قال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس جو بايدن تعتقد أن إيران حققت تقدماً ملحوظاً في برنامجها النووي إلى حدٍّ باتت معه أي عودة إلى الاتفاق النووي تجعل إيران قادرة على تكديس الكمية الكافية من الوقود النووي لصنع قنبلة، أو تجاوز ما يُعرف بفترة "الاختراق النووي"، في أقل بكثير من عام واحد، وهو إطار زمني أقصر من الإطار الذي استند إليه الاتفاق النووي في عام 2015، طبقاً لما أوردته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الخميس 3 فبراير/شباط 2022.
فقد خلص مسؤولو إدارة بايدن، في أواخر العام الماضي، إلى أن إيران قطعت شوطاً بعيداً جداً في برنامجها النووي، وأن الاتفاق النووي سيمنح طهران القدرة على تخزين وقود كافٍ لصنع قنبلة نووية، مطالبين بضرورة التوصل إلى اتفاق معدِّل قريباً، لإتاحة الوقت الكافي للولايات المتحدة وحلفائها للرد على التعزيز النووي الإيراني.
فيما يشير مصطلح "الاختراق النووي" في النقاشات المرتبطة ببرنامج إيران النووي، إلى الفترة الزمنية التي قد تحوز فيها إيران القدرة على تصنيع أسلحة نووية قبل أن تردعها الضغوط الدبلوماسية أو التحركات العسكرية، ويعرِّفها بعض الخبراء بأنها المرحلة التي تستغرقها طهران ليصبح لديها ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج قنبلة نووية.
بحسب صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، يتوقف المدى الزمني لفترة الاختراق النووي على الخطوات الدقيقة التي ستوافق إيران على اتخاذها لتفكيك مخزونها من اليورانيوم المخصَّب، أو شحنه إلى الخارج، أو تدميره، أو وضع مخزونها من اليورانيوم المخصب وآلات إنتاج الوقود النووي وقدرات تصنيع أجهزة الطرد المركزي تحت الإغلاق المراقَب والوصاية.
شكوك أمريكية
إلا أن هذا النقص في فترة الاختراق يثير شكوكاً أمريكية جديدة في قدرة إدارة بايدن على التفاوض من أجل ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بصفقة أطول أمداً وأقوى إحكاماً على نحو يُفضي إلى كبح المسار الإيراني نحو الأسلحة النووية، وينال الدعم السياسي في واشنطن وبين الحلفاء الأوروبيين.
لكن على الرغم من هذا التغير، فإن الولايات المتحدة ما زالت تمضي قدماً في المحادثات النووية؛ فبعد توقف استمر 5 أشهر، استأنفت الدول الكبرى في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، المفاوضات النووية مع إيران بفيينا في جولتها السابعة بهدف العودة للاتفاق الذي تم التوصل له عام 2015.
حيث أجريت 6 جولات من المحادثات بين إيران والقوى الدولية الكبرى بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2021، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن قبل 3 أعوام.
تلك المفاوضات، التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى عودة الولايات المتحدة للاتفاق الذي انسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في مايو/أيار 2018، بدعوى أن الاتفاق لم يكن صارماً بما فيه الكفاية، وأعادت فرض عقوبات مشددة على إيران؛ لدفعها إلى الالتزام بتعهداتها الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي.
من جهته، رفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليقَ على ما أوردته صحيفة WSJ من تفاصيل بشأن التقييمات الأمريكية لفترة الاختراق النووي الإيراني، وقال إن الإدارة واثقة بأن الصفقة "ستستجيب لمخاوفنا المُلحة بشأن منع الانتشار النووي".
المتحدث استطرد قائلاً: "كما قلنا، ليس أمامنا إلا أسابيع قليلة للتوصل إلى تفاهم، وإلا فإن وتيرة التقدم الذي ستبلغها إيران في برنامجها النووي ستجعل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مستحيلة".
فترة الاختراق النووي
كانت فترة الاختراق النووي المتَّفق على كونها 12 شهراً أحد المبادئ الأساسية لاتفاق عام 2015 الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وقوى أخرى، على الرغم من عدم النص عليها صراحةً في الاتفاقية. واستند تحديد تلك الفترة إلى تحليلات، مفادها أنه حتى لو ألغت إيران القيود التي فرضها الاتفاق، فإنها تظل في حاجة إلى عام كامل للوصول إلى الوقود الكافي لإنتاج قنبلة نووية واحدة، وهو ما يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها وقتاً للرد.
لكن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى أن إيران زادت من وتيرة التقدم في برنامجها النووي، حتى قلَّصت فترة الاختراق النووي إلى بضعة أسابيع فقط.
يأتي ذلك في الوقت الذي عملت فيه طهران حثيثاً على تحسين إتقانها لبناء أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وتركيبها وتشغيلها، وهي أجهزة يمكن أن تنتج اليورانيوم المخصب إنتاجاً أسرع بكثير مما كانت عليه أجهزة الجيل الأول من الآلات المسموح به بموجب اتفاق 2015. وقد تمكنت بالفعل من تركيب المئات من هذه الآلات الحديثة في منشآتها النووية.
فيما يحذّر بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين من أن أي اتفاق نووي معدَّل يُتَّفق فيه على فترة اختراق نووي تقل عن 6 أشهر ربما يُضعف قدرة واشنطن على الرد على أي تكثيف مفاجئ لبرنامج إيران النووي.
سيناريوهات مختلفة
كما لفت المسؤولون المطلعون على الأمر إلى أن مسؤولي الإدارة الأمريكية أجروا مداولات داخلية في الخريف الماضي؛ للبحث في تقديرات فترة الاختراق في ظل سيناريوهات مختلفة، مؤكدين أن تلك المناقشات خلصت إلى أن فترة الاختراق في أي صفقة واقعية بالظروف الحالية ستكون أقل بكثير من 12 شهراً.
في حين تختلف فترة الاختراق النووي عن المدة التي تستغرقها إيران للحصول على سلاح نووي، لأنه وكما يذهب مسؤولون غربيون، فإن إيران لم تتقن بعدُ جميع المهارات اللازمة لبناء قلب القنبلة النووية أو إرفاق رأس حربي بصاروخ نووي.
بدورها، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الإثنين 31 يناير/كانون الثاني، إن إيران أبلغتها أنها نقلت إنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي إلى مدينة أصفهان بدلاً من ورشة في كرج تعرضت لعملية تخريب فيما يبدو.
جاء ذلك بعد شهر من انتهاء الخلاف بين إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة حول إعادة تركيب الكاميرات في ورشة مكونات أجهزة الطرد المركزي في كرج.
وقالت وكالة الطاقة الذرية، في بيان، إن مفتشي الوكالة ركبوا كاميرات مراقبة في أصفهان يوم 24 يناير/كانون الثاني، وإن إنتاج المكونات هناك لم يبدأ في ذلك الوقت.