170 برلمانياً أوروبياً يوجهون خطاباً لحكوماتهم حول مصر.. طالبوا بوضع آلية لرصد انتهاكات نظام السيسي

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/03 الساعة 20:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/03 الساعة 21:02 بتوقيت غرينتش
عناصر من الشرطة المصرية/ رويترز

في خطاب جماعي، يوم الخميس 3 فبراير/شباط 2022، وجَّه أكثر من 170 برلمانياً أوروبياً، في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك وفنلندا والبرلمان الأوروبي، نداء إلى حكومات بلادهم ودول العالم بالكف عن التغاضي عما وصفوها بالانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في مصر.

البرلمانيون الأوروبيون وفي خطاب رسمي، طالبوا حكومات بلادهم بتبني قرار في مجلس حقوق الإنسان الأممي بإنشاء آلية خاصة لمراقبة الوضع الحقوقي بمصر، في جلسته القادمة في مارس/آذار 2022.

خطاب البرلمانيين الأوروبيين

جاء في الخطاب: "نكتب إليكم، نحن أعضاء البرلمانات الموقعين أدناه، لنحثَّكم على تأمين وضع آلية مراقبة وإبلاغ عن حقوق الإنسان في مصر بإشرافٍ من الأمم المتحدة، من أجل اتخاذ إجراءٍ حاسم في هذا الصدد خلال الجلسة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس/آذار 2020 ،حسبما نشر موقع jcoetjen الألماني يوم الخميس 3 فبراير/ شباط 2022.

كذلك، أضاف البيان: "نشعر بقلقٍ شديد إزاء الفشل المتواصل للمجتمع الدولي في اتخاذ أي إجراءٍ هادف يتطرق إلى أزمة حقوق الإنسان المصرية. حيث إنّ هذا الفشل، والدعم المتواصل للحكومة المصرية والتقاعس حتى عن ذكر الانتهاكات المتفشية، لم يُفضِ إلا إلى تعميق إحساس السلطات المصرية بالإفلات من العقاب".

حكم مصر بقبضة من حديد

كما قال الخطاب، إنه منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في عام 2013، حكمت السلطات المصرية البلاد بقبضةٍ من حديد، وقمعت بوحشيةٍ ومنهجيةٍ كل أشكال المعارضة، وقلصت الساحة المدنية بشدة. 

كما اعتقلت السلطات المصرية آلاف المعارضين المفترضين بشكلٍ تعسفي، وضمنهم عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمحامين، والنشطاء السلميين، وساسة المعارضة، ويجري احتجاز العديد منهم احتياطياً لأجلٍ غير مسمى، أو يقضون أحكاماً بالسجن صدرت في أعقاب محاكمات غير منصفة على الإطلاق، سواء داخل المحاكم العسكرية أو محاكم الطوارئ التي لا يمكن الاستئناف على أحكامها. بينما يتعرض المفرج عنهم لإجراءات تعسفية خارج نطاق القضاء، على يد ضباط جهاز الأمن الوطني، بهدف قمع أي نشاطٍ سياسي أو حقوقي، وفق وصف الخطاب.

يأتي كل هذا ضمن سياق التعذيب المتفشي على أيدي ضباط الشرطة والأمن الوطني، والذي وصفته لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة والمنظمات الأهلية بأنه سلوكٌ منهجيٌّ بالبلاد. في حين أودت ظروف السجون المزرية وسيئة السمعة في مصر بحياة العشرات منذ عام 2013، ومن بينهم الرئيس الراحل مرسي وصانع الأفلام شادي حبش، وفق خطاب البرلمانيين الاوربيين.

عمل منظمات حقوق الإنسان 

الخطاب قال أيضاً إن منظمات حقوق الإنسان المستقلة القليلة التي ما تزال في مصر، تعمل وسط مخاطرةٍ كبيرة. إذ يجري تقييد أنشطتها بشدة بواسطة قانون المنظمات غير الحكومية القمعي، وقرارات حظر السفر، وتجميد الأصول، والمضايقات المتواصلة من الأجهزة الأمنية والجهات المؤسسية الأخرى. وفي خضم القيود والترهيب الشديدين، تواصل المنظمات الدولية توثيق مجموعةٍ واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان بواسطة السلطات المصرية. وهذا يشمل الإخفاءات القسرية، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاعتقال التعسفي للنساء على أسس "أخلاقية"، ومحاكمة الأطفال مع الكبار على سبيل المثال وليس الحصر.

أضاف الخطاب: "علاوةً على أن مصر صارت الدولة الثالثة على العالم في عام 2020 من حيث عدد أحكام الإعدام التي تم تنفيذها، بـ107 حالات إعدام مسجلة. وفي عام 2021، تتواصل موجة الإعدامات بـ83 إعداماً حتى الآن على الأقل، ومن بينها إعدامات بموجب محاكمات غير منصفة على الإطلاق".

