دعت الأمم المتحدة، الثلاثاء 8 فبراير/شباط 2022، الرئيس التونسي قيس سعيد إلى إلغاء قراره الخاص بحل مجلس القضاء الأعلى (هيئة دستورية مستقلة)، مؤكدة أن "أي حل له (المجلس) يعد انتهاكاً لالتزام تونس بالقوانين الدولية".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
حيث قال المتحدث باسم غوتيريش: "نحن نحث الرئيس التونسي (قيس سعيّد) على عكس القرار الذي اتخذه بحل مجلس القضاء الأعلى"، مضيفاً: "على السلطات في تونس أن تضمن الفصل بين السلطات".
فيما أضاف المتحدث الأممي: "نحن نشارك مشاعر القلق التي أعربت عنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت، بشأن إغلاق مجلس القضاء الأعلى ونحن نؤيدها تأييداً كاملاً ونحث الرئيس على عكس هذا المسار".
استقلال القضاء
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، إن حل مجلس القضاء الأعلى في تونس "يقوِّض بشكل خطير سيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء في البلاد".
باشيليت أكدت، في بيان، أن "حل مجلس القضاء الأعلى شكل تدهوراً بارزاً في الاتجاه الخاطئ، ويعد انتهاكاً واضحاً لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".
كان الرئيس التونسي قد أعلن مساء الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، حل المجلس الأعلى للقضاء بشكل رسمي، فيما عبَّرت جهات محلية ودولية عن بالغ قلقها جرّاء تلك الخطوة التي يرى البعض أنها تؤذن ببدء صراع جديد حول سعي الرئيس للاستئثار بالسلطة منفرداً.
إذ قال سعيد، خلال لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان: "المجلس الأعلى للقضاء تم حله، وإن المرسوم (الرئاسي) بخصوص ذلك أصبح شبه جاهز".
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وهو إحدى الهيئات الحكومية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل باستقلالية عن الرئيس.
كان المجلس الأعلى للقضاء قد أعلن، في بيان أصدره يوم الأحد، رفض حله في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك، بجانب رفض العديد من الهيئات القضائية والأحزاب السياسية، حل المجلس.
السيطرة على القضاء
يشار إلى أن المواد بين 112 و117 من الدستور تنص على مهام المجلس وصلاحياته ومكوناته وطرق انتخاب أعضائه وتعيينهم. وأُجريت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
كان سعيد قد أعلن، خلال زيارته مقر وزارة الداخلية في ساعة متأخرة من يوم السبت 5 فبراير/شباط، أنه سيمضي في إصدار مرسوم رئاسي مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، قائلاً: "فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة".
في أكثر من مناسبة، انتقد سعيد ما قال إنه طول مدة التقاضي في بعض القضايا، واتهم المجلس بأن الترقيات فيه تتم "بناءً على الولاءات".
يأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه معارضون سعيّد بمحاولة السيطرة على القضاء بعد أن جمع بقية السلطات في يده، وهو ما ينفيه.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس أعلنت رفضها لهذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.