أعرب سوريون عن صدمتهم بعدما اكتشفوا أنهم كانوا يعيشون بجوار المنزل، الذي كان يعيش به الزعيم السابق لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والذي قُتل في عملية أمريكية، دون أن يكونوا على علم بوجوده بجوارهم.
أبو إبراهيم الهاشمي القرشي كان يعيش في منزل آمن في بلدة أطمة الحدودية شمالي سوريا، إلى أن قُتل في عملية إنزال نفذتها قوات أمريكية يوم الخميس 3 فبراير/شباط 2022.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت الجمعة 4 فبراير/شباط 2022، إن المبنى الذي عاش فيه القرشي الذي وصفته بـ"الشبح"، يتألف من ثلاثة طوابق.
عبد الله أمين، أحد السكان المحليين، قال إنهم لم يروا وجه القرشي قط، وأضاف أن "الرجل الذي كان يعيش في الطابق السفلي رأيناه كثيراً. فقد كان لديه ورشة لإصلاح السيارات في المدينة وكان الناس يذهبون إليه".
والاعتقاد السائد بين السكان المحليين، الذي أيدته جزئياً مصادر أمنية في المنطقة، هو أن هذا الرجل الذي لم يُذكر اسمه كان مساعداً للقرشي، وكان ينقل إليه الرسائل من أشخاص وصلوا إلى أطمة.
يُعتقد كذلك أن وتيرة الرسائل قد ازدادت في أعقاب محاولة فرار عناصر من "داعش" من سجن الحسكة، وأن القرشي ساهم فيها وأنه كان يتلقى آخر المستجدات عن سيرها.
سكان البلدة الذين تحدثوا مع الصحيفة البريطانية، قالوا أيضاً إنه لم تظهر أي علامات على وجود غرباء في المدينة ولا أي إشارة إلى أن زعيم "داعش" كان مختبئاً بينهم، وقال عبد الله أمين، أحد سكان البلدة: "ما زلنا مصدومين. أنا أعيش قريباً من هذا المنزل ولم يكن لدي أدنى فكرة".
من جانبه، قال محمد محمود، وهو صاحب متجر بقالة في أطمة: "فكرة أن هذا الرجل كان يعيش هنا غريبة. فلم يظهر أي دليل على وجوده في المدينة. وتوجد نقاط تفتيش على ثلاث جهات من المدينة ولا أحد من المسلحين الذين يديرونها يحب داعش".
كذلك نقلت The Guardian عن مسؤول قالت إنه مطلع على عملية اغتيال القرشي، قوله إن زعيم "داعش" السابق "ترك عدة ثغرات أمنية. لكن أهمها كان في الآونة الأخيرة".
هذه النهاية العنيفة لزعيم "داعش" لم تلق ردود فعل قوية على الإنترنت بين أعضاء التنظيم، على عكس الضجة التي أعقبت وفاة سلفه أبو بكر البغدادي قبل عامين، لكنه أصبح حديث المدينة الحدودية.
كان القرشي قد أمضى عدة سنوات في سجن بوكا الأمريكي، جنوبي العراق، حيث عُرف عنه وشايته بمنافسيه لسجّانيه ليتخلص منهم.
كواليس قتل زعيم "داعش"
كانت أمريكا قد أعدت لعملية قتل الزعيم السابق لداعش منذ نهاية العام الماضي، فبحلول مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، كانت الاستخبارات الأمريكية قد تأكّدت من أنّ الرجل الذي يسكن الطابق العلوي من البناء في أطمة شمال سوريا ولم يغادر المبنى يوماً، ولا يخرج سوى للاستحمام على السطح، هو القرشي.
في غرفة العمليات في البيت الأبيض، تمّ إطلاع الرئيس جو بايدن على خياراته لشلّ حركة القرشي، أحد أهمّ المطلوبين في الولايات المتحدة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يقول المسؤولون الأمريكيون إنه كان بإمكانهم بسهولة أن يستخدموا صاروخاً دقيقاً لقتل القرشي بعد أن حدّدوا دائرة وجوده العام الماضي قبل تحديد موقعه بشكل أكثر دقّة.
لكن بحسب ما صرّح مسؤول أمريكي كبير للصحافيين، فإنّ بايدن اختار المسار الأخطر لتقليص إمكانية قتل المدنيين الذين يعيشون أيضاً في المنزل المكوّن من ثلاثة طوابق والواقع وسط أشجار زيتون بالقرب من الحدود التركية.
المسؤول قال إنّ الهجوم الذي شنّته وحدة كوماندوس في ساعة مبكرة من فجر الخميس 3 فبراير/شباط 2022 كان "معقداً بشكل لا يصدّق" نظراً لوجود العديد من المنازل المجاورة ووجود العديد من النساء والأطفال في المبنى.
في نهاية المطاف، عندما حاصرت القوات الخاصة الأمريكية المنزل وطلبت من جميع من بداخله الخروج، فجّر القرشي نفسه مع زوجته وطفليه- وهي نتيجة كان الأمريكيون يستعدّون لها لكنّهم كانوا يأملون ألا تحصل.
قذف الانفجار "الهائل" العديد من الأشخاص من المبنى بمن فيهم القرشي، الذي عُثر عليه ميتاً على الأرض خارج المنزل، على حدّ تعبير الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية.