تبادل الرئيسان الروسي والفرنسي تصريحات وُصفت بـ"المطمئنة"، في ختام جلسة مباحثات استمرت 6 ساعات بين الزعيمين، وذلك بعد أن سافر إيمانويل ماكرون، الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، إلى موسكو لإجراء محادثات لتقريب وجهات النظر بين موسكو والغرب بعد الحشد العسكري الروسي قرب أوكرانيا، ومخاوف من غزو محتمل.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف من جانبه محادثاته مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في الكرملين بأنها مفيدة وجادة، وأن بعض الأفكار يمكن أن تشكل أساساً لمزيد من الخطوات المشتركة، مؤكداً أنه "لن يكون هناك رابحون في حال اندلاع حرب بالقارة الأوروبية".
فيما قال نظيره الفرنسي إن الأيام المقبلة ستكون "حاسمة"، مشدداً على ضرورة التمسك بالحوار مع روسيا، ومشيراً إلى أنه سمع "أموراً مطمئنة" من بوتين.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقب محادثات بين الطرفين طالت 6 ساعات تقريباً، وذلك قبل أن يتوجه الرئيس الفرنسي إلى العاصمة الأوكرانية كييف؛ لإكمال مهمته في تجنب مواجهة أصبحت محتملة أكثر من أي وقت مضى.
تبادل التطمينات
من جانبه، أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة تغليب الدبلوماسية ولغة الحوار؛ لنزع فتيل التوتر بين روسيا وأوكرانيا والتوصل للسلام في أوروبا.
وأضاف: "يجب أن نفهم مصدر الخلافات ونعمل على بناء أرضية مشتركة، والحل الوحيد العادل والدائم يمر عبر الدبلوماسية".
واعتبر ماكرون أنه "من حق الرئيس زيلنيسكي أن يقلق من الوجود العسكري الروسي على حدوده"، داعياً إلى خفض التصعيد لمصلحة الجميع.
وحول الأزمة في إقليم دونباس الأوكراني، اعتبر ماكرون أن الحل الوحيد للأزمة يرتكز على اتفاقات مينسك.
فيما استبعد ماكرون أن يتمكن حلف الناتو والولايات المتحدة من اتخاذ مبادرات في حال استمر الضغط الروسي واستمر التصعيد على الحدود، قائلاً إنه "على الولايات المتحدة وروسيا وجميع الأطراف أن تتبنى حلولاً ناجعة وتقدم تعهدات".
على الطرف الآخر، قال الرئيس الروسي إن العديد من أفكار ماكرون بخصوص الأمن في أوروبا واقعية، مشيراً إلى أنهما سيعقدان محادثات عبر الهاتف بعد أن يجري ماكرون محادثات مع القيادة الأوكرانية.
وأكد بوتين أنه لا بديل عن اتفاقيات مينسك بشأن أوكرانيا، موجهاً الشكر إلى ماكرون على جهوده لتسوية العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو".
كما أشار بوتين إلى مطالب موسكو التي تتمثل بوقف توسع الناتو تجاه الشرق وعدم نشر منظومات عسكرية قرب حدود روسيا، قائلاً إنه "إذا انضمت أوكرانيا للناتو وأرادت ضم القرم، فإنه سيتم جر الدول الأوروبية لنزاع عسكري مع روسيا".
جهود دبلوماسية لتجنب المواجهة
تأتي الجهود الدبلوماسية الأوروبية وسط مخاوف متزايدة من أن روسيا تستعد لغزو أوكرانيا، إذ قدّرت الاستخبارات الأمريكية أن روسيا بات لديها فعلياً 70% من القوة اللازمة لتنفيذ غزو واسع النطاق لأوكرانيا، ويمكن أن تكون لديها القدرة الكافية، أي 150 ألف جندي، لتنفيذ هجوم خلال أسبوعين.
كذلك، حذّر المسؤولون الأمريكيون من أنه إذا قرر بوتين غزو أوكرانيا، فبإمكان قواته تطويق العاصمة الأوكرانية كييف وإطاحة الرئيس فولوديمير زيلينسكي في غضون 48 ساعة.
رغم ذلك، تحاول كييف التخفيف من المخاوف من إمكان حصول هجوم وشيك، وذلك في إطار سعيها إلى تجنب إلحاق أذى إضافي باقتصادها المتداعي.
في هذا الصدد، كتب وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا على تويتر: "لا تصدقوا التوقعات المدمرة. عواصم مختلفة لديها سيناريوهات مختلفة، لكن أوكرانيا مستعدة لأي تطور".
أضاف كوليبا أن "أوكرانيا لديها اليوم جيش قوي ودعم دولي غير مسبوق وإيمان الأوكرانيين ببلدهم. العدو يجب أن يخاف منا".
يُذكر أن الرئيس الأمريكي بايدن قرر إرسال قوات أمريكية لتعزيز قوات الأطلسي في أوروبا الشرقية، وأثارت هذه الخطوة غضب موسكو التي عرضت مطالب على الأطلسي لوقف توسعه والانسحاب من دول أعضاء تقع في أوروبا الشرقية.
لكن الولايات المتحدة أكدت أن الهدف من إرسال قواتها ليس "إشعال" حرب مع روسيا، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان إن "الرئيس كان واضحاً على مدى شهور لجهة أن الولايات المتحدة لا ترسل قوات من أجل إشعال حرب أو القتال في حرب ضد روسيا لبأوكرانيا".