فشل مجلس النواب العراقي، الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، في عقد الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد؛ إثر مقاطعة غالبية الكتل السياسية للجلسة نتيجة الخلافات بشأن المرشحين وتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك في خطوة من شأنها إطالة أمد الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
حيث قررت رئاسة المجلس (البرلمان)، وفق بيان، تحويل الجلسة إلى تداولية؛ لعدم توافر النصاب القانوني المطلوب لعدد الأعضاء الحاضرين لعقد جلسة قانونية لانتخاب رئيس الجمهورية.
من جهته، قال مصدر برلماني في تصريح لوكالة الأناضول، إن 58 نائباً فقط حضروا الجلسة من أصل 329، فيما لم تعلن رئاسة البرلمان حتى لحظة نشر الخبر، موعد الجلسة المقبلة الخاصة بانتخاب الرئيس.
مقاطعة الكتل السياسية
في حين يكتمل النصاب القانوني لعدد الأعضاء الحاضرين في حال حضر أغلبية الأعضاء (50%+1)، أي 165، إلا أن جلسة انتخاب الرئيس تتطلب حضور ثلثي الأعضاء (220) على الأقل لتحقيق النصاب.
سبق أن أعلنت غالبية الكتل البرلمانية مقاطعتها الجلسة؛ من أجل إتاحة مزيد من الوقت للمباحثات الرامية إلى احتواء الخلافات بشأن المرشحين للمناصب الرفيعة وتشكيل الحكومة المقبلة.
كما كان من بين أسباب تلك المقاطعة، احتجاج البعض على قرار المحكمة الاتحادية (أعلى سلطة قضائية) تعليق ترشح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري للرئاسة بسبب مزاعم فساد، وذلك بعدما أقام ضده أربعة نواب دعوى قضائية، وهم ثلاثة عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ونائب عن تحالف "الفتح".
إذ يطالب هؤلاء بإبطال ترشيح زيباري؛ مدَّعين أنه "لا يتمتع بالشروط الدستورية المطلوبة لشغل المنصب، وعلى رأسها النزاهة"، على اعتبار أن البرلمان استجوبه وسحب الثقة منه عندما كان وزيراً للمالية عام 2016.
والكتل التي أعلنت مسبقاً مقاطعتها لجلسة البرلمان، هي: "الكتلة الصدرية" (شيعية) التي تصدرت الانتخابات (73 مقعداً من أصل 329)، وتحالف "السيادة" (سني 71 مقعداً)، والحزب الديمقراطي الكردستاني (كردي 31 مقعداً)، والكتلة التركمانية (8 مقاعد).
فيما رحب "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى شيعية، في بيان، بمقاطعة الكتل الأخرى للجلسة من أجل استكمال المباحثات بين القوى السياسية.
"فراغ سياسي"
بدوره، أكد الخبير القانوني العراقي علي التميمي أن "الدستور العراقي ينص على استمرار رئيس الجمهورية (الحالي) في عمله كتصريف أعمال لحين انتخاب رئيس جديد"، لافتاً إلى أن "الحديث عن فراغ دستوري غير صحيح؛ لكون الموضوع مرتبطاً بالبرلمان، مما يعني أن عدم وجود السلطة التشريعية يعني الدخول بفراغ دستوري".
التميمي لفت إلى أن "ما يحصل الآن بالنسبة لتجاوز مدة انتخاب رئيس الجمهورية فراغ سياسي، وتفسيره يكمن بأن الطبقة السياسية غير قادرة على تحقيق بنود الدستور".
يذكر أن الدستور ينص على انتخاب رئيس جديد للعراق خلال مدةٍ أقصاها 30 يوماً من انعقاد أول جلسة للبرلمان المنتخب، وتنقضي المدة، الثلاثاء، باعتبار أن البرلمان عقد أولى جلساته في 9 يناير/كانون الثاني الماضي.
كان 25 مرشحاً قد تقدموا لشغل منصب الرئيس، إلا أن المنافسة تنحصر بين هوشيار زيباري مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والرئيس الحالي برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني (17 مقعداً) بزعامة بافل طالباني.
بموجب عرف سياسي مُتبع في العراق منذ 2006، فإن الأكراد يشغلون منصب رئيس الجمهورية، والسُّنة رئاسة البرلمان، والشيعة رئاسة الحكومة.
جدير بالذكر أن العراق يدخل عادةً مرحلة جمود سياسي على مدى شهور بعد كل انتخابات عامة؛ إذ تتنافس النخب السياسية على المناصب في الحكومة الجديدة. ويشعر العراقيون بخيبة أمل متزايدة من العملية السياسية ويتهمون جميع ساستهم تقريباً بالفساد.