الصورة المدمرة لحقوق الإنسان 

لكن وبرغم الصورة المدمرة، كان رد فعل المجتمع الدولي مقصوراً إلى حدٍّ كبير على الإدلاء بتصريحاتِ قلقٍ نادرة في المناسبات أمام مجلس حقوق الإنسان. وعادةً ما تبدأ تلك التصريحات بالعرفان بدور مصر في الأمن، والاستقرار، وإدارة ملف الهجرة الإقليمي. وهي المخاوف التي يبدو أن الأطراف الدولية تمنحها أهميةً أكبر من -وربما على حساب- الحقوق الأساسية للناس في مصر، الأمر الذي يمثل فصلاً مضللاً بين الاستقرار وحقوق الإنسان، وهو ما نرفضه بأقوى العبارات الممكنة. وبالمثل، عادةً ما كانت التصريحات العلنية من المسؤولين تُثني على الحكومة بأي ثمن خلال الزيارات رفيعة المستوى والاجتماعات الثنائية"، كما قال خطاب البرلمانيين الأوروبيين.

أضاف الخطاب كذلك: "لاحظنا بعض الخطوات المتواضعة التي اتخذتها أو أعلنت عنها السلطات المصرية مؤخراً، لكننا نأسف لأن تلك الخطوات لا تمثل سوى محاولة لتبييض سجلها المخزي في مجال حقوق الإنسان، كما من المستبعد أن تؤدي إلى أي تأثيرٍ بارز على أزمة حقوق الإنسان في مصر".

تابع أن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في مصر صيغت بطريقةٍ تفتقر إلى الشفافية ودون التشاور مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة. كما تتغاضى عن مخاوف سابقة وحالية خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان مثل الاعتقال التعسفي المطول للنقاد السلميين، والإخفاءات القسرية، والتعذيب داخل مقار الاحتجاز. فضلاً عن فشلها في تحديد خطوات ملموسة لمساءلة مرتكبي تلك الانتهاكات. بينما تُلقي الاستراتيجية باللوم في أزمة حقوق الإنسان على وعي الشعب المصري، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني.

بعد رفع حالة الطوارئ، مرّر البرلمان المصري سلسلةً من الأحكام الشبيهة بقانون الطورائ؛ لتوسيع نطاق اختصاص المحاكم العسكرية حتى تشمل المدنيين، ولزيادة تقويض الحق في الوصول إلى المعلومات؛ مما أدى إلى ترسيخ حالة الطوارئ في القانون المصري بشكلٍ دائمٍ أكثر لتصير أمراً واقعاً.

كما أنّ قرار الإفراج الأخير عن السجناء لتقليل ازدحام السجون لم يشمل المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، وهم كُثر.

خطوات تجميلية 

فيما تُشير هذه التطورات الصغيرة -وإن كانت تجميليةً في مجملها- إلى حساسية السلطات المصرية للضغط الدولي، خاصةً أنها تأتي في أعقاب البيان الإقليمي الصادر حول مصر في مارس/آذار عام 2021 بقيادة فنلندا، أمام مجلس حقوق الإنسان. ومن اللافت للنظر أنه البيان الثاني من نوعه فقط منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة رغم الانتهاكات المستمرة، وواسعة النطاق، والمنهجية التي ترتكبها حكومته. بينما فشل البيان الأول الصادر عام 2014، في إحداث تغييرٍ دائم على وضع حقوق الإنسان بالبلاد، ويرجع ذلك أيضاً إلى نقص المتابعة الجماعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. لكن هذا يجب أن لا يتكرر ثانية، حسب خطاب البرلمانيين الاوربيين.

ختم البرلمانيون خطابهم بالقول: "يجب ألا يظل البيان المشترك الصادر في مارس/آذار عام 2021، بمثابة لفتةٍ فردية. بل نحثكم على زيادة تواصلكم مع الدول الأعضاء بهدف كسب الزخم اللازم داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك من أجل وضع آلية الرقابة والإبلاغ التي تأخرت كثيراً في ما يتعلق بمصر":

أفراد من الشرطة المصرية
أفراد من الشرطة المصرية

كما يجب "زيادة الضغط على السلطات المصرية بشكلٍ كبير من خلال العلاقات الثنائية، وذلك من أجل التطرق بشكل حازم إلى أزمة حقوق الإنسان المصرية وإحراز تقدمٍ هادف"، وفق بيان البرلمانيين الاوربيين 

يذكر أن ممن ذكرت أسماؤهم في الخطاب الموجه الى الحكومات الأوروبية، جان كريستوف أويتجين عضو البرلمان الأوروبي، وجيرمي كوربين عضو مجلس العموم البريطاني، وديفيد حبيب، عضو الجمعية الوطنية الفرنسية، واللورد ريتشارد هارييس عضو مجلس اللوردات البريطاني، وتوني لويد عضو مجلس العموم البريطاني وآخرين.

تحميل المزيد