قال موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، إن الخلاف الذي يعطل اختيار رئيس للعراق يخفي في طياته منافسة شرسة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، على مكاسب أخرى عنوانها محافظة كركوك الغنية بالنفط.
وقد فشل مجلس النواب، بالعاصمة العراقية، الإثنين، في انتخاب رئيس جديد للعراق، فيما ينخرط الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، في منافسة محمومة على المنصب، الذي لا يمكن أن يتولاه إلا كردي.
صراع من نوع آخر
فيما كشف القادة السياسيون الأكراد للموقع البريطاني أنَّ السيطرة على مركز النفط الشمالي في كركوك هي الجائزة النهائية غير المُعلَن عنها التي يتنافس عليها الخصوم.
ومنذ عام 2005، تشهد اتفاقية لتقاسم السلطة تولي الاتحاد الوطني الكردستاني رئاسة العراق، وتولي الحزب الديمقراطي الكردستاني تعيين رئيس إقليم كردستان شبه المستقل في العراق، وممارسة السلطة من مدينة أربيل، ولكن للمرة الثانية، يتجاهل الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا التوافق، وبدأ في التنافس بجدية على الرئاسة الفيدرالية.
هذه المرة، تحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني مع مقتدى الصدر، الرجل الشيعي المؤثر الذي خرجت حركته بفوز واضح في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ويبدو الآن أنَّ الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه فرصة جدية في انتزاع الرئاسة، بينما يبدو أنَّ موقف الاتحاد الوطني الكردستاني يزداد ضعفاً.
قادة سياسيون مقربون من بارزاني قالوا إن قيادة الحزب ليست مهتمة في الواقع بمنصب الرئيس الفيدرالي أكثر من أي شيء؛ بل هدفها الحقيقي هو استعادة السيطرة على منطقة كركوك المتنازع عليها.
فقد صرّح أحد كبار قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني المقرّب من بارزاني للموقع البريطاني Middle East Eye: "لسنا مهتمين في الواقع بالحصول على منصب رئيس فيدرالي. إنَّ تنافسنا على هذا المنصب خطوة تكتيكية للضغط على الاتحاد الوطني الكردستاني".
كما قال المسؤول في الحزب: "لدينا مطالب محددة. وإذا تعهد الاتحاد الوطني الكردستاني بتنفيذها فسوف نسحب مرشحينا ونترك لهم المنصب"، مضيفاً: "من يهتم بمنصب الرئيس؟ منصب محافظ كركوك أهم بالنسبة لنا من منصبي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب".
كركوك المتنازع عليها
محافظة كركوك، موطن خامس أكبر حقول احتياطي نفط في العالم، أهم وأكبر منطقة متنازع عليها بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة إقليم كردستان.
عقب 2014، استغلت السلطات الكردية فوضى غزو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وانهيار قوات الأمن الفيدرالية في إحكام سيطرتها على المحافظة.
لكن المحاولات الكردية اللاحقة للانفصال عن العراق، والتي بلغت ذروتها في استفتاء سبتمبر/أيلول 2017، أغضبت بغداد ودفعت حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي آنذاك، إلى قيادة حملة عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على المحافظة والمناطق المتنازع عليها الأخرى المجاورة. وأعيدت القوات الكردية مرة أخرى إلى حدودها المتفق عليها دستورياً.
وتعد كركوك مهمة للأكراد، حيث قال أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني للموقع البريطاني: "حقول كركوك النفطية مهمة، لكن هناك شيئاً أهم منها، كركوك هي أحد أهم مفاتيح تأمين أربيل".
وأضاف: "أربيل حالياً تحت رحمة الميليشيات الشيعية وداعش وإيران. وهي محاصرة من ثلاث جهات: إيران من الشرق، والمليشيات وداعش من الجنوب والشمال".
وتعرضت أربيل، عاصمة إقليم كردستان، لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة أربع مرات على الأقل خلال عام 2021، كان أبرزها في فبراير/شباط، عندما استهدف هجوم صاروخي قاعدة عسكرية أمريكية في مطار أربيل؛ مما أسفر عن مقتل مقاول مدني وإصابة تسعة أمريكيين.
وقال قيادي ثانٍ في الحزب الديمقراطي الكردستاني: "لا نعلم حالياً ما يحدث في كركوك وليست لدينا سيطرة عليها. أصبحت مرتعاً للميليشيات وعصابات تهريب المخدرات، وهذا يمثل تهديداً حقيقياً لأمن أربيل واستقرارها".
وأوضح هدفهم من المنافسة على منصب الرئاسة بالقول: "أبلغنا الاتحاد الوطني الكردستاني ضرورة إعطائنا تعهداً خطياً يضمن حصولنا على منصب محافظ كركوك وتفعيل المادة 140، وفي المقابل سنمنحهم منصب الرئيس".
وتكفُل المادة 140 من الدستور العراقي المشاركة الكردية في إدارة المناطق المتنازع عليها بين بغداد وحكومة إقليم كردستان حتى تسوية وضعها نهائياً.