة نوفاتك، التي يملكها الأوليغارشيان الروسيان ليونيد ميخلسون وجينادي تيمشينكو.
يأتي تيمشينكو ضمن دائرة بوتين الأقرب، وكان منذ عهد طويل على قوائم المراقبة الأمريكية. وفي 20 مارس/آذار 2014، أضافه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي إلى "قائمة الأوليغارشية" لديه، بعد يومٍ من بيع أسهمه في شركة غانفور لتجارة النفط التي أسسها.
كما قال الموقع الاستخباراتي إنه نظراً إلى أنه يحمل الجنسية الفنلندية، لا يخضع تيمشينكو لعقوبات من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يسبب استياءً كبيراً لدى واشنطن بالنظر إلى تأثيره على العلاقات بين روسيا وفرنسا.
كما يشارك الأوليغارشي الروسي في إدارة غرفة التجارة والصناعة الفرنسية الروسية CCI France-Russie بجانب الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، باتريك بوياني، إضافة إلى أنه عضو -وكذلك بوياني- في المنتدى الاستشاري الفرنسي الروسي Trianon Dialogue الذي دشنه ماكرون وبوتين.
فرنسا تبحث عن مخرج
يكمن التحدي بالنسبة لباريس في العثور على طريقة للمحافظة على استثماراتها في مشروع "أركتيك للغاز الطبيعي المسال-2".
إذ إنه في مايو/أيار 2018، اضطرت شركة توتال إنرجي للانسحاب من إيران خوفاً من العقوبات الأمريكية التي كانت ستعقب انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران.
يزداد كل هذا تعقيداً بالنظر إلى صعوبة العثور على حل أوروبي: فقد غيرت الحكومة الألمانية الجديدة المسار في مسألة تسببت منذ وقت طويل في خلاف بين برلين وواشنطن، وهو مشروع الغاز الطبيعي نورد ستريم 2.
كما أنه في 27 يناير/كانون الثاني، أشار فريق المستشار الألماني أولاف شولز إلى أن العقوبات الاقتصادية الألمانية التي طلبت الولايات المتحدة فرضها ضد روسيا يمكن أن تنطوي على إيقاف لعمليات تطوير خط أنابيب الغاز، الذي يديره تحالف تقوده شركة غازبروم الروسية، وشركة وينترشال الألمانية، وشركة إنجي في فرنسا.